سليمان الجوسقي
تاريخ الوفاة | 1214 هـ |
نبذة
الترجمة
الشيخ سليمان الجوسقي شيخ طائفة العميان بزاويتهم المعروفة بالشنواني
العمدة الشهير، والنخبة النحرير، تولى شيخاً على العميان بعد وفاة الشيخ الشبراوي، وسار فيهم بشهامة وصرامة وجبروت، وجمع بجاههم أموالاً عظيمة وعقارات، فكان يشتري غلال المستحقين المعطلة، ويخرج كشوفاتها وتحاويلها على الملتزمين، ويطالبهم بها كيلاً وعيناً، ومن عصى عليه أرسل إليه الجيوش الكثيرة من العميان، فلا يجد بداً من الدفع وإن كانت غلاله معطلة، صالحه بما أحب من الثمن. وله أعوان يرسلهم إلى الملتزمين بالجهة القبلية يأتون إليه بالسفن المشحونة بالغلال والمعاوضات من السمن والعسل والسكر والزيت وغير ذلك، ويبيعها في سني الغلا بأقصى القيمة، ويطحن منها على طواحينه دقيقاً ويبيع خلاصته، ويعجن نخالته خبز الفقراء العميان، يتقوتون به مع ما يجمعونه من السؤال في طوافهم آناء الليل وأطراف النهار بالأسواق والأزقة، وتغنيهم بالمدائح والخرافات، وقراءة القرآن بالبيوت ومساطب الشوارع، وغير ذلك، ومن مات منهم ورثه الشيخ المترجم المذكور، وأحرز لنفسه ما جمعه ذلك الميت، وفيهم من وجد له مال عظيم، ولا يجد لنفسه معارضاً في ذلك. واتفق أن الشيخ الحنفي نقم عليه في شيء فأرسل إليه من أحضره موثوقاً مكشوف الرأس مضروباً بالنعال على دماغه وقفاه من بيته إلى بيت الشيخ، ولما انقضت تلك السنون وأهلها صار المترجم من أعيان الصدور المشار إليهم في المجالس تخشى سطوته، وتسمع كلمته، ويقال قال الشيخ كذا، وأمر الشيخ بكذا، وصار يلبس الملابس الفاخرة والفراوي ويركب البغال وأتباعه محدقون به من كل جانب، وتزوج الكثير من النساء الجميلات الغنيات، واشترى السراري البيض والحبش السود، وكان يقرض الأكابر المقادير الكثيرة من الأموال ليكون له عليهم الفضل والمنة.
ولم يزل حتى حمله التفاخر في أيام الفرنسيس على المداخلة في الفتنة والرئاسة مع من ترأس، وقتل فيمن قتل في القلعة ولم يعلم له قبر، وكان ذلك في سنة أربع عشرة ومائتين وألف رحمه الله تعالى.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.