الشيخ سعيد بن عبد الكريم الأنصاري المدني رحمه الله تعالى
هو من عقد اللآلئ الثمينة، في أعيان المدينة، فقال مؤلفه، ومجيده ومصنفه: فاضل أطلق في العلم لسانه، واتخذ الفضل عنوانه، وحاز الفضائل بحسن همة، وجعل الآداب لها تتمة، فأبدى نظماً هو الدر إلا أنه المنضود في النحور، والزهر إلا أنه الخضل الممطور، وهو أكبر إخوته، وكبير ثلته، فإنهم أربعة إخوة نشأوا من الحسب والمكارم في أعلى ربوة، ثلاثة منهم لهم في النظم يد، وواحد منهم لم يكن له فيه صدد، فمن نظم صاحب الترجمة البارع في كناية البيان وصريحه، قوله في مدح سيدنا عثمان بن عفان كتبها على تأبيته في ضريحه:
لعثمان ذي النورين تفدى الجوانح ... وتسعى إليه العارفون الجحاجح
ألا كيف لا تسعى وقد حاز رفعة ... لها الشرف العالي مدى الدهر راجح
سليل ذوي المجد الرفيع مكانة ... به يتقى والحادثات فوادح
فإن كان مجد الصاحبين محققاً ... فمجد أبي عمرو له الفضل شارح
لقد بايع المختار عنه بنفسه ... مبايعة فيها الكماة كوالح
وجهز جيش المسلمين بماله ... وأوقف بئراً تنتحيها الموائح
وقد أنزلت فيه أمن هو قانت ... يقوم الدياجي والدموع سواقح
وبشر بالبلوى ففوض أمره ... فوافته بالدار الرزايا النواطح
وأضحى شهيداً في الجنان منعماً ... له الحور تجلى قد علته الوشايح
همام أمير المؤمنين قد استحت ... ملائكة الرحمن منه وصالح
وأثنى عليه الهاشمي ببذله ... تليداً معّداً قد حبته المرابح
وزوجه بنتاً له ثم بعدها ... حباه بأخرى نشرها ثم فايح
وهاجر حباً مرتين فأخصبت ... سنون وسالت من نداه الأباطح
فيا ثالث الأصحاب أنت وسيلتي ... ويا جامع القرآن جودك مانح
وهاكم قريضاً فوق تأبيتكم زهى ... على الروض فيه المطربات صوادح
وكالنور نوراً بل يزيد وضاءة ... وحسناً له بين الأنام مدايح
فمع غاية المجد المؤثل قد أتى ... لتاريخه شطر من الشعر واضح
يقولون زوار الضريح إذا أتوا ... أيا حسن تأبيت له الله مانح
قد توفي في أوائل القرن الثالث عشر رحمه الله تعالى.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.