علي بن عبد الله النميري الششتري أبي الحسن
تاريخ الولادة | 610 هـ |
تاريخ الوفاة | 668 هـ |
العمر | 58 سنة |
مكان الوفاة | دمياط - مصر |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
علي بن عبد الله النميري الششتري
عروس الفقراء، وأمير المتجرّدين، وبركة الأندلس، لابس العباءة الخرقة، أبو الحسن. من أهل ششتر، قرية من عمل وادي آش، معروفة، وزقاق الشّشتري معروف بها. وكان مجوّدا للقرآن، قائما عليه، عارفا بمعانيه، من أهل العلم والعمل.
حاله: قال شيخنا أبو عثمان بن ليون في صدور تهذيبه لرسالته العلمية: الإمام الصّوفي المتجرّد، جال البلاد والآفاق، ولقي المشايخ، وسكن الرّبط، وحجّ حجّات، وآثر التجرّد والعبادة. وذكره القاضي أبو العباس الغبريني، قاضي بجاية، في كتابه المسمّى عنوان الدّراية فيمن عرف في المائة السابعة بمدينة بجاية، وقال: الفقيه الصوفي الصالح العابد، أبو الحسن الشّشتري من الطلبة المحصّلين، والفقراء المنقطعين، له علم وعمل بالحكمة، ومعرفة بطريق الصوفية، وله تقدم في النظم والنثر، على طريقة التحقيق. وأشعاره في ذلك، وتواشيحه ومقفّياته وأزجاله، غاية في الانطباع. وكان كثيرا ما يجوّد عليه القرآن. ونظمه في التحقيق كثير.
مشيخته: أخذ عن القاضي محيي الدين أبي القاسم محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة الأنصاري الشاطبي، وعن غيره من أصحاب السّهروردي صاحب العوارف والمعارف. واجتمع بالنّجم بن إسرايل الدّمشقي الفقير سنة خمس وستمائة.
قال: ألفيته على قدم التجرد، وله أشعار وأذواق في طريق القوم، وكان من الأمراء وأولاد الأمراء، فصار من الفقراء وأولاد الفقراء، وخدم أبا محمد بن سبعين، وتلمذ له. وكان الشيخ أبو محمد دونه في السّن، لكن استمرّ باتّباعه، وعوّل على ما لديه، حتى صار يعبر عن نفسه في منظوماته وغيرها، بعبد الحق بن سبعين، وبه استدل أصحاب أبي محمد على فضله. ويقال: إنه لما لقيه يريد المشايخ، إن كنت تريد الجنة، فصر إلى الشيخ أبي مدين، وإن كنت تريد ربّ الجنة فهلم. ولما مات الشيخ أبو محمد، انفرد بعده بالرياسة والإمامة على الفقراء والمتجرّدين والسّفّارة، وكان يتبعه في أسفاره ما ينيف على أربعمائة فقير، فيقسّمهم الترتيب في وظايف خدمته.
كراماته: قالوا: نادى يوما، وهو مع أصحابه في برّية، يا أحمد، فقال أحدهم: ومن هذا، فقال تسرّون به غدا. فلما وردوا من الغد قابس، وجدوا أحمد قد جاء من الأسر، فقال: صافحوا أخاكم المنادى بالأمس. قالوا: ودخل عليه ببجاية أبو الحسن بن علّال من أمنائها، وهو يذكر في العلم، فأعجبته طريقته، فنوى أن يؤثر الفقراء من ماله بعشرين دنيرا. ثم ساق شطرها، وحبس الباقي ليزوّدهم به، فرأى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، في النّوم، ومعه أبو بكر وعمر، فقال: ادع لي يا رسول الله، فقال لأبي بكر: أعطه، فأعطاه نصف رغيف كان بيده، فقال له الشيخ في الغد: لو أتيت بالكل، لأخذت الرغيف كله.
تواليفه: له كتاب «العروة الوثقى في بيان السنن وإحصاء العلوم» . وما يجب على المسلم أن يعمله ويعتقده إلى وفاته. وله «المقاليد الوجودية في أسرار إشارات الصوفية» . وله الرسالة القدسية في توحيد العامة والخاصة. والمراتب الإيمانية والإسلامية والإحسانية. والرسالة العلمية، وغير ذلك.
دخوله غرناطة: دخلها ونزل برابطة العقاب، وتكرّر إليها، إذ بلده من عمالتها.
شعره: من ذلك قوله : [الطويل]
لقد تهت عجبا بالتّجرّد والفقر ... فلم أندرج تحت الزمان ولا الدّهر
وجاءت لقلبي نفحة قدسيّة ... فغبت بها عن عالم الخلق والأمر
طويت بساط الكون والطّيّ نشره ... وما القصد إلّا الترك للطّيّ والنّشر
وغمّضت عين القلب عن غير مطلق ... فألفيتني ذاك الملقّب بالغير
وصلت لمن لم تنفصل عنه لحظة ... ونزّهت من أعني من الوصل والهجر
وما الوصف إلّا دونه غير أنني ... أريد به التشبيه عن بعض ما أدري
وذلك مثل الصوت أيقظ نائما ... فأبصر أمرا جلّ عن ضابط الحصر
نقلت له الأسماء تبغي بيانه ... فكانت له الألفاظ سترا على ستر
ومن شعره أيضا قوله في الغرض المذكور : [الكامل]
من لامني لو أنه قد أبصرا ... ما ذقته أضحى به متحيّرا
وغدا يقول لصحبه إن أنتم ... أنكرتم ما بي أتيتم منكرا
شذّت أمور القوم عن عاداتهم ... فلأجل ذاك يقال: سحر مفترى
ومن شعره القصيدة الشهيرة ولها حكاية : [الطويل]
أرى طالبا منّا الزيادة لا الحسنى ... بفكر رمى سهما فعدّى به عدنا
وطالبنا مطلوبنا من وجودنا ... يغيب به عنّا لدى الصّعق إن عنّا
تركنا حظوظا من حضيض لحوطنا ... إلى المقصد الأقصى إلى المقصد الأسنى
ولم نلف كون الكون إلّا توهّما ... وليس بشيء ثابت هاك ألفينا
فرفض السّوا فرض علينا لأننا ... أناس بمحو الشّرك والشرك قد دنا
ولكنما كيف السبيل لرفضه ... ورافضه المرفوض نحن وما كنّا؟
فيا قابلا بالوصل والوقفة التي ... حجبت بها اسمع وارعوي مثل ما أبنا
تبدّت لك الأوهام لمّا تداخلت ... عليك ونور العقل أورثك الشّجنا
وسمّت بأنوار فهمنا أصولها ... ومنبعها من أين كان فما سمنا
وقد تحجب الأنوار للعقل مثل ما ... تبعّد من إظلام نفس حوت ظعنا
وأنّى دجال في القضيّة يدّعي ... وأكمل من في الناس من صدع الأمنا
فلو كان سرّ الله يلحق هكذا ... لقال لنا الجمهور: ها نحن ما خبنا
وكم دونه من فتنة وبليّة ... وكم بهمة من قبل ذلك قد جبنا
وكل مقام لا تقم فيه إنه ... حجاب فجدّ السّير واستنجد العونا
ولا تلتفت في السّير إذ كلّ ما به ... سوى الله غير فاتخذ ذكره حصنا
ومهما ترى كل المراتب تجتلى ... عليك فحل عنها فعن مثلها حلنا
وقل: ليس لي في غير ذلك مطلب ... فلا صورة تجلى ولا طرفة تجنى
وسر نحو أعلام اليمين فإنها ... سبيل بها يمن فلا تترك اليمنا
أمامك هول فاستمع لوصيّتي ... عقال من العقل الذي منه قد تبنا
إمام الورى بالمشكلات وقبلهم ... بأوهامه قد أهلك الخرّ والبنّاء
محجّتنا قطع الحجا وهو حجّنا ... وحجّتنا شلوه ها بها همنا
يثبّتنا عند الصعود لأنه ... يودّ لأنّا للصّعيد قد اخلدنا
تلوح لنا الأطواق منه ثلاثة ... كراء وهارب ورؤية ما قلنا
ويظهر باسم السّرّ والنفس مدبرا ... وعقلا وخيرا مقبلا عندما يدنى
ولوح إذا لاحت سطور كتابنا ... له فيه وهو النّون فالقلم الأدنى
وعرش وكرسيّ وبرج وكوكب ... وحشي لجسم الكل في وصفه حرنا
تمرّ خطوط الذهن عند التفاتنا ... أحاطته للقصوى التي فيه أحضرنا
مقطّعه الأزمان للدهر مثل ... يكيّف للأجسام من نحلة أينا
أقام دوين الدهر مدرة ذاته ... ونحن ونفس الكل في بحره عمنا
وفتّق للأملاك جوهره الذي ... يشكّله سرّ الحروف فحرّفنا
يفرّق مجموع القضيّة ظاهرا ... ويجمع فرقا من تداخله فزنا
وعدّد شيئا لم يكن غير واحد ... بألفاظ أسمائها شتّت المعنى
ويعرج والمعراج منه ذواته ... لتطويره العلويّ بالوسم أسرينا
ليفلل سفليّا ويوهم أنه ... لسفليّه المجهول بالذات أسبطنا
يقدّر خصلا بعد وصل لذاته ... وفرض مسافات يجدّ لها الذّهنا
يحلّ لها طور المغبّة شكله ... وإن لمعت فيه فيلحقه المفنا
ويلحقه بالشّرط من مثنويّة ... يلوح بها وهو الملوّح والمبنى
فنحن كدود القزّ يحصرنا الذي ... صنعنا بدفع الحصر سجنا لنا منّا
فكم واقف أردى وكم سائر هذا ... وكم حكمة أبدى وكم مملق أغنى!
وتيّم أرباب الهرامس كلّهم ... وحسبك من سقراط أسكنه الدّنا
وجرّد أمثال العوالم كلها ... وأبدى لأفلاطون في المثل الحسنا
وهام أرسطو أن مشى من هيامه ... وبثّ الذي ألقى إليه وما ضنّا
فكان لذي القرنين عونا على الذي ... تبدّى به وهو الذي طليه العينا
ويفحص عن أسباب ما قد سمعتم ... وبالبحث غطّى العين إذ ردّه عينا
وذوّق للحلّاج طعم اتّحاده ... فقال لنا: من لا يحبّط به معنى
فقال له ارجع عن مقالك قال: لا ... شربت مداما كلّ من ذاقها غنّى
وأنطق للشّبليّ بالوحدة التي ... أشار بها لمّا محا عنده الكونا
أقام لذات الصّغريين لنا حولا ... يخاطب بالتّوحيد إذ ردّه خدنا
وكان خطا بابين ذاتين من يكن ... فقيرا يرى البحر فيه قد عمنا
فأصمت للحسنيّ تجريد خلقه ... مع الأمر إذ صحّت فصاحته لكنا
تثنّى قضيب البان من سكر خمره ... وكان كمثل العمر لكنه ثنّى
وقد شذّ بالشّوذيّ عن ثوبه فلم ... يمل نحو أحواز ولا سكن الدّنا
وأصبح فيه السّهرورديّ حائرا ... يصيخ لما يلقى الوجود له أذنا
بعمر علي بن الفارض الناظم الذي ... تجرّد للأسفار إذ سهّل الحزنا
ولابن قسيّ خلع نعلي وجوب ... وليس أخا طلب من المجد قد تبنا
أقام على ساق المسرّة نحله ... لمن زمن الأسرار فاستمطر المزنا
ولاح سنا برق من القرب للسّنا ... لنجل ابن سينا للذي ظنّ ما ظنّا
وقد قلّد الطّوسي بما قد ذكرته ... ولكنه نحو التصوف قد حنّا
ولابن طفيل وابن رشد تيقّظ ... رسالة يقظان اقتضت فتحه الجفنا
كسا لشعيب ثوب جمع لذاته ... فجرّ على حسّاده الذّيل والودنا
وقد طوّق الطائي بسبط كنانه ... بدسكرة الخلّاع إذ ذبّنا الوهنا
تسمّى برفع الروح صبرا ولم ... يبل ما يهزّ في المقام ولا قرنا
وباح به نجل الحرائيّ عندما ... رأى كتمه ضعفا وتلويحه غينا
وللأمويّ النظم والنثر في الذي ... ذكرنا وإعراب كما عنه أعربنا
وأظهر منه الغافقيّ لما خفى ... وكشّف عن أطواره الغيم والدّجنا
وبيّن أسرار العبودية التي ... عن اعرابها لم ترفع اللّبس واللّحنا
كشفنا غطاء من تداخل سرّها ... فأصبح ظهرا ما رأيتم له بطنا
هوانا لدين الحقّ من قد تولّهت ... إلى قربة ألبابنا وله هدنا
فمن كان يبغي السّير للجانب الذي ... تقدّس لازبا فلا تأخذوا عنّا
وهذه القصيدة غريبة المنزع، وإن لم تخل عن شذوذ من جهة اللّسان، وضعف في الصناعة، أشار فيها إلى مراتب الأعلام من أهل هذه الطريقة، وكأنها مبنية على كلام شيخه الذي خاطبه به عند لقائه حسبما قدمنا، إذ الحسنى الجنّة، والزيادة مقام النظر، فقوله: أرى طالبا منّا الزّيادة لا الحسنى، إشارة إلى ذلك، والله أعلم.
والغافقي الذي ختم به هو شيخنا أبو محمد، وهو مرسي الأصل غافقية، رحم الله جميعهم، ونفعنا بأولي الحظوة لديه.
نثره: وكلامه حسن، ومقاصده غريبة، رضي الله عنه، ونفع به. كتب إليه الشيخ الصوفي أبو علي بن تادررت، لمّا سافر ولم يودّعه، وكان قد قال له: أغيب عنكم أياما قلائل، وأعود إن شاء الله، فأبطأ عنه:
بسم الله الرحمن الرحيم، الله وحده فقط ليس إلّا وصلواته على ملائه المقرب الأعلى، وعلى سيدهم الخاتم محمد وآله الهداة، وسلامه الحقّ يخصّ العليم بسرّه، في عالم الفرق، ورحمته وبركاته. من أخيه حقيقة في العوالم الأول، لا في عالم العلم الحق، من حيث هو موضوعه بحسب الإضاءة، بمنزله من مدينة بني مدار عمرها الله وأرشدهم، وليس إلّا أني نعتبكم عرفا وعادة، لسفركم دون موادعة، بخلاف سيرتكم الأولى من المشرق الأقصى، إلى المغرب الأقصى، وأمّا بكون حقيقة الأمر الموحد، فلا عتب، بل نقرأ على الماهية سورة الإخلاص التي توحيدها المحض أحاط وأحصى. ثم وعدتم، أنكم ولا بدّ، لا تطول إقامتكم ببجاية كلأها الله، إلّا ليالي قليلة العدد، تأخذون فيها كتبكم وتنفصلون قافلين في أسرع أمد. ثم ظهر غير ذلك من الإقامة إلى هذه المهلة التي نبا كما عندنا الزمان.
وقد ورد من أناس بالتّواتر أنكم ولا بدّ تصومون هنالك رمضان المعظم على الأمان، فقلنا: لحظ البشريّة الحيوانية، وعلمنا أن الأمر ليس سرا لأجل القضايا الحكمية الطّلبية، والمقادير العلمية السرّية. ولا تتحرك ذرّة إلّا بإذنه، ولا يسأل عما يفعل، وهم يسألون في دهره وزمنه، يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أمّ الكتاب.
ولكنّا أيضا نقرأ، والله لا يخلف الميعاد. وقد يكون غير الوفاء بالعهد في الخلف لمصالح فيها وعد الله، لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا، والله يفعل ما يشاء. ولا تكن معترضا، فلا تلوم إلّا بحسب فرقنا الأول. وأما من حيث الكمالات الثواني والأول، فلا لوم ولا عتب، لرفع المثنوية، وإحالة الكثرة والإضافة، حتى ليس إلّا الوحدة العلمية المعنوية العليّة.
وبالجملة الله معكم، ولن يتركم أعمالكم، فإن ما يرفع العمد والعماد. قال الله: ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ، وهو معكم أينما كنتم، والله عليم بما تصنعون.
والرّغبة إلى ذاتكم الكاملة الوجودية، ذات الكمالات العلمية القدسية، أن تعجلوا لي، إذ وأنتم مقيمون هنالك: [الطويل]
وأين يجد في عليّين غرفة ... وإن شغلتم عن نسخها
والحق لا يشغله شأن عن شأن، فوجّهوا إليّ بها بعض الفقراء والإخوان، وأنا أقسم عليك في ذلك، يا أخي وسيدي، بالسّر فقط الذي يشغله أبدا سرمدا الله فقط، وأن تعجل لي بذلك، وتحيي مواتي، وتجمع أشتاتي، مع كلام تعتنوا لي به من كلامكم، تخصّوني به في كرّاس مبارك، علّمني الله العليم الحكيم منكم سرّ علمه العظيم وحكمته المحيطة، وكفانا سرّ هذه العوالم الأرضية المركبة الحطيطة، ونقلنا من البسيطة لغة إلى العوالم الرّيسة النفيسة البسيطة، ويرقينا به عنها إلى أن نتصل الحظّ المنفصل للتدبير بنقطته الأولى، وإن كان في الحقيقة ما انفصل، ويدخلها حضرة علمنا المحيط الوجودي، الذي ليس وراءها محيط إليه يرقى ويتصل. والسلام الحقّ محض مظهره ومجلاه ومرآته، ورحمة الله وبركاته.
فراجعه الشيخ أبو الحسن الشّشتري المترجم به، رضي الله عنه بما نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلّى الله على النبيّ محمد، المرسل بالحق لإدحاض الشّك، وإيضاح الغلط، الموصل على أقرب السّبيل للحضرة الإلهية، ومن شطط المختص بجوامع الكلم، المبكت لكل من موّه وسفسط، المبعوث بكلمة الإخلاص، التي حاصلها الله فقط، ورضي الله عن مظهر الوراثة المحمدية في كل زمان، المترجم عن كنز الوجود الذي طلسمه الإنسان، وسلام الله ورحمته على المستمع بأذن أنيته لذلك التّرجمان، المتجوهر بمقام الإسلام والإيمان والإحسان، القارئ على أخباره المنبعثة في أرض فرقة كلّ من عليها فان، بالمعنى الفقير الباطن للسّيار الظاهر المشير الحائم على سلب الاسمين، الدّائر على دائرة قاب قوسين.
المشهور في العالم الأول، بأبي علي الحسين من خبر ماسيه، الوارث الطالب لذاته بها للوصل له. وهو به عنه باحث، المنظور في ذات كمالاته، المنعوت بالوافي لا بالناكث، المعتصم بحبل التحقيق، القائل بالحق، عبده علي الشّشتري، ابن إفادتكم عبد الحق بن سبعين، أما قبل من حيث الأصل، ومع من حيث الوصل، وبعد من حيث الفصل، فإني أقسم بالبدر إذا أدبر، والصّبح إذا أسفر، أن النصاب واقع من حيث الصور، لا من حبّة حقيقة المظهر. فأين هنا أنت أو أنا؟ أو قبل أو بعد؟ أو هند أو دعد؟ أو خلف أو وعد؟ ولا بدّ من المراح في ميدان الخطاب، وبيان المتشابه عليكم، المودع عليكم، في هذا الكتاب، فأول عائق عنكم مرض أحد الأصحاب، ولا انفكاك عند وجود هذه القضية، عند كل طائفة سنيّة، فما ظنّك بالسّبعينية، هذا مع وجود وعد مبين، وزمان معين. ونحن لم نعيّن للموضوع وقتا، ولو عيّنّا لكبر عند الله مقتا. وإنما قلنا: أيام قلائل، ويدخل في ذلك الجمعة والشهر والعام القابل، بل برزخ العالم وإنائه عند النحرير العاقل. ثم لو عيّنّا يوما أو يومين أو جمعتين، ولم يكن فقلب المؤمن بين إصبعين. أما علمت أنّ الوعد المزعوم المراد منه الذي تتضمّنه صعقة العمود بالبعد أو بالتّواني، أو بالحواس أو بالمعاني؟ والمسكر هو الجريال لا الأواني. وأما قضية الوداع، فقد ارتفع بين الفقراء فيها النزاع، ووقع من الصّوفية في ذلك الإجماع، أنّ الاجتماع من غير ميعاد والافتراق عن غير مشورة، وقول إنه من حيث المذهب لازم بالضرورة، فإنّ المودع لا يخلق أن يكون من تربة الفرس والسبع، أو في مقام الفردانية والجمع، أو في البرزخ الذي بين المقامين، المعبّر عنه عند الصّوفية بالفناء. فإن كان في الوتريّة، فلا أنت ولا أنا، ولا مودع، ولا مودّع، وقلّة العتب لهذا أليق وأطبع. وإن كان في برزخ الفنا، فمن المودع هنا، وإن كان في الفرق هنا. وإن كان في الفرق، فترك المودع أقرب إلى الحق لألم التفرقة الموجود المحسوس، المعترض عند ذلك للنّفوس. واعلم أنّ الانفصال، كان بالطريق عند من يرى بالانفصال والاتّصال، ولا نقلة عند ذوي الاتّصال. وأما نكرة عرفة فهي عند الشيخ أبي عبد الله التّوزري لا عندي، ولو كانت ما ضننت بها بحمد الله لا بحمدي.
والسلام على موضوعك ومحمولك، وسلوكك ووصولك، وجمعك وفرقك، وعبوديّتك وحقّك، بل على جملته الصالحة، ورحمة الله وبركاته.
وفاته: قالوا: إنه لما وصل بالشام إلى ساحل دمياط، وهو مريض مرضه الذي توفي منه، نزل قرية هناك على ساحل البحر الرومي يصاد فيها السمك، وقال: ما اسم هذه القرية، فقيل: الطّينة، فقال: حنّت الطّينة إلى الطينة، ووصّى أن يدفن بمقبرة دمياط، إذ الطينة بالمفازة بالساحل، ودمياط أقرب المدن إليها، فحمله الفقراء على أعناقهم، فتوفي بها يوم الثلاثاء سابع عشر صفر عام ثمانية وستين وستمائة، ودفن بمقبرة دمياط.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.
من سادات الصوفية أبو الحسن علي الششتري: توفي بالطينة من عمالة القدس سنة 668 هـ[1269 م] قال الشيخ زروق: رمى جماعة بالقول بالحلول والظهور مع أنه كفر كالحلاج والعفيف التلمساني والششتري وابن عربي وابن الفارض وابن سبعين وآخرين والظن فيهم البراءة مما رموا به ولكن ضاقت عليهم العبارة عن حقائق تصريح العلم فأدت بظاهرها ما يتوهم أنهم برآء هذا معتقدنا وعند الله الموعد وممن بالغ في الحط عليهم وكفرهم الشيخ برهان الدين البقاعي في تأليف له في ابن الفارض وعند الله تجتمع الخصوم انتهى نيل الابتهاج وفيه سئل الشيخ القوري عن ابن عربي فقال: اختلف الناس بين مكفر ومقطب والأولى الوقوف.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
علي بن عبد الله النميري الششتري، أبو الحسن:
متصوف فاضل أندلسي. نعته صاحب نفح الطيب بعروس الفقهاء. من أهل ششتر (من عمل وادي آش) تنقل في البلاد، وكان يتبعه في أسفاره ما ينيف على أربعمائة فقير يخدمونه. وتوفي بقرب " دمياط " ودفن فيها. من كتبه " العروة الوثقى " في بيان السنن وما يجب أن يفعله المسلم، و " المقاليد الوجودية في أسرار الصوفية - خ " وله " ديوان شعر - ط " قال الغبريني: وشعره في غاية الانطباع والملاحة وتواشيحه ومقفياته ونظمه الهزلي الزجلي في غاية الحسن. وقال التنبكتي: نسب إليه كثير مما ليس له، وجملة ما يوجد في المنسوب إليه نحو سبعين مقطعة .
-الاعلام للزركلي-