عبد الرحيم البرزنجي الأشعري
تاريخ الوفاة | 1212 هـ |
نبذة
الترجمة
الشيخ عبد الرحيم البرزنجي الشافعي الأشعري
عالم عامل وإمام فاضل وهمام زاهد وناسك عابد، أخذ عن جملة من السادة وعن كثير من القادة إلى أن شهدوا له بالكمال وأجازوه بما تجوز لهم روايته عن الشيوخ الأبطال، وممن أخذ عنه من الأكابر ذوي الفضل الوافر، مولانا الشيخ خالد شيخ الحضرة الشافعي النقشبندي الدهلوي، فلازمه للاستفادة والاقتباس من أنوار معارف تلك السيادة، والانتشاق من عبهره والاجتناء من ثمره، والاقتطاف من كمائم زهره، والارتشاف من ضرب فكره، ولقد أجاد من قال فيه من بديع قوافيه:
من أناس يحيا بهم كل ربع ... نزلوه فاستنطق الأوطانا
نزلوا طيبة فطاب ثراها ... فاسألا عن ثنائها القرآنا
وكرام إن حدثوا في ندي ... عطروا من بردوه الأردانا
وأناس منهم علي أناس ... مذ تساموا إلى العلا أعلانا
فاطميون يفطمون عن الغي ... نفوساً تهوى التقوى إعلانا
هم عيون من الوجود وإن هم ... حجبوا عن زهو الدنا الإنسانا
فصرف المترجم إلى العلوم العناية وأمسك بزمام الرواية والدراية، وأحيا مآثر أجداده واشتهر صيته في حاضر قطره وباده، وسقى رحيق تحريره بكؤوس تقرير وتحبيره كل معاصر ذكي وجهبذ سامي الجد زكي، وتقي فائض الأسرار وصوفي صفا ورده من الأكدار، وأعمل أقلامه ليرفع من شرع جده أعلامه، ويضحك من السنة ثغراً أضحك الله سنه، وداوى بمعارف إسناده وتنظيره وإيراده كلوم البحث والمناظرة، وأجرى كميت أنظاره فأفحم مناظره، ونظر في الحكمة فكان مركز الدائرة، وعرف علماء قطره فضله الذي يري أنه بدر عصره، وأقروا بأنه من الحكمة اللسان ومن عين النظر الإنسان. وأقبلوا إليه فرادى ومثنى، وزينوا من جواهر خاطره لكل فكر نحراً وأذناً:
يكاد إذا تصبب في حديث ... يضارع مالكاً حفظاً وضبطا
فقل للسامعين له أصيخوا ... لقول صار للأفكار سمطا
متى أصغى له ندب بسمع ... يجد منه لذاك السمع قرطا
وأضاف إلى العلوم النقلية ما هو عقد في نحرها من الدلائل العقلية، وتجلى على موجهات الشمسية إلى أن دعي ابن بجدتها في الناحية الكردية.
لنا من أولى البيت المطهر سادة ... يداوون للأحكام للملة الكلما
فوارس يقرون العدة صوارما ... ويقرون مهديا إلى سبلهم علما
فما مثلهم في العلم يوماً رأيته ... إذا نظروا أجلوا عن المشكل الظلما
وإن قرروا في حلبة الدرس ذقت من ... مقاولهم عذبا تخيله الظلما
وللمرتضى عبد الرحيم مباحث ... إذا امتص منها الفكر لم يذق السقما
مباحث فيها للنبي سرائر ... لطفن فأحيت من مطالعها الفهما
إذا نظمت في عقد درس وعابها ... حواسدة قالوا هي الدرة العصما
مباحث إن قال المعاصر أنها ... جواهر قلنا الدر من سمة الدأما
فلا تنكروا منه فرائد زينت ... من الكرد ما ضاهى بأعلامه الشاما
إذا نفحت من أفق درس تشيمها ... شمائل تستدعي من الناشق الشما
وإن أسفرت في ليلة مدلهمة ... ارتك لأقمار الهدى القمر التما
فيحيى به يحيى إذا ما تفجرت ... ينابيع أفكار له تبهر الخصما
يقرر من قول النبي فتنبري ... دقائق بالتقرير تستغرق الوهما
فيا زمناً حلاه لؤلؤ فكره ... تنور بما أبداه للحكم النجما
فتقريره التنوير للفكر عن صدى ... وتحريره منهاج من هديه أما
أهب على الطلاب أنفاس بحثه ... فأحيا بأرواح الذكا للهدى الجسما
وأقرأ من لم ينظر العصر مثله ... بعين ولا جاراه ذو فطنة علما
يمين التقى لا بل يسار مؤمل ... إليه أتى يشكو من الزمن العدما
ومحيي دروس العلم بعد دروسها ... بذهن إذا ما مد علماً حكى اليما
فتى عبشميا ما وجدنا نظيره ... بزهد أرنا أنه البدر أو أسمى
توفي المترجم عام ألف ومائتين واثني عشر.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.