عبد الواحد بن زكريا بن أحمد اللحياني
يكنى أبا ملك . وبيته في الموحّدين الملوك بتونس. وأبوه سلطان إفريقية، المترقّي إليها من رتبة الشّياخة الموحدية.
حاله: كان رجلا طوالا نحيفا، فاضلا حسيبا، مقيما للرّسوم الحسبيّة، حسن العشرة، معتدل الطّريقة. نشأ بالبلاد المشرقية، ثم اتصل بوطنه إفريقية، وتقلّد الإمارة بها برهة يسيرة، ثم فرّ عنها ولحق بالمغرب، وجاز إلى الأندلس، وقدم على سلطانها، فرحّب به، وقابله بالبرّ، ونوّه محلّه، وأطلق جرايته، ثم ارتحل أدراجه إلى العدوة، ووقعت بيني وبينه صحبة، وأنشدته عند وداعه : [المتقارب]
أبا ملك، أنت نجل الملوك ... غيوث النّدى وليوث النزال
ومثلك يرتاح للمكرمات ... وما لك بين الورى من مثال
عزيز بأنفسنا أن نرى ... ركابك مؤذنة بارتحال
وقد خبرت منك خلقا كريما ... أناف على درجات الكمال
وفازت لديك بساعات أنس ... كما زار في النّوم طيف الخيال
فلولا تعلّلنا أننا ... نزورك فوق بساط الجلال
ونبلغ فيك الذي نشتهي ... وذاك على الله سهل المنال
لما فترت أنفس من أسى ... ولا برحت أدمع في انهمال
تلقّتك حيث احتللت السّعود ... وكان لك الله في كلّ حال
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.