الشريف حمود بن محمد الحسني صاحب أبي عريش
قال في البدر الطالع: ولد بعد سنة ألف ومائة وستين تقريباً، ثم استقل بولاية أبي عريش وسائر الولاية الراجعة إلى أبي عريش كصبيا وضمد والمخلاف السليماني، وكان متولياً لذلك من طريق مولانا الإمام المنصور رحمه الله تعالى. ثم حدث ما حدث من قيام صاحب نجد واستيلائه على البلاد التي بينه وبين بلاد أبي عربش، فأمر عبد الوهاب بن عامر العسيري المعروف بابن نقطة، بان يتقدم في جيشه على بلاد الشريف حمود، فتقدم في نحو عشرين ألفاً، والشريف حمود استقر في أبي عريش لقلة جيشه، فتقدم عليه أبي نقطة إلى أبي عريش، فدخلها في شهر رمضان عام ألف ومائتين وسبعة عشر، وقتل من الفريقين فوق الألف، ثم استسلم الشريف حمود ودخل في الدعوة النجدية، ثم خرج على البلاد الإمامية فاستولى على بندر اللحية، وعلى بندر الحديدة، وعلى زبيد، وما يرجع إلى هذه الولايات، واختط مدينة الزهراء، وصار ملكاً مستقلا. ثم أفسد ما بينه وبين النجدي، فأمر أبي نقطة المذكور من يغزوه، فالتقيا بأطراف البلاد، فقتل أبي نقطة وانهزم جيش الشريف حمود، وقتل منهم نحو ألفين، وكان جيشه من يام ومكيل وقبائل تهامة زهاء سبعة عشر ألفاً، وكان جيش ابن نقطة كما قيل نحو مائة ألف، لأنه أمده النجدي بجماعة من أمرائه كابن شكبان والمضائفي، ثم إن جيش صاحب نجد بعد قتل ابن نقطة وهزيمة الشريف تقدموا على أبي عريش، وجرت بينهم ملاحم كبيرة، وانحصر الشريف في أبي عريش، وشحن سائر بلاد أبي عريش بالمقاتلة، ثم رجع سائر الأمراء النجدية وبقي بقية من الجيش في بلاد أبي عريش، والحرب بينهم سجال، وكان هذا الحرب الذي قتل فيه أبي نقطة في سنة ألف ومائتين وأربع وعشرين. وفي سنة ألف ومائتين وثمان وعشرين وقع الصلح بينه وبين مولانا الإمام المتوكل على الله. وحاصل الصلح أنه يثبت الشريف على ما قد صار تحت يده من البلاد، ثم بعد هذا انتقض الصلح بينه وبين الإمام المذكور ولم يزل الحرب ثائراً بينه وبين الإمام إلى سنة ألف ومائتين وتسع وعشرين وهو مستمر على الانتماء إلى صاحب نجد. ثم مات سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.