عبد الله بن إبراهيم بن وزمّر الحجاري الصّنهاجي
الأديب المصنّف، يكنى أبا محمد.
حاله وأوليته: أبوه أديب مدينة الفرج بوادي الحجارة ، المصنّف للمأمون بن ذي النون كتاب «مغنيطاس الأفكار، فيما تحتوي عليه مدينة الفرج من النظم والنثر والأخبار» . وكان أبو محمد هذا ماهرا، كاتبا، شاعرا، رحّالا. سكن مدينة شلب بعد استيلاء العدو على بلاده بالثّغر. وله في التّحوّل أشعار وأخبار. قدم غرناطة وقصد عبد الملك بن سعيد، صاحب القلعة من بنيّاتها، واستأذن عليه في زيّ موحش، واستخفّ به القاعدون ببابه، إلى أن لاطف بعضهم، وسأله أن يعرّف به القائد، فلما بلّغ عنه، أمر بإدخاله، فأنشده قصيدة مطلعها : [الوافر]
عليك أحالني الذّكر الجميل ... فجئت ومن ثنائك لي دليل
أتيت ولم أقدّم من رسول ... لأنّ القلب كان هو الرّسول
منها في وصف زيّه البدوي المستقل وما في طيّه:
ومثّلني بدنّ فيه خمر ... يخفّ بها ومنظره ثقيل
فأكرم نزله، وأحسن إليه، وأقام عنده سنة، حتى ألّف بالقلعة كتاب «المسهب، في غرائب المغرب» ، وفيه التّنبيه على الحلى البلادية والعبّادية. وانصرف إلى قصد ابن هود بروطة، بعد أن عذله عن التّحوّل عنه، فقال: النّفس توّاقة، وما لي بالتّغرّب طاقة، ثم أفكر وقال: [الطويل]
يقولون لي: ماذا الملال تقيم في ... محلّ فعند الأنس تذهب راحلا
فقلت لهم: مثل الحمام إذا شدا ... على غصن أمسى بآخر نازلا
نكبته: قال علي بن موسى بن سعيد : ولمّا قصد الحجاري روطة، وحلّ لدى أميرها المستنصر بن عماد الدولة بن هود ، وتحرّك لغزو من قصده من البشكنس، فهزم جيشه، كان الحجاري أحد من أسر في تلك الوقيعة، فاستقرّ ببسقاية ، وبقي بها مدّة، يحرّك ابن هود بالأشعار ويحثّه على خلاصه من الإسار، فلم يجد عنده ذمامة، ولا تحرّك له اهتمامه، فخاطب عبد الملك بن سعيد بقوله:
[السريع]
أصبحت في بسقاية مسلما ... إلى الأعادي لا أرى مسلما
مكلّفا ما ليس في طاقتي ... مصفّدا منتهرا مرغما
أطلب بالخدمة، وا حسرتي! ... وحالتي تقضي بأن أخدما
فهل كريم يرتجى للأسير ... يفكّه، أكرم به منتمى
وقوله: [الخفيف]
أرئيس الزمان أغفلت أمري ... وتلذّذت تاركا لي بأسر؟
ما كذا يعمل الكرام ولكن ... قد جرى على المعوّد دهري
فاجتهد في فدائه، ولم يمرّ شهر إلّا وقد تخلص من أسره، واستقرّ لديه، فكان طليق آل سعيد، وفيهم يقول :
وجدنا سعيدا منجبا خير عصبة ... هم في بني أعصارهم كالمواسم
مشنّفة أسماعهم بمدائح ... مسوّرة أيمانهم بالصّوارم
فكم لهم في الحرب من فضل ناثر! ... وكم لهم في السّلم من فضل ناظم
تواليفه: وتواليف الحجاري بديعة، منها «الحديقة» في البديع، وهو كتاب مشهور، ومنها «المسهب في غرائب المغرب» ، وافتتح خطبته بقوله: «الحمد لله الذي جعل العباد، من البلاد بمنزلة الأرواح من الأجساد، والأسياف من الأغماد» . وهو في ستة مجلدات.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.