نصر بن محمد بن محمد بن يوسف الخزرجي الأنصاري أبي الجيوش
تاريخ الولادة | 686 هـ |
تاريخ الوفاة | 722 هـ |
العمر | 36 سنة |
مكان الولادة | غرناطة - الأندلس |
مكان الوفاة | وادي آش - الأندلس |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
نصر بن محمد بن محمد بن يوسف بن نصر بن أحمد ابن محمد بن خميس بن عقيل الخزرجي الأنصاري
أمير المسلمين بالأندلس، بعد أبيه وجدّه وأخيه، يكنى أبا الجيوش، وقد تقدم من أوليّة هؤلاء الملوك ما يغني عن الإعادة.
حاله: من كتاب «طرفة العصر في أخبار الملوك من بني نصر» من تصنيفنا، قال: كان فتى يملأ العيون حسنا وتمام صورة، دمث الأخلاق، ليّن العريكة، عفيفا، مجبولا على طلب الهدنة وحبّ الخير، مغمد السّيف، قليل الشّر، نافرا للبطر وإراقة الدماء، محبّا في العلم وأهله، آخذا من صناعة التّعديل بحظّ رغيب، يخطّ التقاويم الصّحيحة، ويصنع الآلات الطّريقة بيده، اختصّ في ذلك الشيخ الإمام أبا عبد الله بن الرّقّام، وحيد عصره، فجاء واحد دهره ظرفا وإحكاما. وكان حسن العهد، كثير الوفاء. حمله الوفاء على اللّجاج في أمر وزيره المطلوب بعزله، على الاستهداف للخلع.
تقدّم يوم خلع أخيه، وهو يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة، وسنّه ثلاث وعشرون سنة، فكان من تمام الخلق، وجمال الصّورة، والتّأنق في ملوكي اللّباس، آية من آيات الله خالقه. واقتدى برسوم أبيه وأخيه، وأجرى الألقاب والعوائد لأول دولته. وكانت أيامه، كما شاء الله، أيام نحس مستمرّ، شملت المسلمين فيها الأزمة، وأحاط بهم الذّعر، وكلب العدوّ. وسيمرّ من ذلك ما فيه كفاية . وكان فتى أيّ فتى، لو ساعده الجدّ، والأمر لله من قبل ومن بعد.
وزراء دولته: وزر له مقيم أمره ومحكم التّدبير على أخيه، أبو بكر عتيق بن محمد بن المول. وبيت بني مول بقرطبة بيت له ذكر وأصالة. ولما تغلّب عليها ابن هود اختفى بها أبوه أياما عدة . ولما تملّكها السلطان الغالب بالله تلك البرهة، خرج إليه وصحبه إلى غرناطة، فاتّصلت قرباه بعقده على بنت للرئيس أبي جعفر المعروف بالعجلب ابن عمّ السلطان. واشتدّ عضده، ثم تأكّدت القربى بعقد مول أخي هذا الوزير على بنت الرئيس أبي الوليد أخت الرئيس أبي سعيد، منجب هؤلاء الملوك الكرام، فقام بأمره، واضطلع بأعباء سلطانه، إلى أن كان من تغلّب أهل الدولة عليه، وإخافة سلطانه منه، ما أوجب صرفه إلى المغرب في غرض الرسالة، وأشير عليه في طريقه بإقامته بالمغرب، فكان صرفا حسنا. وتولّى الوزارة محمد بن علي بن عبد الله بن الحاج، المسيّر لخلعه، واجتثاث أصله وفرعه، وكان خبّا داهية، أعلم الناس بأخبار الرّوم وسيرهم وآثارهم. فحدثت بين السلطان وبين أهل حضرته الوحشة بسببه.
قضاته: أقرّ على خطة القضاء بحضرته قاضي أخيه الشيخ الفقيه أبا جعفر القرشي المنبز بابن فركون، وقد تقدم التعريف به مستوفى بحول الله .
كتّابه: شيخنا الصدر الوجيه، نسيج وحده أبو الحسن علي بن محمد بن سليمان بن الجيّاب إلى آخر مدته.
من كان على عهده من الملوك: بالمغرب ، السلطان أبو الربيع سليمان بن عبد الله بن أبي يعقوب يوسف بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق. تصيّر الأمر إليه بعد وفاة أخيه السلطان أبي ثابت عامر بأحواز طنجة، في صفر عام ثمانية وسبعمائة.
وكان مشكورا، مبخت الولاية. وفي دولته عادت سبتة إلى الإيالة المرينيّة. ثم توفي بتازى في مستهل رجب من عام عشرة وسبعمائة. وتولّى الملك بعده عمّ أبيه السلطان الجليل الكبير، خدن العافية، ووليّ السلامة، وممهّد الدولة أبو سعيد عثمان بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق. واستمرّت ولايته إلى تمام أيام هذا الأمير، وكثيرا من أيام من بعده. وقد تقدّم من ذكر السلطان أبي يوسف في اسم من تقدم من الملوك ما فيه كفاية.
وبتلمسان، الأمير أبو حمّو موسى بن عثمان بن يغمراسن، [سلطان بني عبد الواد، مذلّل الصّقع] ، والمثل السّائر في الحزم والتيقّظ، وصلابة الوجه، زعموا، وإحكام القحة، والإغراب في خبث السّيرة. واستمرّت ولايته إلى عام ثمانية عشر وسبعمائة، إلى أن سطا به ولده عبد الرحمن أبو تاشفين.
وبتونس، الأمير الخليفة أبو عبد الله محمد بن الواثق يحيى بن المستنصر محمد بن الأمير أبي زكريا بن أبي حفص . ثم توفي في ربيع الآخر عام تسعة وسبعمائة. فولي الأمر قريبه الأمير أبو بكر عبد الرحمن بن الأمير أبي يحيى زكريا ابن الأمير [أبي إسحاق بن الأمير] أبي زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص. ونهض إليه من بجاية قريبة السلطان أبو البقاء خالد ابن الأمير أبي زكريا ابن الأمير أبي إسحاق ابن الأمير أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص، فالتقيا بأرض تونس، فهزم أبو بكر ، ونجا بنفسه، فدخل بستانا لبعض أهل الخدمة، مختفيا فيه، فسعي به إلى أبي البقاء، فجيء به إليه، فأمر بعض القرابة بقتله صبرا، نفعه الله . وتمّ الأمر لأبي البقاء في رابع جمادى الأولى منه، إلى أن وفد الشيخ المعظم أبو يحيى زكريا الشهير باللّحياني، قافلا من بلاد المشرق، وهو كبير آل أبي حفص نسبا وقدرا، فأقام بإطرابلس، وأنفذ إلى تونس خاصّته الشيخ الفقيه أبا عبد الله المردوري محاربا لأبي البقاء، وطالبا للأمر. فتمّ الأمر ، وخلع أبو البقاء تاسع جمادى الأولى عام أحد عشر وسبعمائة. وتمّ الأمير للشيخ أبي يحيى. واعتقل أبو البقاء، فلم يزل معتقلا إلى أن توفي في شوال عام ثلاثة عشر وسبعمائة، ودفن بالجبّانة المعروفة لهم بالزلّاج، فضريحه فيما تعرّفنا بإزاء ضريح قتيله المظلوم أبي بكر، لا فاصل بينهما. وعند الله تجتمع الخصوم.
واتّصلت أيام الأمير أبي يحيى، إلى أن انقرضت مدة الأمير أبي الجيوش. وقد تضمّن الإلماع بذلك الرّجز المسمّى ب «قطع السّلوك» من نظمي. فمن ذلك فيما يختصّ بملوك المغرب قولي في ذكر السلطان أبي يعقوب: [الرجز]
ثم تقضّى معظم الزمان ... مواصلا حصر بني زيّان
حتى أتى أهل تلمسان الفرج ... ونشقوا من جانب اللّطف الأرج
لما ترقّى درج السّعد درج ... فانفضّ ضيق الحصر عنها وانفرج
وابن ابنه وهو المسمّى عامرا ... أصبح بعد ناهيا وآمرا
وكان ليثا دامي المخالب ... تغلّب الأمر بجدّ غالب
أباح بالسّيف نفوسا عدّه ... فلم تطل في الملك منه المدّة
ومات حتف أنفه واخترما ... ثم سليمان عليها قدّما
أبو الربيع دهره ربيع ... يثني على سيرته الجميع
حتى إذا الملك سليمان قضى ... تصيّر الملك لعثمان الرّضا
فلاح نور السّعد فيها وأضا ... ونسي العهد الذي كان مضى
وفيما يختصّ ببني زيّان، بعد ذكر أبي زيّان: [الرجز]
حتى إذا استوفى زمان سعده ... قام أبو حمّو بها من بعده
وهو الذي سطا عليه ولده ... حتى انتهى على يديه أمده
وفيما يختصّ بآل أبي حفص بعد ذكر جملة منهم: [الرجز]
ثم الشهيد والأمير خالد ... هيهات ما في الدهر حيّ خالد
وزكريّاء بها بعد ثوى ... ثم نوى الرّحلة عنها والنوى
وحلّ بالشرق وبالشرق ثوى ... وربما فاز امرؤ بما نوى
ومن ملوك النصارى بقشتاله: هرانده بن شانجه بن ألهنشه بن هرانده بن شانجه. ونازل على عهده الجزيرة الخضراء، ثم أقلع عنها عن ضريبة وشروط، ثم نازل في أخريات أمره حصن القبذاق، وأدركه ألم الموت بظاهره، فاحتمل من المحلّة إلى جيّان، وبقيت المحلّة منيخة على الحصن، إلى أن تملّك بعد موت الطّاغية بأيام ثلاثة، كتموا فيها موته. ولسبب هلاكه حكاية ظريفة، تضمنتها «طرفة العصر، في تاريخ دولة بني نصر» . وقام بعده بأمر النصرانية ولده ألهنشه، واستمرّت أيامه إلى عام خمسين وسبعمائة.
بعض الأحداث في أيامه: نازل على أول أمره طاغية قشتالة الجزيرة الخضراء في الحادي والعشرين من عام تسعة وسبعمائة، وأقام عليها إلى أخريات شعبان من العام المذكور، وأقلع عنها بعد ظهوره على الجبل وفوز قداحه به. ونازل صاحب برجلونة مدينة ألمريّة غرّة ربيع الأول من هذا العام، وأخذ بمخنّقها، وتفرّقت الظبا على الخراش ، ووقعت على جيش المسلمين الناهد إليه وقيعة كبيرة، واستمرّت المطاولة إلى أخريات شعبان، ونفّس الله الحصر، وفرّج الكرب. وما كاد أهل الأندلس يستنشقون ريح العافية، حتى نشأ نجم الفتنة ، ونشأت ريح الخلاف، واستفسد وزير الدولة ضمائر أهلها، واستهدف إلى رعيتها بإيثار النصارى والصاغية إلى العدوّ، وأظهر الرّئيس ابن عم الأب صاحب مالقة أبو سعيد فرج بن إسماعيل، صنو الغالب بالله ابن نصر، الامتساك بما كان بيده، والدعاء لنفسه، وقدّم ولده الدّائل إلى طلب الملك. وثار أهل غرناطة، يوم الخامس والعشرين لرمضان من العام، وأعلن منهم من أعلن بالخلاف ثم خانهم التدبير، وخبطوا العشواء ، ونزل الحشم، فلاذ الناس منهم بديارهم، وبرز السلطان إلى باب القلعة، متقدّما بالعفّة عن الناس، وفرّ الحاسرون عن القناع، فلحقوا بالسلطان أبي الوليد بمالقة، فاستنهضوه إلى الحركة، وقصد الحضرة، فأجابهم وتحرّك، فأطاعته الحصون بطريقه، واحتلّ خارج غرناطة صبيحة يوم الخميس السابع والعشرين لشوال منه ، فابتدره الناس من صائح ومشير بثوبه، ومتطارح بنفسه، فدخل البلد من ناحية ربض البيّازين، واستقرّ بالقصبة ، كما تقدم في اسمه. وفي ظهر يوم السبت التاسع والعشرين من الشهر، نزل الحمراء دار الملك، وانفصل السلطان المترجم به، موفّى له شرط عقده من انتقاله إلى وادي آش، مستبدّا بها، وتعيين مال مخصوص، وغير ذلك. ورحل ليلة الثلاثاء الثالث لذي قعدة من العام. واستمرّت الحال، بين حرب ومهادنة ، وجرت بسبب ذلك أمور صعبة إلى حين وفاته. رحمه الله.
مولده: ولد في رمضان عام ستة وثمانين وستمائة. وكانت سنّه ستا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر، ودولته الجامعة خمس سنين وشهرا واحدا، ومقامه بوادي آش تسعة أعوام وثلاثة أيام.
وفاته: توفي، رحمه الله، ليلة الأربعاء سادس ذي قعدة من عام اثنين وعشرين وسبعمائة بوادي آش، ودفن بجامع القصبة منها، ثم نقل في أوائل ذي الحجة منه إلى الحضرة، فكان وصوله يوم الخميس السادس منه، وبرز إليه السلطان، والجمع الكثير من الناس، ووضع سريره بالمصلّى العيدي، وصلّى عليه إثر صلاة العصر، ودفن بمقبرة سلفه بالسّبيكة، وكان يوما من الأيام المشهودة، وعلى قبره مكتوب في الرّخام:
«هذا قبر السلطان المرفّع المقدار، الكريم البيت العظيم النّجار، سلالة الملوك الأعلام الأخيار، الصّريح النّسب في صميم الأنصار ، الملك الأوحد الذي له السّلف العالي المنار، في الملك المنيع الذّمار، رابع ملوك بني نصر أنصار دين المصطفى المختار، المجاهدين في سبيل الملك الغفار، الباذلين في رضاه كرائم الأموال ونفائس الأعمار، المعظّم المقدّس المرحوم أبي الجيوش نصر ابن السلطان الأعلى، الهمام الأسمى، المجاهد الأحمى، الملك العادل، الطّاهر الشّمائل، ناصر دين الإسلام، ومبيد عبدة الأصنام، المؤيد المنصور، المقدّس، المرحوم أمير المسلمين أبي عبد الله ابن السلطان الجليل ، الملك الشهير، مؤسّس قواعد الملك على التّقوى والرّضوان، وحافظ كلمة الإسلام وناصر دين الإيمان، الغالب بالله، المنصور بفضل الله، المقدّس المرحوم، أمير المسلمين أبي عبد الله بن نصر، تغمّده الله برحمته وغفرانه، وبوّأه منازل إحسانه، وكتبه في أهل رضوانه، وكان مولده في يوم الاثنين الرابع والعشرين لشهر رمضان المعظم عام ستة وثمانين وستمائة. وبويع يوم الجمعة غرّة شوال عام ثمانية وسبعمائة، وتوفي، رحمه الله ، ليلة يوم الأربعاء السادس لشهر ذي قعدة عام اثنين وعشرين وسبعمائة، فسبحان الملك الحقّ المبين، وارث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين. وفي جهة : [الكامل]
يا قبر، جاد ثراك صوب غمام ... يهمي عليك برحمة وسلام
بوركت لحدا فيه أيّ وديعة ... ملك كريم من نجار كرام
ما شئت من حلم ومن خلق رضى ... وزكاء أعراق ومجد سام
فاسعد بنصر رابع الأملاك من ... أبناء نصر ناصري الإسلام
من خزرج الفخر الذين مقامهم ... في نصر خير الخلق خير مقام
يا أيها المولى المؤسّس بيته ... في معدن الأحساب والأحلام
ما للمنيّة والشباب مساعد ... قد أقصدتك بصائبات سهام
عجلت على ذاك الجمال فغادرت ... ربع المحاسن طامس الأعلام
فمحى الرّدى من حسن وجهك آية ... نحو النهار لسدفة الإظلام
ما كنت إلّا بدر تمّ باهرا ... أخنى الخسوف عليك عند تمام
فعلى ضريح أبي الجيوش تحيّة ... كالمسك عرفا عند فضّ ختام
وتغمّدته رحمة الله التي ... ترضيه من عدن بدار مقام
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.
أبو الجُيُوش
(686 - 722 هـ = 1287 - 1322 م)
نصر بن محمد الفقيه ابن محمد الشيخ بن يوسف، أبو الجيوش، ابن نصر:
رابع ملوك الدولة النصرية بالأندلس. ولد بغرناطة ونشأ في بيت الملك فيها، فكان فتى " ملء العيون حسنا، دمث الأخلاق، مجبولا على طلب الهدنة " وتواطأ على خلع أخيه محمد، وولي الأمر بعده (سنة 708 هـ فلم يستقم أمره. وكانت أيامه " أيام نحس مستمر، شملت المسلمين فيها الأزمة، وأحاط بهم الذّعر وكلب العدو " كما يقول لسان الدين ابن الخطيب. وثار عليه أحد بني عمومته (إسماعيل بن فرج) فانخلع من الملك (سنة 713) على أن تكون له مدينة وادي آش. وانتقل إليها، فاجتمع حوله بعض قرابته وخدام أبيه (سنة 715) فأظهر مخالفة " إسماعيل " وتحرك هذا لإخضاعه، فحاصره خمسة وأربعين يوما، ورحل عنه، فارتكب أبو الجيوش خطة الفجور باستعانته بجيش الاسبانيول. ورجع إليه السلطان إسماعيل من غرناطة، فلقيه الاسبانيول في وادي فرتونة (قرب وادي آش) فكانت المعركة وأصيب المسلمون بخسائر فادحة، قال ابن الخطيب: وامتلأت الأندلس حزنا وصراخا. وهلك أبو الجيوش في وادي آش، ثم نقل إلى مقبرة السبيكة بغرناطة .
-الاعلام للزركلي-