محمد بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله ابن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن عمار ابن ياسر العنسي
يكنى أبا بكر، وقد تقدّم التّعريف بأوليته.
حاله: قال في «الطالع» : ساد في دولة الملثّمين ، وولّوه بغرناطة الأعمال، وكانت له دار الرّخام المشهورة بإزاء الجامع الأعظم بغرناطة. قال الغافقي فيه: شيخ جليل، فقيه نبيه من أهل قلعة يحصب . كان في عداد الفقهاء، ثم نزع إلى العمل، وولّي إشراف غرناطة في إمارة أبي سعيد الميمون بن بدر اللمتوني. وقال صاحب «المسهب» : وحسب القلعة كون هذا الفاضل الكامل منها، وقد رقم برد مجده بالأدب، ونال منه بالاجتهاد والسجيّة القابلة أعلى سبب، وله من المكارم ما يغيّر في وجه كعب وحاتم، لذلك ما قصدته الأدباء، وتهافتت في مدحه الشعراء، وفيه أقول:
[الطويل]
وكان أبو بكر من الكفر عصمة ... وردّ به الله الغواة إلى الحقّ
وقام بأمر الله حافظ أهله ... بلين وسبط في المبرّة والخلق
وهذا أبو بكر سليل ابن ياسر ... بغرناطة ناغاه في الرّأي والصّدق
فهذا لنا بالغرب يجني معالما ... تباهي الذي أحيا الدّيانة بالشّرق
وقد جرى من ذكره عند ذكر أبي بكر بن قزمان، ويجري عند ذكر نزهون بنت القلاعي ما فيه كفاية، إذ كان مفتونا بها، وبحمدة وزينب، بنتي زياد المؤدّب من أهل وادي آش، وفيهما يقول: [المجتث]
ما بين زينب عمري ... أحثّ كأسي وحمده
وكل نظم ونثر ... وحكمة مستجدّة
وليس إلّا عفاف ... يبلّغ المرء قصده
ولذلك ما سعى به المخزومي الأعمى، وقد سها عن رسم تفقّده، فكتب إلى عليّ بن يوسف في شأنه بما كان سبب عزله ونكبته: [الطويل]
إليك، أمير المؤمنين، نصيحة ... يجوز بها البحر المجعجع شاعر
بغرناطة ولّيت في الناس عاملا ... ولكن بما تحويه منه المآزر
وأنت أما تخفى عليك خفيّة؟ ... فسل أهلها فالأمر للناس ظاهر
وما لإلاه العرش تفنيه حمدة ... وزينب والكأس الذي هو دائر
شعره: من ذلك قوله : [المجتث]
يا هذه، لا ترومي ... خداع من ضاق ذرعه
تبكي وقد قتلتني ... كالسّيف يقطر دمعه
وقال عفى الله عنه : [الطويل]
لقد صدعت قلبي حمامة أيكة ... أثارت غراما ما أجلّ وأكرما
ورقّ نسيم الرّيح من نحو أرضكم ... ولطّف حتى كاد أن يتكلّما
وقال في مذهب الفخر : [الخفيف]
فخرنا بالحديث بعد القديم ... من معال توارثت» كالنجوم
نحن في الحرب أجبل راسيات ... ولنا في النّدي لطف النّسيم
ولادته: ولد في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وتوفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.