محمد بن قاسم بن أحمد بن إبراهيم الأنصاري أبي عبد الله
الشديد
تاريخ الولادة | 710 هـ |
مكان الولادة | مالقة - الأندلس |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
محمد بن قاسم بن أحمد بن إبراهيم الأنصاري
جيّاني الأصل مالقيه، يكنى أبا عبد الله ويعرف بالشّديد على بنية التصغير، وهو كثير التردّد والمقام بحضرة غرناطة.
حاله: من أهل الطّلب والذكاء والظّرف والخصوصيّة، مجموع خلال من خطّ حسن واضطلاع بحمل كتاب الله. بلبل دوح السّبع المثاني، وماشطة عروس أبي الفرج الجوزي، وآية صقعه في الصّوت، وطيب النّغمة، اقتحم لذلك دسوت الملوك، وتوصّل إلى صحبة الأشراف، وجرّ أذيال الشهرة. قرأ القرآن والعشر بين يدي السلطان، أمير المسلمين بالعدوة، ودنا منه محلّه، لولا إيثار مسقط رأسه. وتقرّب بمثل ذلك إلى ملوك وطنه، وصلّى التّراويح بمسجد قصر الحمراء، غريب المنزع، عذب الفكاهة، ظريف المجالسة، قادر على الحكايات، متسوّر حمى الوقار، ملبّ داعي الانبساط، على استرجاع واستقامة، مبرور الوفادة، منوّه الإنزال، قلّد شهادة الدّيوان بمالقة، معوّلا عليه في ذلك، فكان مغار حبل الأمانة، صليب العود، شامخا ، صادق النّزاهة، لوحا للألقاب، محرزا للعمل.
وولّي الحسبة بمالقة، حرسها الله تعالى، فخاطبته في ذلك أداعبه، وأشير إلى قوم من أجداده، وأولي الحمل عليه بما نصّه: [السريع]
يا أيها المحتسب الجزل ... ومن لديه الجدّ والهزل
تهنيك والشكر لمولى الورى ... ولاية ليس لها عزل
كتبت أيها المحتسب، المنتمي إلى النزاهة المنتسب، أهنّيك ببلوغ تمنّيك، وأحذّرك من طمع نفس بالغرور تمنّيك، فكأني وقد طافت بركابك الباعة ، ولزم لأمرك السّمع والطّاعة، وارتفعت في مصانعتك الطّماعة، وأخذت أهل الرّيب بغتة كما تقوم الساعة، ونهضت تقعد وتقيم، وسكوتك الريح العقيم، وبين يديك القسطاس المستقيم، ولا بدّ من شرك ينصب، وجماعة على ذي جاه تعصب ، وحالة كيت بها الجناب الأخصب، فإن غضضت طرفك، أمنت عن الولاية صرفك، وإن ملأت ظرفك ، رحّلت عنها حرفك، وإن كففت فيها كفّك، حفّك العزّ فيمن حفّك. فكن لقالي المجبّنة قاليا ، ولحوت السّلّة ساليا. وأبد لدقيق الحوّارى زهد حواريّ ، وازهد فيما بأيدي الناس من العواري، وسر في اجتناب الحلواء ، على السبيل السّواء، وارفض في الشّواء، دواعي الأهواء، وكن على الهرّاس ، وصاحب ثريد الرّاس، شديد المراس، وثب على بائع طبيخ الأعراس، ليثا مرهوب الافتراس، وأدّب أطفال الفسوق ، في السوق، سيّما من كان قبل البلوغ والسّبوق ، وصمّم في استخراج الحقوق، والناس أصناف، فمنهم خسيس يطمع منك في أكلة، ومستعد عليك بوكزة أو ركلة. وحاسد في مطيّة تركب، وعطيّة تسكب، فاخفض للحاسد جناحك، وسدّد إلى حربه رماحك، وأشبع الخسيس منهم مرقة دسمة فإنه حنق، ودسّ له فيها عظما لعلّه يختنق، واحفر لشرّيرهم حفرة عميقة، فإنه العدوّ حقيقة، حتى إذا حصل، وعلمت أنّ وقت الانتصار قد وصل ، فأوقع وأوجع، ولا ترجع، وأولياء من حزب الشيطان فأفجع، والحقّ أقوى، وإن تعفو أقرب للتقوى. سدّدك الله تعالى إلى غرض التّوفيق، وأعلقك من الحقّ بالسّبب الوثيق، وجعل قدومك مقرونا برخص اللّحم والزّيت والدّقيق، بمنّه وفضله .
مشيخته: قرأ القرآن على والده المكتّب النّصوح، رحمه الله، وحفظ كتبا كرسالة أبي محمد بن أبي زيد، وشهاب القضاعي، وفصيح ثعلب، وعرض الرّسالة على ولي الله أبي عبد الله الطّنجالي، وأجازه. ثم على ولده الخطيب أبي بكر، وقرأ عليه من القرآن، وجوّد بحرف نافع على شيخنا أبي البركات. وتلا على شيخنا أبي القاسم بن جزي. ثم رحل إلى المغرب، فلقي الشيخ الأستاذ الأوحد في التّلاوة، أبا جعفر الدرّاج، وأخذ عن الشّريف المقرئ أبي العباس الحسنى بسبتة، وأدرك أبا القاسم التّجيبي، وتلا على الأستاذ أبي عبد الله بن عبد المنعم ولازمه، واختصّ بالأستاذ ابن هاني السّبتي، ولقي بفاس جماعة كالفقيه أبي زيد الجزولي، وخلف الله المجاصي، والشيخ أبا العباس المكناسي، والشيخ البقية أبا عبد الله بن عبد الرازق، وقرأ على المقرئ الفذّ الشهير في التّرنّم بألحان القرآن أبي العباس الزّواوي سبع ختمات، وجمع عليه السّبع، والمقرئ أبي العباس بن حزب الله، واختصّ بالشيخ الرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي.
شعره: من شعره ما كتب به إلى وزير الدولة المغربيّة في غرض الاستلطاف:
[الكامل]
يا من به أبدا عرفت ومن أنا ... لولاه لي دامت علاه وداما
لا تأخذنّك في الشّديد لومة ... فشخيص نشأته بفضلك قاما
ربّيته علّمته أدّبته ... قدّمته للفرض منك إماما
فجزاك ربّ الخلق خير جزاية ... عنّي وبوّأك الجنان مقاما
وهو الآن بالحالة الموصوفة، مستوطنا حضرة غرناطة، وتاليا الأعشار القرآنية، بين يدي السلطان، أعزّه الله، مرفّع الجانب، معزّز الجراية بولايته أحباس المدرسة، أطروفة عصره، لولا طرش نقص الأنس به، نفعه الله.
مولده: ولد بمالقة في عاشر ربيع الأول من عام عشرة وسبعمائة.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.