محمد بن إبراهيم بن سالم بن فضيلة المعافري
من أهل ألمرية، يدعى بالبيوّ ، ويكنى أبا عبد الله.
حاله: من الإكليل الزاهر: شيخ أخلاقه ليّنة، ونفسه كما قيل هيّنة، ينظم الشعر سهلا مساقه، محكما اتّساقه، على فاقة ما لها من إفاقة. أنشد السلطان بظاهر بلده قوله: [الطويل]
سرت ريح نجد من ربى أرض بابل ... فهاجت إلى مسرى سراها بلابلي
وذكّرني عرف النّسيم الذي سرى ... معاهد أحباب سراة أفاضل
فأصبحت مشغوفا بذكرى منازل ... ألفت، فوا شوقي لتلك المنازل
فيا ريح هبّي بالبطاح وبالرّبا ... ومرّي على أغصان زهر الخمائل
وسيري بجسمي للتي الروح عندها ... فروحي لديها من أجلّ الوسائل
وقولي لها عني معنّاك بالهوى ... له شوق معمود وعبرة ثاكل
فيا بأبي هيفاء كالغصن تنثني ... بقدّ يقدّ كاد ينقدّ مائل
فتاة براها الله من فتنة فمن ... رآها ولم يفتن فليس بعاقل
لها منظر كالشمس في رونق الضّحا ... ولحظ كحيل ساحر الطّرف بابلي
بطيب شذاها عطّرت كلّ عاطر ... كما بحلاها زيّنت كلّ عاطل
رمتني بسهم من سهام جفونها ... فصادف ذاك السّهم مني مقاتلي
فظلت غريقا في بحار من الهوى ... وما الحبّ إلّا لجّة دون ساحل
فيا من سبت عقلي وأفنت تجلّدي ... صليني فإنّ البعد لا شكّ قاتلي
فلي كبد شوقي إليك تفطّرت ... وقلب بنيران الجوى في مشاعلي
ولي أدمع تحكي ندا كف يوسف ... أمير العلى الأرضي الجميل الفضائل
إذا مدّ بالجود الأنامل لم تزل ... بحور النّدى تهمي بتلك الأنامل
ومن شعره قوله من قصيدة : [الكامل]
بهرت كشمس في غلالة عسجد ... وكبدر تمّ في قضيب زبرجد
ثم انثنت كالغصن هزّته الصّبا ... طربا فتزري بالغصون الميّد
حوراء بارعة الجمال غريرة ... تزهى فتزري بالقضيب الأملد
إن أدبرت لم تبق عقل مدبّر ... أو أقبلت قتلت ولكن لا تدي
تواليفه: قال شيخنا أبو البركات: وابتلي باختصار كتب الناس، فمن ذلك مختصره المسمّى ب «الدّرر المنظومة الموسومة، في اشتقاق حروف الهجا المرسومة» ، وكتاب في حكايات تسمى «روضة الجنان» ، وغير ذلك.
وفاته: توفي في أواخر رمضان من عام تسعة وأربعين وسبعمائة، ودخل غرناطة غير مرة.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.