محمد بن هاني بن محمد بن سعدون الأزدي الإلبيري الغرناطي الأندلسي
أبي القاسم
تاريخ الولادة | 319 هـ |
تاريخ الوفاة | 361 هـ |
العمر | 42 سنة |
مكان الولادة | إشبيلية - الأندلس |
مكان الوفاة | برقة - ليبيا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
محمد بن هاني بن محمد بن سعدون الأزدي الإلبيري الغرناطي
من أهل قرية سكون، يكنى أبا القاسم، ويعرف بالأندلسي، وكأنها تفرقة بينه وبين الحكمي أبي نواس.
أوّليّته: قال غير واحد من المؤرخين : هو من ذرية يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب بن أبي صفرة، وقيل: من ولد أخيه روح بن حاتم.
حاله: كان من فحول الشعراء، وأمثال النظم، وبرهان البلاغة، لا يدرك شأوه، ولا يشقّ غباره، مع المشاركة في العلوم، والنفوذ في فكّ المعمّى. خرج من الأندلس ابن سبع وعشرين سنة، فلقي جوهرا المعروف بالكاتب مولى المعزّ بن المنصور العبيدي، صاحب المغرب، وامتدحه، وكان لئيما، فأعطاه مائتي درهم، فوجد لذلك، وقال: أههنا كريم يقصد؟ فقيل: بلى، جعفر بن يحيى بن علي بن فلاح بن أبي مروان، وأبو علي بن حمدون، فامتدحهما، ثم اختصّ بجعفر بن يحيى وأبي علي، فبالغا في إكرامه، وأفاضا عليه من النعم والإحسان ما لم يمرّ بباله، وسارت أشعاره فيهما، حتى أنشدت للمعزّ العبيدي، فوجهه جعفر بن علي إليه في جملة طرف وتحف بعث بها إليه، كان أبو القاسم أفضلها عنده، فامتدح المعز لدين الله، وبلغ المعزّ من إكرامه الغاية. ثم عاد إلى إفريقية، ثم توجه إلى مصر، فتوفي ببرقة.
وجرى ذكره في «تخليص الذهب» من تأليفنا بما نصّه: «العقاب الكاسرة، والصّمصامة الباترة، والشّوارد التي تهادتها الآفاق، والغايات التي أعجز عنها السّباق» .
وصمته: وذكره ابن شرف في مقاماته، قال: وأما ابن هاني محمد، فهو نجدي الكلام، سردي النظام، إلّا أنه إذا ظهرت معانيه، في جزالة مبانيه، رمى عن منجنيق، لا يؤثر في النّفيق. وله غزل معرّي، لا عذري، لا يقنع بالطّيف، ولا يصفع بغير السيف، وقد قدّه به الذات، وعظم شأنه فاحتمل الثواب، وكان يقف دولته في أعلى منزلته، ناهيك من رجل يستعين على صلاح دنياه، بفساد أخراه، لرداءة دينه، وضعف يقينه. ولو عقل ما ضاقت عليه معاني الشّعر، حتى يستعين عليه بالكفر.
شعره: كان أول ما مدح به جعفر بن علي قوله : [الكامل]
أحبب بتيّاك القباب قبابا ... لا بالحداة ولا الرّكاب ركابا
فيها قلوب العاشقين تخالها ... عنما بأيدي البيض والعنّابا
وقال يمدح جعفر بن علي من القصيدة الشهيرة : [الطويل]
أليلتنا إذا أرسلت واردا وحفا ... وبانت لنا الجوزاء في أذنها شنفا
وبات لنا ساق يقوم على الدّجى ... بشمعة صبح لا تقطّ ولا تطفا
أغنّ غضيض خفّف اللّين قدّه ... وأثقلت الصّهباء أجفانه الوطفا
ولم يبق إرعاش المدام له يدا ... ولم يبق إعنات التّثنّي له عطفا
نزيف قضاه السّكر إلّا ارتجاجة ... إذا كلّ عنها الخصر حمّلها الرّدفا
يقولون حقف فوقه خيزرانة ... أما يعرفون الخيزرانة والحقفا؟
جعلنا حشايانا ثياب مدامنا ... وقدّت لنا الظّلماء من جلدها لحفا
فمن كبد تدني إلى كبد هوى ... ومن شفة توحي إلى شفة رشفا
بعيشك نبّه كأسه وجفونه ... فقد نبّه الإبريق من بعد ما أغفا
وقد فكّت الظلماء بعض قيودنا ... وقد قام جيش الليل للصبح فاصطفّا
وولّت نجوم للثّريّا كأنها ... خواتيم تبدو في بنان يد تخفى
ومرّ على آثارها دبرانها ... كصاحب ردء كمّنت خيله خلفا
وأقبلت الشّعرى العبور ملمّة ... بمرزمها اليعبوب تجنبه طرفا
وقد قبّلتها أختها من ورائها ... لتخرق من ثنيي مجرّتها سجفا»
تخاف زئير الليث قدّم نثرة ... وبربر في الظّلماء ينسفها نسفا
كأنّ معلّى قطبها فارس له ... لواءان مركوزان قد كره الزّحفا
كأن السّماكين اللذين تظاهرا ... على لبّتيه ضامنان له الحتفا
فذا رامح يهوي إليه سنانه ... وذا أعزل قد عضّ أنمله لهفا
كأنّ قدامى النّسر والنّسر واقع ... قصصن فلم تسم الخوافي له ضعفا
كأن أخاه حين دوّم طائرا ... أتى دون نصف البدر فاختطف النّصفا
كأن رقيب الليل أجدل مرقب ... يقلّب تحت الليل في ريشه طرفا
كأنّ بني نعش ونعش مطافل ... بوجرة قد أضللن في مهمه خشفا
كأنّ سهاها عاشق بين عوّد ... فآونة يبدو وآونة يخفى
كأنّ سهيلا في مطالع أفقه ... مفارق إلف لم يجد بعده إلفا
كأنّ الهزيع الآبنوسيّ موهنا ... سرى بالنسيج الخسروانيّ ملتفّا
كأن ظلام الليل إذ مال ميلة ... صريع مدام بات يشربها صرفا
كأن نجوم الصّبح خاقان معشر ... من التّرك نادى بالنّجاشيّ فاستخفى
كأن لواء الشمس غرّة جعفر ... رأى القرن فازدادت طلاقته ضعفا
وقد جاشت الظلماء بيضا صوارما ... ومركوزة سمرا وفضفاضة زعفا
وجاءت عتاق الخيل تردي كأنها ... تخطّ لنا أقلام آذانها صحفا
هنالك تلقى جعفرا خير جعفر ... وقد بدّلت يمناه من لينها عنفا
وكائن تراه في الكريهة جاعلا ... عزيمته برقا وصولته خطفا
وشعره كثير مدوّن، ومقامه شهير. وفيما أوردناه كفاية. وهو من إلبيرة الأصيلة.
وفاته: قالوا: لمّا توجّه إلى مصر، شرب ببرقة وسكر ونام عريانا، وكان البرد شديدا فأفلج، وتوفي في سنة إحدى وستين وثلاثمائة ، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة. ولما بلغت المعزّ وفاته، تأسّف عليه وقال: هذا رجل كنا نطمع أن نفاخر به أهل المشرق.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.
محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي، أبو القاسم، يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة:
أشعر المغاربة على الإطلاق. وهو عندهم كالمتنبّي عند أهل المشرق. وكانا متعاصرين. ولد بإشبيليّة، وحظي عند صاحبها (ولم تذكر المصادر اسمه) واتهمه أهلها بمذهب الفلاسفة، وفي شعره نزعة اسماعيلية بارزة، فأساؤوا القول في ملكهم بسببه، فأشار عليه بالغيبة، فرحل إلى إفريقية والجزائر. ثم اتصل بالمعز العبيدي (معدّ ابن إسماعيل) وأقام عنده في (المنصورية) بقرب القيروان، مدة قصيرة. ورحل المعز إلى مصر بعد أن فتحها قائده جوهر، فشيعه ابن هاني وعاد إلى إشبيلية فأخذ عياله وقصد المصر، لاحقا بالمعز، فلما وصل إلى (برقة) قتل فيها غيلة.
له (ديوان شعر - ط) شرحه الدكتور زاهد علي، في كتاب سماه (تبيين المعاني في شرح ديوان هاني - ط) وترجمه إلى الانكليزية .
-الاعلام للزركلي-