أحمد بن محسن المكين الزبيدي
همام فضله مشهور، وإمام تجرد مقامه عن القصور، قد اشتهر بالفضل والعلم، وعرف بدقة الإدراك والفهم، وكان له يد في الأدب تسمو به أعلى الرتب، قال أحمد بن محمد الشهير بالشرواني في كتابه نفحة اليمن: دخلت زبيد عام أربع وعشرين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية، فحللت بدار الصاحب الأريب عبد الكريم بن الحسين العتمي، وأقمت عنده يوماً في منزله ثم خرجت بعد صلاة المغرب متوجهاً إلى الحديدة، فورد إلي كتاب بعد وصولي إليها بيومين من السيد المترجم أحمد بن محسن المكين الزبيدي، يتضمن عتاباً لعدولي عن الحلول بمنزله إلى منزل الشيخ عبد الكريم العتمي، فمن جملة ما ذكر في كتابه هذه الأبيات وهي مرقومة في ديوانه:
كيف لم ترضني لودك أهلا ... ولغيري رضيت أهلاً ونزلا
أجرى من أسير ودك ذنب ... موجب للعدول عني مهلا
أم توخيت أن غيري أولى ... لقديم الوداد حاشا وكلا
كنت أرضى بأن تشرف قدري ... بعبور بقدر أهلاً وسهلا
فقليل منكم كثير ولكن ... فات ما فات وانقضى وتولى
فمن الفضل أن تعود وإن ... تجير ما كان يا أعز الأخلا
ومن لطائفه رحمه الله ما كتبه إلى القاضي العلامة محمد بن أحمد مشحم رحمه الله تعالى
مضى الدهر والشوق المبرح لم يزل ... يحث ولم أبلغ مناي ولا قصدي
ومرت دهور في لعل وفي عسى ... ولم تنتج الأقدار من ذاك ما يجدي
فهل حيلة للوصل يا غاية المنى ... تبلغ ما أهوى وتنجز لي وعدي
فإن تعلموا من ذاك شيئاً فأرشدوا ... فإني مستفت لعلمك مستهدي
عليكم سلام من أخي لوعة له ... إلى وجهك الوضاح شوق بلا حد
ودم في نعيم لا يشاب بنقمة ... وصار لك الدهر المعاند كالعبد
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.