محمد بن يوسف بن هود الجذامي أبي عبد الله

المتوكل على الله

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة635 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةالمرية - الأندلس
أماكن الإقامة
  • المرية - الأندلس
  • غرناطة - الأندلس
  • مرسية - الأندلس

نبذة

محمد بن يوسف بن هود الجذامي: أمير المسلمين بالأندلس، يكنى أبا عبد الله، ويلقب من الألقاب السلطانية بالمتوكل على الله . من ولد المستعين بن هود. وأوّليتهم معروفة، ودولتهم مشهورة، وأمراؤهم مذكورون. خرج من مرسية تاسع رجب عام خمسة وعشرين وستمائة إلى «الصّخور» من جهاتها، في نفر يسير من الجنود معه، وكان الناس يستشعرون ذلك، ويرتقبون ظهور مسمّى باسمه واسم أبيه، ويندّدون بإمرته وسلطانه.

الترجمة

محمد بن يوسف بن هود الجذامي
أمير المسلمين بالأندلس، يكنى أبا عبد الله، ويلقب من الألقاب السلطانية بالمتوكل على الله .
أوّليّته: من ولد المستعين بن هود. وأوّليتهم معروفة، ودولتهم مشهورة، وأمراؤهم مذكورون. خرج من مرسية تاسع رجب عام خمسة وعشرين وستمائة إلى «الصّخور» من جهاتها، في نفر يسير من الجنود معه، وكان الناس يستشعرون ذلك، ويرتقبون ظهور مسمّى باسمه واسم أبيه، ويندّدون بإمرته وسلطانه. وجرى عليه بسبب ذلك امتحان في زمن الموحّدين مرات، إذ كان بعض الهاتفين بالأمور الكائنة، والقضايا المستقبلة، يقول لهم: يقوم عليكم قائم من صنف الجند، اسمه محمد بن يوسف، فقتلوا بسبب ذلك شخصا من أهل جيّان. ويقال إن شخصا ممن ينتحل ذلك، لقي ابن هود، فأمعن النظر إليه، ثم قال له: أنت سلطان الأندلس، فانظر لنفسك، وأنا أدلّك على من يقيم ملكك، فاذهب إلى المقدّم الغشتي فهو القائم بأمرك. وكان الغشتي رجلا صعلوكا يقطع الطريق، وتحت يده جماعة من أنجاد الرجال، وسباع الشرّار، قد اشتهر أمرهم، فنهض إلى المقدم، وعرض عليه الأمر، وقال: نستفتح بمغاورة إلى أرض العدو، على اسمك وعلى سعدك، ففعلوا، فجلبوا كثيرا من الغنائم والأسرى، وانضاف إلى ابن هود طوائف مثل هؤلاء، وبايعوه ب «الصّخيرات» كما ذكر، من ظاهر مرسية، وتحرّك إليه السيد أبو العباس بعسكر مرسية، فأوقع به وشرّده، ثم ثاب إليه ناسه، وعدل إلى الدّعاء للعباسيين، فتبعه اللّفيف، ووصل تقليد الخليفة المستنصر بالله ببغداد، فاستنصر الناس في دعوته، وشاع ذكره، وملك القواعد، وجيّش الجيوش، وقهر الأعداء، ووفّى للغشتي بوعده، فولّاه أسطول إشبيلية، ثم أسطول سبتة، مضافا إلى أمرها، وما يرجع إليه، فثار به أهلها بعد وخلعوه، وفرّ أمامهم في البحر، وخفي أثره إلى أن تحقق استقراره أسيرا في البحر بغرب الأندلس، ودام زمانا، ثم تخلّص في سنّ الشيخوخة، ومات برباط آسفي.
حاله: كان شجاعا، ثبتا، كريما حيّيا، فاضلا، وفيّا، متوكّلا عليه، سليم الصدر، قليل المبالاة، فاستعلى لذلك عليه ولاته بالقواعد، كأبي عبد الله بن الرّميمي بألمريّة، وأبي عبد الله بن زنون بمالقة، وأبي يحيى عتبة بن يحيى الجزولي بغرناطة.
وكان مجدودا، لم ينهض له جيش، ولا وفّق لرأي؛ لغلبة الخفّة عليه، واستعجاله الحركات، ونشاطه إلى اللقاء، من غير كمال استعداد.
بعض الأحداث في أيامه :
جرت عليه هزائم، منها هزيمة السلطان الغالب بالله إيّاه مرّتين، إحداهما بظاهر إشبيلية، وركب البحر فنجا بنفسه، ثم هزمه بإلبيرة من أحواز غرناطة، زعموا كل ذلك في سنة أربع وثلاثين وستمائة أو نحوها.
وفي سنة خمس وثلاثين، كان اللقاء بينه وبين المأمون إدريس أمير الموحدين بإشبيلية، فهزمه المأمون أقبح هزيمة، واستولى على محلّته، ولاذ منه بمدينة مرسية.
ثم شغل المأمون الأمر، وأهمّته الفتنة الواقعة بمرّاكش، فصرف وجهه إليها، وثاب الأمر للمتوكل، فدخلت في طاعته ألمريّة، ثم غرناطة، ثم مالقة. وفي سبع وعشرين وستمائة، تحرّك بفضل شهامته بجيوش عظيمة، لإصراخ مدينة ماردة، وقد نازلها العدوّ وحاصر، ولقي الطّاغية بظاهرها، فلم يتأنّ، زعموا، حتى دفع بنفسه العدوّ، ودخل في مصافّه، ثم لمّا كرّ إلى ساقته، وجد الناس منهزمين لما غاب عنهم، فاستولت عليه هزيمة شنيعة، واستولى العدو على ماردة بعد ذلك.

وفتح عليه في أمور، منها تملّكه إشبيلية سنة تسع وعشرين وستمائة، وولّى عليها أخاه الأمير أبا النجاة سالما الملقب بعماد الدولة. وفي سنة إحدى وثلاثين، رجعت قرطبة إلى طاعته، واستوسق أمره. وتملّك غرناطة ومالقة عام خمسة وعشرين وستمائة، ودانت له البلاد. وفي العشر الأول من شوال، دخل في طاعته الريّسان أبو زكريا، وأبو عبد الله، ابنا الرئيس أبي سلطان عزيز بن أبي الحجاج بن سعد، وخرجا عن طاعة الأمير أبي جميل، وأخذا البيعة لابن هود على ما في أيديهما. وفي سنة ست وعشرين وستمائة، تملك الجزيرة الخضراء عنوة، يوم الجمعة التاسع لشعبان من العام، وفي العشر الوسط من شوال ورد عليه الخبر ليلا بقصد العدوّ وجهة مدينة وادي آش، فأسرى ليله مسرجا بقية يومه، ولحق بالعدو على ثمانين ميلا، فأتى على آخرهم، ولم ينج منه أحد.
إخوته: الرئيس أبو النجاة سالم، وعلامته: «وثقت بالله» ، ولقبه «عماد الدولة» ، والأمير أبو الحسن عضد الدولة، وأسره العدو في غارة، وافتكّه بمال كثير، والأمير أبو إسحاق شرف الدولة. وكلهم يكتب عنه، من الأمير فلان.
ولده: أبو بكر الملقب بالواثق بالله، أخذ له البيعة على أهل الأندلس، في كذا، وولّي بعده وليّ عهده، واستقلّ بملك مرسية، ثم لم ينشب أن هلك.
دخوله غرناطة: دخل غرناطة مرّات عديدة، إحداها في سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وقد وردت عليه الرّاية والتقليد من الخليفة العباسي ببغداد. وبمصلّى غرناطة، قرىء على الناس كتابه، وهو قائم، وزيّه السّواد، ورايته السوداء بين يديه، وكان يوم استسقاء، فلم يستتمّ على الناس قراءة الكتاب يومئذ، إلّا وقد جادت السماء بالمطر، وكان يوما مشهودا، وصنعا غريبا، وأمر بعد انصرافه، أن يكتب عنه بتلك الألقاب التي تضمّنها الكتاب المذكور إلى البلاد.
وفاته: اختلف الناس في سبب وفاته، فذكر أنه قد عاهد زوجه ألّا يتخذ عليها امرأة طول عمره، فلمّا تصيّر إليه الأمر، أعجبته روميّة حصلت له بسبب السّبي من أبناء زعمائهم، من أجمل الناس، فسترها عند ابن الرّميمي خليفته، فزعموا أن ابن الرميمي علق بها، ولما ظهر حملها، خاف افتضاح القصة، فدبّر عليه الحيلة، فلمّا حلّ بظاهر ألمريّة، عرض عليه الدخول إليها، فاغتاله ليلا، بأن أقعد له أربعة رجال، قضوا عليه خنقا بالوسائد. ومن الغد ادّعى أنه مات فجأة، ووقف عليه العدول، والله أعلم بحقيقة الأمر سبحانه، وكانت وفاته ليلة الرابع والعشرين من جمادى الآخرة عام خمسة وثلاثين وستمائة. وفي إرجاف الناس بولاية ابن هود، والأمر قبل وقوعه، يقول الشاعر: [الطويل]
همام به زاد الزمان طلاقة ... ولذّت لنا فيه الأماني موردا
فقل لبني العباس ها هي دولة ... أغار بها الحقّ المبين وأنجدا
فإن الذي قد جاء في الكتب وصفه ... بتمهيد هذي الأرض قد جاء فاهتدا
فإن بشّرتنا بابن هود محمد ... فقد أظهر الله ابن هود محمّدا
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.

 

 

 

 

مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ هُودٍ:
الأَنْدَلُسِيُّ السُّلْطَانُ أَبُو عَبْدِ اللهِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الوَلِيْدِ بنِ الحَاجِّ، قَالَ: لَمَّا قضى الله -تعالى- بهلاك المُوَحِّدِيْنَ بِالأَنْدَلُسِ، وَذَلِكَ أَنَّهُم ابْتُلُوا بِالصَّلاَحِ فِي الظَّاهِرِ، وَالأَعْمَالِ الفَاسِدَةِ فِي البَاطِنِ، فَأَبْغَضَهُمُ النَّاسُ بُغْضاً شَدِيْداً، وَتَرَبَّصُوا بِهِمُ الدَّوَائِرَ، إِلَى أَنْ نَجَمَ ابْنُ هُودٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِشَرقِ الأَنْدَلُسِ فَقَامَ النَّاسُ كُلُّهُم بِدَعْوَتِهِ، وَتَعَصَّبُوا مَعَهُ، وَقَاتَلُوا المُوَحِّدِيْنَ فِي البُلْدَانِ، وَحَصَرُوهُم فِي القِلاعِ، وَقَهَرُوهُم، وَقَتلُوا فِيهِم، وَنُصِرَ عَلَى المُوَحِّدِيْن، وَخَلُصَت الأَنْدَلُسُ كُلُّهَا لَهُ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ فَرَحاً عَظِيْماً، فَلَمَّا تَمَهَّدَ أَمْرُهُ أنشأ غزوة للفرنج على مدينة مَارِدَةَ بِغَربِ الأَنْدَلُسِ، وَاسْتَدعَى النَّاسَ مِنَ الأَقْطَارِ، فَانْتدبَ الخَلْقُ لَهُ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ وَخُلُوصِ نِيَّةِ المُرْتَزِقَة وَالمُطّوعَة، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الأَنْدَلُسِ كُلُّهُم، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَنْ حَبَسَهُ العُذْرُ، فَدَخَلَ بهم إلى الإفرنج، فلما تراءى الجمعان وقت الهَزِيْمَةُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ أَقبحَ هَزِيْمَةٍ فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، وَكَانَتْ تِلْكَ الأَرْضُ مَدْيَسَةً بِمَاءٍ وَعَزْقٍ تَسَمَّرَت فِيْهَا الخَيْل إِلَى آباطهَا، وَهَلَكَ الخَلْقُ، وَأَتبعهُم الفِرَنْجُ بِالقَتْلِ وَالأَسْرِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا القَلِيْلُ، وَرَجَعَ ابْنُ هُودٍ فِي أَسْوَأِ حَالٍ إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ، فَنَعُوذُ بِهِ مِنْ سُوْءِ المُنْقَلَبِ، فَلَمْ تَبق بُقعَة مِنَ الأَنْدَلُس إلَّا وَفِيْهَا البُكَاءُ وَالصِّيَاح العَظِيْم وَالحُزْن الطَّوِيْل، فَكَانَتْ إِحْدَى هَلَكَات الأَنْدَلُس، فَمَقَتَ النَّاسُ ابْنَ هود، وَصَارُوا يُسَمّونه المَحْرُومَ، وَلَمْ يَقدر أَنْ يَفعلَ مَعَ الفِرَنْج كَبِيْر فَعل قَطُّ إلَّا مرَّة أَخَذَ لَهُم غَنَماً كَثِيْرَةً جِدّاً، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ شُعَيْب بن هِلاَلَة بِلَبْلَة، فَصَالَحَ ابْنُ هود الأَدفوش عَلَى مُحَاصرَة لَبْلَةَ وَمُعَاونته عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ قُرْطُبَةَ، وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ: لاَ يَسُوغ أَنْ يَدخلهَا الفِرَنْج عَلَى البَدِيْهَةِ، وَإِنَّمَا تُهمِلُ أَمرَهَا، وَتُخلِيهَا مِنْ حرس، وَوَجِّهْ أَنْتَ الفِرَنْج يَتَعَلَّقُوْنَ بِأَسوَارِهَا بِاللَّيْلِ وَيَغدرُوْنَ بِهَا، فَفَعلُوا كَذَلِكَ. وَوَجَّه ابْنُ هُوْدٍ إِلَى وَالِيهِ بِقُرْطُبَةَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ، وَأَمره بِضِيَاعهَا مِنْ حَيِّزِ الشَّرْقِيَّة فَجَاءَ الفِرَنْجُ فَوَجَدُوْهُ خَالِياً، فجعلوا السلام وَاسْتوَوا عَلَى السُّوْر فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّة إلَّا بِاللهِ.
وَكَانَتْ قُرْطُبَة مَدينَتَيْنِ: إِحدَاهُمَا الشَّرْقِيَّةُ وَالأُخْرَى المَدِيْنَة العُظْمَى، فَقَامَتِ الصَّيْحَة وَالنَّاس فِي صَلاَةِ الفَجْر، فَرَكِبَ الجُنْد وَقَالُوا لِلوَالِي: اخْرُج بِنَا لِلمُلْتَقَى، فَقَالَ: اصْبِرُوا حَتَّى يضحِي النَّهَار، فَلَمَّا أَضْحَى رَكِبَ وَخَرَجَ مَعَهُم، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الفِرَنْج قَالَ: ارجعُوا حَتَّى أَلبس سلاَحِي! فَرَجَعَ بِهِم وَهُم يُصَدِّقُونه، وَذَا أَمرٌ قَدْ دُبر بِليلٍ، فَدَخَلَ الفِرَنْج عَلَى أَثرِهِم، وَانْتَشَرُوا، وَهَرَبَ النَّاسُ إِلَى البَلَدِ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الشُّيُوْخ وَالولدَان وَالنسوَان، وَنُهِبَ لِلنَّاسِ مَا لَا َيُحْصَى، وَانحصرت المَدِيْنَة العُظْمَى بِالخَلْقِ فَحَاصَرَهُم الفِرَنْج شُهُوْراً، وَقَاتلوهُم أَشَدّ القِتَال، وَعدم أَهْلُهَا الأَقوَات، وَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ جُوْعاً، ثُمَّ اتَّفَقَ رَأْيُهُم مَعَ أَدفونش -لَعَنَهُ اللهُ- عَلَى أَنْ يُسلموهَا وَيَخْرُجُوا بِأَمتعتِهِم كُلّهَا، فَفَعَل، وَوَفَّى لَهُم، وَوصّلهُم إِلَى مَأْمَنِهِم فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَلَمْ يُمتّع بَعْدهَا ابْن هُود، بَلْ أَخَذَهُ اللهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، فَكَانَتْ دَوْلَتُه تِسْعَةَ أَعْوَامٍ وَتِسْعَةَ أَشهر وَتِسْعَةَ أَيَّام، وَهَلَكَ بِالمَرِيَّةِ جُهّز عَلَيْهِ مَن غَمَّهُ وَهو نَائِم، وَحُمِلَ إِلَى مُرْسِيَة فَدُفِنَ هُنَاكَ، وَلَمْ يَمت حَتَّى قَوِيَ أَمرُ المُوَحِّدِيْن وَقَامَ بَعْدَهُ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ نَصْر ابْن الأَحْمَر، وَدَامَ الْملك فِي ذُرِّيَته. وَقَدِمَ عَلَيْنَا دِمَشْق ابْن أَخِيْهِ الزَّاهِدُ الكَبِيْرُ بَدْر الدِّيْنِ بن هُود، وَرَأَيْتُهُ، وَكَانَ فَلسفِيَّ التَّصَوُّف يَشْرَب الخَمْر، أخذه الأعوان مخمورًا!

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

 

 

محمد بن يوسف بن هود، أبو عبد الله، من أعقاب بني هود الجذاميين من ملوك الطوائف:
آخر ملوك هذه الدولة الكبار. كان أول أمره من الأجناد، مقيما في سرقسطة. ولما ظهر الخلل في دولة الموحدين ثار عليهم بالصخيرات (من عمل مرسية مما يلي رقوط) وتلقب بالمتوكل على الله (سنة 625 هـ فقاتله والي مرسية، وكان من بني عبد المؤمن ابن علي، من الموحدين، فظفر ابن هود ودخل مرسية، وخطب باسم المستنصر العباسي الخليفة ببغداد. وقاتله والي شاطبة، ففاز ابن هود، فزحف عليه المأمون (إدريس بن يعقوب) فتقهقر ابن هود واعتصم بمرسية، فحاصره المأمون مدة، وعجز عن فتحها فرحل عنها. وعظم أمر ابن هود فبايعه أهل شاطبة وقرطبة وإشبيلية، واستولى على الجزيرة الخضراء وجبل الفتح. بينما كانت تجيئه كتب الخليفة العباسي، ينعته فيها بمجاهد الدين، سيف أمير المؤمنين. وثار عليه ابن الأحمر (محمد بن يوسف) بحصن أرجونة من أعمال قرطبة، داعيا للحفصيين أصحاب إفريقية وأطاعته قرطبة (سنة 629) .
قال السلاوي: وتنازع ابن الأحمر وابن هود رياسة الأندلس وتجاذبا حبل الملك بها. وكانت خطوب منها تجهز ألفونس الأحول، ملك قشتالة، لحربه، ومصالحته له (سنة 632) وتحوّله عنه الى قرطبة واستيلاؤه عليها (في 23 شوال 633) وانتقض الصلح بينهما بعد عام من عقده. وأخذ ابن هود بتنظيم أموره فكتب الى عماله رسائل، منها (في 24 جمادى الأولى 634) يدعوهم الى انتقاء أهل الأمانة لأعمالهم و (المثابرة على ما تكف به أكف الاعتداء. وكانت له فتاة رومية عهد برعايتها الى عامله على مدينة المريّة، ويعرف بابن الرميمي، فامتدت يد هذا اليها، وقام ابن هود من مرسية الى المريّة ليرى روميته، فخاف ابن الرميمي افتضاح أمره، فأكمن رجالا في داره. ودخل ابن هود، فعاجلوه بسيوفهم وقتلوه (في 24 جمادى الأولى) ثم استقر قدم ابن الأحمر في الملك .

-الاعلام للزركلي-