زاوي بن زيري بن مناد الصنهاجي أبي مثنى
تاريخ الولادة | غير معروف |
تاريخ الوفاة | غير معروف |
الفترة الزمنية | بين 350 و 450 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
زاوي بن زيري بن مناد الصّنهاجي
الحاجب المنصور، يكنى أبا مثنّى.
أوّليّته: قد مرّ ما حدث بين أبيه زيري وبين قرابته من ملوك إفريقية، وباديس بن منصور من المشاحنة التي أوجبت مخاطبة المظفر بن أبي عامر في اللّحاق بالأندلس، وإذنه في ذلك، فدخل الأندلس منهم على عهده جماعة وافرة من مساعير الحروب وآثار الحتوف، مع شيخهم هذا وأميرهم، ودخل منهم معه أبناء أخيه ماكسن وحباسة وحبّوس، وقاموا في جملة المظفّر، وزاوي مخصوص باسم الحجابة؛ فلمّا اختلّ بناء الخلافة، بمحمد بن عبد الجبار الملقّب بالمهدي، أذلّهم وتنكّر لهم، وأشاع بينهم وبين أمثالهم من البرابر، المغايرة، فكان ذلك سبب الفتنة التي يسمّيها أهل الأندلس بالبربرية؛ فانحاشوا، ونفروا عهده، وبايعوا سليمان بن الحكم، واستعانوا بالنصارى، وحرّكوا على أهل قرطبة خصوصا، وعلى أهل الأندلس عموما، ما شاء الله من استباحة، وإهلاك النفوس، وغلبوا على ملك الأندلس، وما وراء البيضة، واقتسموا أمّهات الأقطار، وانحازوا إلى بلاد تضمّهم، فانحازت صنهاجة مع رئيسهم المذكور إلى غرناطة، فأووا إليها، واتخذوها ملجأ، وحماها زاوي المذكور، وأقام بها ملكا، وأثّل بها سلطانا لذويه، فهو أوّل من مدّن غرناطة، وبناها وزادها تشييدا ومنعة، واتصل ملكه بها، وارتشحت عروقه، إلى أن كان من ظهوره بها وأحوازها، على عساكر الموالي، الراجعين بإمامهم المرتضى إلى قرطبة، البادين بقتاله، والآخذين بكظمه، بما تقرّر ويتقرّر في اسم المرتضى، من باب المحمّدين.
وكان زاوي كبش الحروب، وكاشف الكروب، خدم قومه شهير الذّكر أصيل المجد، المثل المضروب في الدهاء، والرأي، والشجاعة، والأنفة، والحزم.
قال بعضهم: أحكم التدبير، والدولة تسعده، والمقادر تنجده، وحكيت له في الحروب حكايات عجيبة.
بعض أخباره في الرأي: قال أبو مروان: وقد مرّ ذكر الفتنة البربرية؛ لمّا خلص ملأ القوم، لتشاور أميرهم، وهم فرض في خروجهم من قرطبة، عندما انتهوا إلى فحص هلال، واجتمعوا على التّأسّي، وضرب لهم زعيمهم زاوي بن زيري بن مناد الصّنهاجي، مثلا بأرماح خمسة جمعها مشدودة، ودفعها لأشدّ من حضره منهم، وقال: اجهد نفسك في كسرها كما هي وأغمزها، فعالج ذلك فلم يقدر عليه، فقال له: حلّها وعالجها رمحا رمحا، فلم يبعد عليه دقّها، فأقبل على الجماعة، فقال: هذا مثلكم يا برابرة، إن جمعتم لم تطاقوا، وإن تفرّقتم لم تبقوا، والجماعة في طلبكم، فانظروا لأنفسكم وعجّلوا، فقالوا: نأخذ بالوثيقة، ولا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، فقال لهم: بايعوا لهذا القرشي سليمان، يرفع عنكم الأنفة في الرياسات، وتستميلون إليه العامّة بالجنسية، ففعلوا، فلمّا تمّت البيعة قال: إن مثل هذا الحال لا يقوى على أهل الاستطالة، فيقيّد له رئيس كل قبيلة منكم، قبيلة يتكفّل السلطان بتقويمهم، وأنا الكفيل بصنهاجة، قال: وامتارت بطون القبائل على أرحامها، وقبائلها إلى أفخاذها وفصائلها، فاجتمع كل فريق منهم على تقديم سيّده، فاجتمعت صنهاجة على كبيرها زاوي، ولم تزل تلك القبائل المتألّفة بالأندلس لطاعة أميرها، المنادين له إلى أن أورثوهم الإمارة.
التوقيع: قالوا : ولمّا نازله المرتضى الذي أجلب به الموالي العامريين بظاهر غرناطة، خاطبه بكتاب يدعوه فيه إلى طاعته، وأجمل موعده فيه؛ فلما قرىء على زاوي قال لكاتبه: اكتب على ظهر رقعته: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) السورة . فلمّا بلغت المرتضى أعاد عليه كتابا يعده فيه بوعيده، فلمّا قرىء على زاوي، قال: ردّ عليه: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ(1) إلى آخرها، فازداد المرتضى غيظا، وناشبه القتال، فكان الظّهور لزاوي.
قال المؤرّخ : واقتتلت صنهاجه مع أميرهم مستميتين لما دهمهم من بحر العساكر، على انفرادهم وقلّة عددهم، إلى أن انهزم أهل الأندلس، وطاروا على وجوههم، مسلموهم وإفرنجهم، لا يلوون على أحد، فأوقع البرابر بهم السيف، ونهبوا تلك المحلّات، واحتووا على ما لا كفاء له اتساعا وكثرة؛ ظلّ الفارس يجيء من أتباع المنهزمين ومعه العشرة، ولا تسل عمّا دون ذلك من فاخر النّهب، وخير الفساطيط، ومضارب الأمراء والرؤساء.
قال ابن حيّان: فحلّ بهذه الوقيعة على جماعة الأندلس مصيبة أنست ما قبلها، ولم يجتمع لهم جمع بعدها وفرّوا بإدبار، وباؤوا بالصّغار.
منصرفه عن الأندلس: قال المؤرّخ : ولهول ما عاينه زاوي من اقتدار أهل الأندلس في أيّام تلك الحروب وجعاجعهم، وإشرافهم على التغلّب عليه، هان سلطانه عنده بالأندلس، وخرج عنها نظرا إلى عاقبة أمره، ودعا بجماعة من قومه لذلك فعصوه، وركب البحر بجيشه وأهله، فلحق بإفريقية وطنه. قال: فكان من أغرب الأخبار في الدولة الحمّودية انزعاج ذلك الشيخ زاوي عن سلطانه بعد ذلك الفتح العظيم الذي ناله على أهل الأندلس، وعبوره البحر بعد أن استأذن ابن عمّه المعز بن باديس، فأذن له.
وحرص بنو عمّه بالقيروان، على رجوعه لهم لحال سنّه، وتقريبهم يومئذ من مثله من مشيختهم لمهلك جميع إخوتهم، وحصوله هو على مقرّر بني مناد، الغريب الشأن ، في أن لا تحجب عنهم نساؤهم وكنّ زهاء ألف امرأة في ذلك الوقت، هنّ ذوات محرم من بنات إخوته وبناتهنّ وبني بنيهنّ. وكان رحيل زاوي عن الأندلس سنة عشر وأربعمائة. قال ابن حيّان : وأخبار هذا الداهية كثيرة، وأفعاله ونوادره مأثورة.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.