محمود بن خليل بن أحمد بن عبد الله العظم
تاريخ الولادة | 1252 هـ |
تاريخ الوفاة | 1292 هـ |
العمر | 40 سنة |
مكان الولادة | دمشق - سوريا |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
محمود بن خليل بن أحمد بن عبد الله (باشا) العظم:
شاعر، دمشقي المولد والوفاة. نشأ في نعمة وترف، وأضاع ثروته، وتصوف. كان ولوعا بالصناعات اليدوية: كوضع الورق الملوّن البارز على الواح البللور، مضيفا إليه نفائس النقوش. وله (ديوان شعر - ط) وكتب، منها
(رسائل الأشواق في وسائل العشاق) ثلاثة أجزاء، و (عقد الدرر وجمان الغرر - خ) منتخبات شعرية، بخطه، في الظاهرية، و (الروض الزاهر والبحر الزاخر - خ) في التصوف والأدب، ثلاثة مجلدات. وهو والد (رفيق بك العظم) .
-الاعلام للزركلي-
محمود بيك بن خليل بك بن أحمد بيك بن عبد الله باشا العظم الدمشقي الأديب الذي في ميدان الأدب لا يجارى، والأريب الذي في لطفه وجماله لا يبارى، والفصيح الذي فاقت فصاحته والمليح الذي تسامت ملاحته، واللبيب الذي استوى على أوج الرقائق، والنجيب الذي لم يدع منهلاً في المعارف إلا وكرع منه الكأس الرائق.
ولد في سنة اثنتين وخمسين ومائتين وألف ونشأ في حجر والده، وقرأ القرآن وتعلم الكتابة الحسنة، وقرأ بعض الفنون على بعض الأفاضل، إلى أن صار له يد طولى، ثم انفرد في دار وحده، وكان غنياً غنى مفرطاً من جهة أمه، إلا أنه سلط عليها يد الإتلاف من غير إرادة ولا إنصاف، والدنيا كانت تعاكسه في كل مراد وتجذبه إلى خلاف ما أراد، وما زال على حاله لا يصغي إلى من يريد أن ينشله من أوحاله، إلى أن قل ماله وبدا له ممن كان يتردد عليه إهماله، فاختار العزلة في أكثر أوقاته، والانفراد عن أحبابه وذوي التفاته، إلى أن شرف إلى الشام العارف الكبير والهمام الشهير، الشيخ محمد الفاسي المغربي المالكي الشاذلي، فأقبل عليه وتوجه بكليته إليه، وأخذ منه الطريقة الشاذلية، وحصل له منها نفحات رحمانية، وكنا نجتمع معه في أوقات كثيرة هي بأن تذكر بأنها من الأعمار جديرة، لأن تجليه كان جالباً للفرح مذهباً للترح، موجباً للسرور مخرجاً من الغم والكدور. وكان حسن المعاشرة جميل المذاكرة، لطيف العبارة ظريف الإشارة، كثير الابتسام عذب الكلام، ملاطفته تذهب البؤس عن كل عبوس. وكان له قلم عال سبوق سيال، وله تأليفات أدبية، ورسائل عن العيب أبية، خصوصاً وقد اشتغل بعد الطريق بمطالعة كلام السادة الصوفية، ذوي المعارف والأسرار الإلهية.
فمن مؤلفاته كتاب رسائل الأشواق في وسائل العشاق في ثلاثة مجلدات، وهو كتاب يشتمل على العبارات الرقيقة والقصائد الأنيقة، وأنواع الموشحات والمقاطيع العاليات، وكثير من فنون الشعر مما لا يوجد بغيره من كتب النظم والنثر، ويشتمل على حكم ومواعظ ونوادر ونكات، وله شرح مناجاة سيدي العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي بلسان عال جميل، وله عدة دواوين شعرية، تدل على معارفه العلية، وله كتاب في التصوف سماه البحر الزاخر والروض الزاهر، ومن كلامه في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
سلوني فأحكام الهوى بعض حكمتي ... وأحكام آيات الغرام مزيتي
بدا لي به نور الحقيقة ظاهراً ... فشاهدت ذاتي تنجلي لبصيرتي
ومنها:
فمحبوب قلبي إن تأملت واحد ... أنست به للانفراد بوحدتي
مظاهر أسماء له قد تعددت ... ولا ثم إلا واحد في الحقيقة
فطوراً بليلى والرباب تغزلي ... وطوراً بزيد واللوى والثنية
فلم يبق شيء ما تعشقت حسنه ... وما ثم كون ما تراءى لمقلتي
إلى أن رأيت الكل بالكل فانياً ... وذاتي هي المقصود من كل صورة
وهي تقارب المائتي بيت كلها قد بلغت في الحسن مبلغاً عظيماً، ومن قوله في الفخر والحماسة:
عديني وامطلي مهما تشائي ... ففي التعليل تعليل لدائي
وتسويف الملاح إذا تمادى ... على المضنى ألذ من الشفاء
بعادي في الهوى عين اقترابي ... وغاية مقصدي وبه منائي
فما أحلى العذاب لكل صب ... إذا أمسى الذي يهواه نائي
له في كل وقت طيب وصل ... يجيء به التخيل والترائي
يشاهد من يحب بلا رقيب ... ولا واش عليه ولا مرائي
فلم أترك لقاها عن ملال ... ولا عن علة تركت لقائي
ولكنا نرى للعز أهلا ... وأهلا للمذلة والشقاء
رويدك أين تبلغ من لحاقي ... أمامك أيها العادي ورائي
سل الخطار والبتار عني ... وسل جود السحائب عن سخائي
ظمئت فما شربت الماء صرفا ... ولا أدليت دلوي في الدلاء
أأشرب والزلال يخاض فيه ... ومن نهر المجرة كان مائي
ولما أن سموت إلى الثريا ... أنفت بأن أسير على الثراء
فما رتب العلا إلا حظوظ ... مقسمة على أهل الولاء
وحسبك فاقتنع بالبعض منها ... ولا تلقي بنفسك للبلاء
وإياك التطلع نحو مجدي ... ولا تقس الغياهب بالضياء
فإني لست أقنع بالتهاني ... ولا يرضى بغايتها رضائي
وإني سوف أبتكر المعالي ... وأبلغ من نهايتها منائي
ولي نفس الملوك بجسم عبد ... تنزه أن يذل له ثرائي
ولكني أرى في قوم سود ... رضوا بالغيم عن زرق السماء
سأصبر صبر مرتاض كريم ... وأجعل كل ما أرجو ورائي
ومن قوله رحمه الله تعالى في النصائح والمواعظ
يا مهجتي مهلا إلى كم تتعبي ... وإلى متى بهوى الظبا تتعذبي
خلي معاناة الصبابة والهوى ... وعن المحبة فاذهبي لا تذهبي
إن الهوى فيه الهوان فقللي ... ذكر الغزالة والغزال الربرب
كم ذا تداري الكاشحين بحبهم ... وعلى الغضا وعن الهدى تتقلبي
وإلى متى هذا النحيب وذا البكا ... فلقد يشك من الجوى أن تعطبي
إن كنت لا تصغي لقولة ناصح ... فتقطعي بهواهم وتأربي
في مذهبي ترك الصبابة في الصبا ... شرع أدين بدينه في مذهبي
ودعي كؤوس الراح لا تعني بها ... وتهذبي إن كنت لم تتهذبي
إن الندامة في المدامة أودعت ... أن تقبلي نصحي وإلا جربي
ودعي المليح وقولهم يا حسنه ... لم يبق ذو لب به إلا سبي
إن لاح لاح البدر من أطواقه ... أو فاح أهدى طيبا من طيب
يزري بأغصان الأراك قوامه ... إن قام يخطر خطرة المتعجب
من شعره وجبينه غار الضيا ... حسداً له وانشق قلب الغيهب
ودعي هوى سلمى وزينب فالهوى ... ضرب من الهذيان يجهله الغبي
إن تبد قل للشمس قولة ناصح ... بالله يا شمس النهار تحجبي
هي كالغزالة إن بدت وتلفتت ... لكنها حجبت بقلب العقرب
لا يشجينك بارق متألق ... فلعله برق وليس بصيب
وتكلفي للجد في طلب العلا ... من جد فاز علا بأرفع منصب
يا صاح خذ قولي ودع ما غيره ... حتى تسمى بالأجل الأنجب
وله كثير في كل نوع من أنواع الشعر مذكور في ديوانه ومجاميعه، وفي آخر أمره ضاقت يده ولم يبق عنده من ثروته الواسعة شيء لا من دراهم ولا من دنانير ولا من عقارات، ومع ذلك تراه ضاحكاً راضياً كأنه ما أصابه شيء قط، وكنت كلما نصحته قبل ذلك يعتذر لي لأن مراد الله لا بد من وقوعه. وكان حضرة الأمير السيد عبد القادر الجزائري يصله كثيراً ويساعده، ولم يزل إلى أن توفي في نصف رجب الحرام الذي هو من شهور سنة اثنتين وتسعين ومائتين وألف، وتأسف الناس عليه، وكانت وفاته في حياة والده ودفن في تربة أسلافه، ومدته من العمر أربعون سنة.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.