أبو علي بن هدية
من أهل غرناطة.
حاله: قال أبو القاسم الملّاحي فيه: من أهل الدين، والفضل، والأمانة، والعدالة، والمعرفة بالتكسير والأعمال السلطانية، وولّي «المستخلص» «1» بغرناطة، فثقب وأجاد النظر. قال ابن الصّيرفي: ولما ولي الوزير أبو علي بن هديّة المستخلص، وباشر جلائل الأمور ودقائقها بنفسه، حمى المناصفين، ورفع المؤن والكلف عنهم، ووسّع بسليف البذر عليهم، وآثرهم بالنّصفة بالتزام حصّة بيت المال؛ ولم يكن له حجّاب ولا بوّاب، فكان القويّ والضعيف، والمشروف والشريف، والكبير والصغير، والرجل والمرأة، شرعا سواء في الوصول إليه، والتكلّم في مجلسه، فلم يهتضم جانب، ولا دحضت حجة؛ إلّا أنه ارتفعت الرّقبة، وزالت الهيبة، وأمحق نور الخطّة؛ وخصّ أحباس «2» جامع غرناطة بنظره، بفضل مال كثير من غلّته، ونبّه باجتماعه ليزيد به بلاطين في مسقفه من شرقه وغربه، فأكمل الله ذلك بسعيه وعلى يديه؛ ورام ربع المستخلص، وزاد به في حمّاماته؛ ورمّ حوانيته، واستحدث منيحة سمّاها المستحدثة، وغرس قضبان الجوز في مواضع المياه، وعوّض بما ذهب، وشمّر في جمع المال، ووالى الحفز على العمل، ونصح بمقتضى جهده، ومنتهى وسعه، ولم تمدّ يده في مصانعة، ولا مالت إلى مداخلة، ولكنه لم يحمل في حق، ولا نوقش في باطل.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.