أحمد بن عباس بن أبي زكريا
تاريخ الولادة | 397 هـ |
تاريخ الوفاة | 427 هـ |
العمر | 30 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أحمد بن عباس بن أبي زكريا «4»
ويقال ابن زكريا. ثبت بخط ابن التّيّاني، أنصاريّ النسب، يكنى أبا جعفر.
حاله: كان «5» كاتبا حسن الكتابة، بارع الخطّ فصيحا، غزير الأدب، قوي المعرفة، شارعا في الفقه، مشاركا في العلوم، حاضر الجواب، ذكيّ الخاطر، جامعا للأدوات السلطانية «6» ، جميل الوجه، حسن الخلقة، كلفا بالأدب، مؤثرا له على سائر لذّاته، جامعا للدواوين «7» العلمية، معنيا بها، مقتنيا للجيّد منها، مغاليا فيها، نفّاعا من خصّه بها «8» ، ولا يستخرج منها شيئا، لفرط بخله بها، إلّا لسبيلها، حتى لقد أثرى كثير من الورّاقين والتجّار معه فيها، وجمع منها ما لم يكن عند ملك.
يساره: يقال إنه لم يجتمع عند أحد من نظرائه ما اجتمع عنده من عين وورق ودفاتر وخرق، وآنية، ومتاع وأثاث وكراع.
مشيخته: روى عن أبي تمام غالب التّياني، وأبي عبد الله بن صاحب الأحباس.
نباهته وحظوته: وزر لزهير العامريّ «9» الآتي ذكره، وارثا الوزارة عن أبيه، وهي ما هي في قطر متحرّ بينابيع السّخيلة، وثرّ بهذه الأمنة مستندا إلى قعساء العزّة، فتبنّك نعيما كثيرا، تجاوز الله عنه.
دخوله غرناطة: الذي اتصل علمي أنه دخل غرناطة منكوبا حسبما يتقرّر.
نكبته: زعموا أنه كان أقوى الأسباب فيما وقع بين أميره زهير، وبين باديس أمير غرناطة، من المفاسدة، وفصل صحبه إلى وقم باديس وقبيله، وحطّه في حيّز هواه وطاعته، وكان ما شاء الله من استيلاء باديس على جملتهم، ووضع سيوف قومه فيهم، وقتل زهير، واستئصال محلّته؛ وقبض يومئذ على أحمد بن عباس، وجيء به إلى باديس، وصدره يغلي حقدا عليه، فأمر بحبسه، وشفاؤه الولوغ في دمه، وعجل عليه بعد دون أصحابه من حملة الأقلام. قال ابن حيان «1» : حديث ابن عباس أنه كان قد ولع «2» ببيت شعر صيّره هجواه أوقات لعبه بالشطرنج، أو معنى يسنح له مستطيلا بجدّه: [المتقارب]
عيون الحوادث عنّي نيام ... وهضمي على الدهر شيء حرام
وشاع «3» بيته هذا عند «4» الناس، وغاظهم، حتى قلب له مصراعه بعض الشعراء «5» فقال:
«سيوقظها «6» قدر لا ينام»
فما كان إلّا «كلا» و «لا» حتى «7» تنبّهت الحوادث لهضمه، انتباهة انتزعت منه نخوته وعزّته، وغادرته أسيرا ذليلا يرسف في وزن أربعين رطلا «8» من قيده، منزعجا من عضّه لساقه البضّة، التي «9» تألمت من ضغطة جوربه، يوم «10» أصبح فيه أميرا مطاعا، أعتى «11» الخلق على بابه، وآمنهم بمكره، فأخذه أخذ مليك مقتدر، والله غالب على أمره.
وفاته: قال أبو مروان «12» : كان باديس قد أرجأ قتله مع جماعة من الأسرى، وبذل في فداء نفسه ثلاثين ألف دينار من الذّهب العين، مالت إليها نفس باديس إلّا أنه عرض ذلك على أخيه بلكّين، فأنف منه، وأشار عليه بقتله، لتوقعه إثارة فتنة أخرى على يديه، تأكل من ماله أضعاف فديته. قال: فانصرف يوما من بعض ركباته مع أخيه «13» ، فلمّا توسّط الدار التي فيها
أحمد «1» بقصبة غرناطة، لصق القصر، وقف هو وأخوه بلكّين، وحاجبه علي بن القروي، وأمر بإخراج أحمد إليه، فأقبل يرسف في قيده حتى وقف «2» بين يديه، فأقبل على سبّه وتبكيته بذنوبه، وأحمد يتلطّف «3» إليه، ويسأله إراحته مما هو فيه، فقال له: «اليوم تستريح من هذا الألم، وتنتقل إلى ما هو أشدّ» ؛ وجعل يراطن أخاه بالبربرية «4» ، فبان لأحمد وجه الموت، فجعل «5» يكثر الضّراعة، ويضاعف «6» عدد المال، فأثار غضبه، وهزّ مزراقه «7» ، وأخرجه من صدره؛ فاستغاث الله،- زعموا-، عند ذلك، وذكر أولاده وحرمه؛ للحين أمر باديس بحزّ رأسه ورمي «8» خارج القصر.
حدّث خادم باديس، قال «9» : رأيت جسد ابن عباس ثاني يوم قتله 1»
، ثم قال لي باديس: خذ رأسه وواره مع جسده؛ قال «11» : فنبشت قبره «12» ، وأضفته إلى جسده، بجنب أبي «13» الفتوح قتيل باديس أيضا. وقال لي باديس «14» : ضع عدوّا إلى جنب عدو، إلى يوم القصاص؛ فكان قتل أبي جعفر عشيّة الحادي والعشرين من ذي حجة سنة سبع وعشرين وأربعمائة «15» ، بعد اثنين وخمسين يوما من أسره. وكان يوم مات ابن ثلاثين، نفعه الله ورحمه.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.