أبي بشر الوزير الحلبي النصراني

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاةغير معروف
الفترة الزمنيةبين 400 و 500 هـ
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا

نبذة

أبو بشر الوزير الحلبي النصراني: كان وزيرا للأمير محمود بن نصر بن صالح بن مرداس الكلابي، أمير حلب، وكان قد ساعد محمودا بماله حتى ملكه حلب واستجذب إليه العرب، وكان محمود في أول ملكه حسن الأخلاق، كريم النفس، ثم تغير بعد ذلك على أصحابه وشحت نفسه، وتغيرت أخلاقه بعد رحيل السلطان العادل ألب أرسلان عن حلب.

الترجمة

أبو بشر الوزير الحلبي النصراني:
كان وزيرا للأمير محمود بن نصر بن صالح بن مرداس الكلابي، أمير حلب، وكان قد ساعد محمودا بماله حتى ملكه حلب واستجذب إليه العرب، وكان محمود في أول ملكه حسن الأخلاق، كريم النفس، ثم تغير بعد ذلك على أصحابه وشحت نفسه، وتغيرت أخلاقه بعد رحيل السلطان العادل ألب أرسلان عن حلب.
فتغير على وزيره أبي بشر، وكان القائد أبو الحسن بن أبي الثريا الذي كان وزيرا لعطية بن صالح بن مرداس قد سعى بأبي بشر ليلي وزارة محمود، فقبض محمود أبا بشر الوزير، وطالبه بمال جليل، وكان محمود قد رغب في جمع المال وغلب عليه حب الدنيا، فذكر له أبو بشر أنه عاجز عن أداء ما طولب به، وأنه مما لا تصل يده ولا الى بعضه، فأمر محمود بقتل ولد كان لأبي بشر وبقتل أخيه فقتلا، وقطع رأساهما وعلفا في عنقه، فسمع أبو بشر وهو يقول:
ويخ دهري ما أمرّه ... ما وفى خيره بشره
وحلف أبو بشر أنه بعدما فعله بابنه وأخيه لا يظهر له شيئا من ماله، وقال: كل من عنده لي شيء مودع فهو في حل منه وسعة، وندم محمود على ما فعل وأراد الرجوع له وأرسل إليه شافع بن الصوفي أن يقرر عليه شيئا ويطلقه، فامتنع واتفق أن محمودا اصطبح وقدم إليه طعام بعد سكره، فأنفذ منه لأبي بشر مع فراشه، فقام قائما وقبل الأرض وشكر ودعا، فعرف ابن أبي الثريا، فركب ولقي الفراش ودفع إليه مائة دينار وسأله أن يقول لمحمود إن هذا شيخ خرف لأنه لم يقبل طعام مولانا، وقال: كافأه الله وعجل عليه، ففعل الفراش ذلك، ودخل ابن أبي الثريا عقيبه على محمود، وجاراه في حديث لا يتعلق بأبي بشر، فلم يقبل عليه ووجده مملوء القلب غيظا من جواب الفراش، فقال ابن أبي الثريا: الله لا يشغل لمولانا خاطرا فما أراه منبسطا في مجلسه ولا مصغيا إلى المملوك، فحدثه بما قال الفراش فقال: يا مولانا لم تزل إليه محسنا، ويقابله بالاساءة فكيف يكون بعدما جرى عليه وعلى ابنه وأخيه ما جرى، وأنا أدري أنك تريد ماله وقد تكرر قوله أن لا يعطيك شيئا.
قال محمود: هذا سيفي وخاتمي خذهما وامض إليه، فإن لم يقر بشيء فاقتله، فقام ابن أبي الثريا من عنده بذلك واشتغل محمود بالشرب فلهي عنه، وأحضر ابن أبي الثريا أبا بشر فلم يطالبه بمال، بل قال له: ما زلت تتجلد حتى صرت إلى هذه الحال، فقال: يا قائد السوء قد علمت أن هذا كله من سعيك، والأجل لا مرد له، وهذا موت الشهداء، ولكن استعد لرجلك بحبل فستموت ميته الكلاب وتجر جيفتك الى الخندق، وقتل أبو بشر ورمي وسط بئر بستان القصر.
وصعد أبو نصر بن النحاس ثاني يوم قتل أبي بشر إلى خدمة محمود، فقال له سرا تمضي الى أبي بشر لتقرير ما عليه ويطلق، فقال: يا مولانا وما قتلته! فأطرق محمود ساعة ثم قال: تمت عليه وعليّ الحيلة ويجب يا أبا نصر أن نكتم هذا الأمر، قال أبو نصر: فما حدثت به إلّا بعد موت محمود.
ووزر ابن أبي الثريا لمحمود فلما ولي نصر بن محمود حلب أمر بقتل ابن أبي الثريا فقتل تحت القلعة وجرّ بحبل على ما ذكرناه في ترجمته، وصدق فأل أبي بشر.
نقلت ذلك من خط الشريف محي الدين أبي حامد محمد بن الشريف أبي جعفر الهاشمي الحلبي، رحمه الله.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)