سالم بن مكي بن محمد بن ثوابة بن عمرون:
أبو المرجا الكلاعي الحمصي، شاعر جيد، عارف بالنحو، كان يتجر في الكتب، وقدم حلب، ذكره الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار في تاريخه المجدد لمدينة السلام- بما أجازه لنا- وقال: سالم بن مكي بن محمد بن ثوابة بن عمرون الكلاعي، أبو المرجا، من أهل حمص، أديب فاضل يقول الشعر الجيد، ويعرف طرفا من العربية، وكان يقدم علينا بغداد كثيرا، يقيم بها ويشتري الكتب ويسافر بها الى الشام للتجارة، علقت عنه شيئا من شعره، وكان متدينا حسن الطريقة طيب الأخلاق كيّسا.
وقال: أنشدني سالم بن مكي الحمصي لنفسه ببغداد:
كم لي أكتم حاسديك وأنكر ... والدمع يفضح ما أجن وأستر
وكذا المحبّ يذيع ما في قلبه ... فرط الغرام الى الوشاة ويظهر
لا تحسبي دمعي كما زعم الورى ... ماء يرقرقه البكا المثعنجر
بل مهجة سلكت باثناء الحشا ... فغدت تفيض من الشؤون وتقطر
يا حرة الأبوين لا تتعمدّي قتلي ... فسفك دمي بطرفك منكر
أنسيت ليلتنا بمنعرج اللوى ... والليل من صفحات وجهك مقمر
وجناؤنا ثمر الحديث وبينا ... عتب تراح به القلوب وتحضر
وإذا الصبا عبثت بخلقك ... رنحت غصنا يميل به كثيب موقر
شجب العفاف علي منك مآربا ... عزت ومحض هواك لا يتغير
وثقيلة الأرداف مخطفة الحشا ... خود تقرّ بها العيون وتسهر
قالت وقد سفحت بساحة خدها ... دمعا تزال به الذنوب وتغفر
أنسيت ما كنا به ويد الصبى ... تطوي لنا برد الوصال وتنشر
أيام همك أهيف متجاذب ... ومقبّل عطر وطرف أحور
فأجبتها كفي فهمّي سابق ... ومهنّد عضب ولدن أسمر
شغلي بإدراك العلى وطلابه ... عن حب غانية تذل وتحقر
وقال: سألت سالم بن مكي عن مولده، فقال: في مستهل شوال سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بحمص، وتوفي ببغداد في رجب أو شعبان من سنة اثنتي عشرة وستمائة.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)