سابور بن أزدشير:
بابكان الملك بن ساسان بن بابك بن ساسان بن بابك بن ساسان بن بهمن الملك، وهو سابور الجنود، ملك بعد أبيه أزدشير، ملك احدى وثلاثين سنة ونصف، وثمانية عشر يوما، هكذا نقلت نسبه من خط عبد السلام بن الحسين البصري المعروف بالواجكا في كتاب ذكر فيه فضائل الفرس وملوكهم وأنسابهم وأخبارهم.
ونقلت من خط المذكور في هذا الكتاب، قال سابور بن أزدشير الملك يوم ملك: لا يتعقبن أحد أمرنا ونهينا ما لم يعرف أسبابهما.
قال: وبنى سابور الجنود الملك: جندي سابور، وبنى بفارس مدينة سابور، وقد كان في موضع مدينة سابور مدينة بناها طهمورث الملك، وبنى سابور أيضا بميسان مدينة سماها شاذ سابور وبالنبطية تسمى ويها.
قيل إن سابور بن أزدشير افتتح الرقة، ودخل إلى بلاد الروم فقتل منهم وسبى وانتهى إلى القسطنطينية، ففي دخوله من الرقة إلى بلاد الروم اجتاز بحلب أو عملها.
وكان له كلام حكمة.
قرأت في كتاب وقع إليّ يتضمن أخبار ملوك الفرس: ثم ملك من بعده يعني أزدشير بن سابور بن أزدشير فعقد التاج على رأسه وهو ابن عشرين سنة، وقد كان الناس آنسوا منه في حياة أبيه فضلا في إصابة رأيه وصحة عقله وعمورة حلمه وشدة بطشه، وبلاغة منطقه مع حزمه ورأيه ويمن نقيبته، وعظم رأفته ورحمته وأمر بما في الخزائن من الأموال والجوهر والأمتعة، ففرق أكثر ذلك فيمن قبله من الجنود والرعية، ووصل إلى كل منهم بقدر ما هو أهله ومستحقه وقدر حاجته إليه، حتى وصل ذلك إلى الخاص والعام ونالت منفعته القريب والبعيد، والشريف والوضيع، وساس ملكه بأحسن السياسة، ووصل إلى رعيته من اللين والرفاهية في ولايته ما اشتدت مودته لهم ورغبتهم فيه، وحسن سماعه في الناس، فلما مضى من ملكه إحدى عشرة سنة سار بجنوده إلى الجزيرة فنزل على نصيبين فافتتحها، ثم افتتح الرقة وأوغل في بلاد الروم، فقتل منهم مقتلة عظيمة وسبى سبايا كثيرة، ثم انصرف إلى مملكته بغنائم كثيرة، وقد كان انتهى في مسيره إلى القسطنطينية، وبنى ثلاث مدائن منهن جندي سابور، وسابور التي بفارس وتستر بالأهواز، واستقبل السيرة في مملكته ورعيته بأحسن ما كان عليه من الجود بالأموال، والتخفيف عن الخراج والرحمة للضعفاء، والرقة عليهم والشدة على أهل الريب والتحري للعدل وكان جميع ما ملك ثلاثين سنة وشهرا إلّا يومين.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)