زهرون بن حسون الحمال الإفريقي الاطرابلسي
تاريخ الوفاة | 350 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
زهرون بن حسون الحمّال:
المتعبد الإفريقي الاطرابلسي، كان من العباد المجتهدين في العبادة، ودخل الى الشام، وساح في جبل اللكام، وقدم إلى التينات على أبي الخير التيناتي، ذكره أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي في كتابه رياض النفوس في طبقات عباد إفريقية، فقال- ونقلت ذلك من نسخة نقلت من خط علي بن عبد الله بن إبراهيم بن محبوب الطرابلسي نقلها من خط أبي بكر المالكي من مسودة الكتاب، فقال في ذكره- كان شيخا صالحا فاضلا، متعبدا مجتهدا، ناسكا كثير التقفر والسياحة والانفراد ظهرت له براهين وكرامات، وكان أصله رحمه الله من أهل القيروان، وكان مسكنه بالجلود جرت له في شبيبته صبوة وفتوة واتباع للشهوات، ثم رجع عن ذلك فتاب وأناب وسبب رجوعه ما حدثني أبو عبد الله محمد بن هيبون الجزيري قال: حدثني بعض شيوخي قال: كان سبب توبة زهرون الطرابلسي أنه شق سوق العطارين بالقيروان فرأى فيه حدثا جميلا، فوقع في نفسه منه شيء، فدخل السوق فباع بدراهم كثيرة، وكان رباعا بباب الغنم، يجلب الغنم الى الداران، فأتى بالدراهم نصف النهار، وقت خلاء الأسواق فالتمس هو تلك الخلوة فأتى فوجد الحدث جالسا وحده في الدكان فصب الدراهم في حجره، قال: فنفضها الحدث من حجره الى الزقاق، قال: فأقبل زهرون يجمعها من الأرض، وهو يقول هذه حيرة الذنوب، قال: فأحدث توبة في الوقت، وترك الدنيا وأقبل على العبادة والتبتل، وحج حججا كثيرة، ذكر عن أبي بكر بن سعدوس المتعبد، وكان من أصحابه، أنه حج سبعا وعشرين حجة، وكان يأخذ طريق تبوك بلا زاد ولا راحلة على طريق القفر والبوادي، وهي طريقة معروفة عند أهل الفقر يأخذها منهم أهل الصحة والأكابر من الفقراء، كان بنو أمية يأخذونها من دمشق إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، عفت آثارها، وخربت ديارها وغارت مياهها.
قال: وقال أبو بكر بن سعدوس، قلت لزهرون: أخبرني ما أعجب شيء رأيته بجبل اللكام؟ قال: بينا أنا أمشي فيه إذ أصابني العطش فاذا جحر حية، فرأيت شيئا هالني فقست في عرضه ستة أشبار فقلت هذه حية واردة الماء فتبعت الأثر إلى هبط من الأرض، فإذا بماء في فواره عليه تلك الحية برأس كرأس البقرة وقرنان كقرنيها وعينان كعينيها فأفزعني ذلك فقلت لنفسي: أين ما تدعين من حال التسليم فقلت: لا بد من التمسح بها، فقالت لي نفسي: من جهة ذنبها، فقلت: لا من جهة رأسها، فأقبلت فوضعت مرفقي عليها، وألصقت خدي بخدها، فاذا هي كالترس، وهي تقلب عينيها وتنظر إلي، ثم ملت الى الماء فتوضأت وشربت وقمت.
قال: وحدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى القرشي المتعبد قال: حدثني أبو الحسن علي بن ميمون المؤدب الفقير وكان طالبا لإخائي قال: قال أبو بكر ابن سعدوس: قلت لزهرون حدثني كيف قصتك مع الأسد؟ قال: انحدرت مرة من الثغر لمقابلة أبي الخير الأقطع فأخذتني السماء بمطر وابل حتى كدت أهلك، وأنا في الصحراء فأويت الى كهف في سند جبل فلم ألبث إلا قليلا، فإذا بأسد عظيم يزأر، قد سدّ عليّ باب المغارة، ودخل فمدّ يده، وجعل يحرك أذنيه ويبصبص إليّ ويلعقني بلسانه، فكان في ناحية من المغارة وأنا في ناحية حتى أتيت على جزئي من الليل وتهجدي، ولا والله ما عدا علي بمكروه وانه معي في المغارة كالخروف.
فلما كان في اليوم الثاني مررت ببعض القرى فإذا بامرأة ما رأيت قط أجمل منها، ولا أبهى، وقد خرجت من دار فجعلت أنظر إلى شكلها ومشيتها، حتى حاذيت كلبا فهر نحوي ونبح علي، وقام كالأسد العظيم وكبس علي، فخرق لحمي ومزقه، فرجعت على نفسي باللوم والعتاب، وقلت في نفسي: البارحة مع الأسد ولم يعد عليّ، وقد أنس بي، فلما عصيت الله عز وجل في يومي هذا ورميت بصري إلى ما نهاني عنه، سلط علي هذا الكلب اللهم إني تبت إليك وبكيت على نظري اليها زمانا.
ذكر أبو بكر المالكي أنه توفي سنة خمسين وثلاثمائة .
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)