زحر بن قيس الجعفي البدائي الكوفي:
من بني بدّاء الجعفيين، كان فارسا شريفا خطيبا بليغا، شهد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه صفين وحكى عنه، وعن الحسن بن علي رضي الله عنه روى عنه عامر الشعبي، وهو الذي سيّره علي من صفين إلى القطقطانة ، ليقطع الميرة عن معاوية، فبلغ معاوية، فسير معاوية الضحاك بن قيس إليه فهزمه زحر، فلامه معاوية، فلحق الضحاك بعلي رضي الله عنه.
ويقال إنه هو الذي قدم برأس الحسين رضي الله عنه إلى يزيد بن معاوية وليس به.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن عبد الواحد الصغير قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن المغلس قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني عبد الله- يعني- بن سعيد عمه عن زياد وهو البكّائي قال: حدثنا المجالد بن سعيد قال: حدثني الشعبي قال: أخبرني زحر بن قيس الجعفي قال: بعثني علي على أربعمائة من أهل العراق، وأمرنا أن ننزل المدائن رابطة، قال: فو الله إنا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق، إذ جاءنا رجل قد أعرق دابته قال: فقلنا من أين أقبلت؟ قال: من الكوفة فقلنا: متى خرجت؟ قال اليوم قلنا: فما الخبر؟ قال: خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة صلاة الفجر، فابتدره ابن بجرة وابن ملجم فضربه أحدهما ضربة إن الرجل ليعيش مما هو أشد منها، ويموت مما هو أهون منها، قال: ثم ذهب، فقال عبد الله بن وهب السبأي ورفع يده الى السماء: الله أكبر الله أكبر قال: قلت له: ما شأنك؟ قال: لو أخبرنا هذا أنه نظر إلى دماغه قد خرج، عرفت أن أمير المؤمنين لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، قال: فو الله ما مكث إلّا تلك الليلة حتى جاءنا كتاب من الحسن بن علي: من عبد الله حسن أمير المؤمنين إلى زحر ابن قيس أما بعد: فخذ البيعة ممن قبلك، قال فقلنا: أين ما قلت؟ قال: ما كنت أراه يموت.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن الغساني عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير الطبري قال: قال هشام بن محمد: قال أبو مخنف: ثم إن عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين في الكوفة فجعل يدار به، ثم دعا زحر بن قيس، فسرّح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي، وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتى قدموا بها الشام على يزيد.
قال هشام: فحدثني عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه عن الغاز بن ربيعه الجرشي من حمير قال: والله إنا لعند يزيد بن معاوية بدمشق، إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخل على يزيد بن معاوية فقال له يزيد: ويلك ما وراءك وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله وبنصره، ورد علينا الحسين بن علي بن أبي طالب، في ثمانية عشر من أهل بيته، وستين من شيعته قال: فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فغدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية، حتى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، جعلوا يهربون الى غير وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لو اذا كما لاذ الحمائم من صقر، فو الله يا أمير المؤمنين ما هو إلا جزر ، أو نومة قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجزّرة ، وثيابهم مزملة وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم بقيء سبسب، قال: فدمعت عين يزيد وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سميّه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه ورحم الله الحسين، ولم يصله بشيء .
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز- في كتابه- قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي قال: حدثنا عبد الوهاب ابن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال زحر بن قيس: خرجت حين أصيب علي إلى المدائن، وكان أهله بها، قاله محمد بن أبي بكر عن أبي محصن عن حصين عن الشعبي .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي، ح.
قال الحافظ وأخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: زحر بن قيس الجعفي كوفي تابعي ثقة من كبار التابعين .
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علوان- إذنا- عن مسعود بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمرو بن منده- إذنا أو سماعا- قال أخبرنا أحمد بن عبد الله قال أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال زحر بن قيس قال: خرجت حين أصيب علي الى المدائن، روى عنه الشعبي سمعت أبي يقول ذلك .
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن- فيما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: زحر بن قيس الجعفي الكوفي تابعي ثقة، أحد أصحاب علي بن أبي طالب، أنزله علي المدائن في جماعة جعلهم هناك رابطة، روى عنه عامر الشعبي وحصين بن عبد الرحمن .
هكذا قال الخطيب وقد قال البخاري عن حصين عن الشعبي.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زحر بن قيس الجعفي الكوفي، أدرك عليا وشهد معه صفين، وكان شريفا فارسا، وله ولد أشراف.
حكى عن علي بن أبي طالب، والحسن بن علي روى عنه الشعبي وكان خطيبا بليغا، ووفد على يزيد بن معاوية .
هكذا قال الحافظ أبو القاسم، والذي يقع لي أن الذي قدم برأس الحسين على يزيد هو غير زحر بن قيس الجعفي، فإن الجعفي شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقدّمه على أربعمائة من أهل العراق، وبقي بعده مؤمرا، وأمره الحسن رضي الله عنه بأخذ البيعة له، وقال فيه أحمد بن عبد الله العجلي تابعي ثقة من كبار التابعين، وكان شريفا في قومه، فيبعد عندي أن يقاتل الحسين ويخرج برأسه ويحضر بين يدي يزيد، ويقول ما قال، قول متشف، وقد وافق الجعفي في اسمه واسم أبيه وفي كونه من الكوفة، فظن الحافظ أبو القاسم أنه الجعفي وليس به، والله أعلم.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)