رفق بن عبد الله المستنصري أبي الفضل

تاريخ الوفاة442 هـ
مكان الوفاةحلب - سوريا
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

رفق بن عبد الله الخادم: أبو الفضل المستنصري، كان من خدم المستنصر، وكان علي المطالب بمصر وقدمه مولاه المستنصر وولاه دمشق، ووجهه الى حلب في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة في الجيوش الكثيفة المصرية وقيل في سنة اثنين وأربعين وجعله المستنصر أمير الأمراء.

الترجمة

رفق بن عبد الله الخادم:
أبو الفضل المستنصري، كان من خدم المستنصر، وكان علي المطالب بمصر وقدمه مولاه المستنصر وولاه دمشق، ووجهه الى حلب في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة في الجيوش الكثيفة المصرية وقيل في سنة اثنين وأربعين وجعله المستنصر أمير الأمراء وأخرجه في التجمل العظيم وشيعه بنفسه عند خروجه ووصل رفق الى حلب ونزل عند مشهد الجفّ، وثمال بن صالح في حلب وقد فسد ما بينه وبين المستنصر، وعصى عليه، وجرى بين الحلبيين وبينه قتال فانكسر رفق وخرج وقبض وهو مجروح فمات في قلعة حلب في الأسر ودفن في مسجد اتخذه لنفسه حين نزل على حلب الى جانب مشهد الجف من شرقيه، وكان قبره ظاهرا في القبة الشرقية التي من قبلي الرواق الشرقي، وخلط ذلك المسجد بمشهد الجف، وكنت شاهدت القبر وأنا صبي فعفي أثره، وقال الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة حين جرى على رفق ما جرى:
يا رفق رفقا ربّ فحل غره ... ذا المشرب الأهنى وهذا المطعم
حلب هي الدنيا تلذ وطعمها ... طعمان شهد في المذاق وعلقم
قد رامها صيد الملوك فما ... انثنوا إلا ونار في الحشا تتضرم
ونهب من العسكر المصري شيء عظيم من المال والقماش والآلات.
قرأت بخط بعض الحلبيين في قصيدة كتبها أبو نصر منصور بن تميم بن زنكل السرميني عن أبي زائدة محمد بن زائدة الكلابي الى أبي الفضائل سابق بن محمود ابن نصر بن صالح صاحب حلب يذكره فيها ويعرفه ما لبني كلاب من الوقائع والأيام المعروفة في نصرة صالح بن مرداس وبنيه قال فيها:
أليس هم أحيوا بذا ليوم ميتا ... من الفخر وارتدوا من الملك ذاهبا
ومن قبله لما أتى الخادم التقوا ... عساكره كالأسد لاقت ثعالبا
فكانوا لنا مثل الهشيم لموقد ... فأيسر زاد ليس يشبع ساغبا
ثم كتب كاتب القصيدة تحت هذه الابيات شرحها وقال: هذا الخادم هو أمير الامراء رفق أجل أمراء مصر وصل في عساكر عظيمة بعد انهزام الشيخ ناصر الدولة ابن حمدان عن حلب وكان وصوله في سنة اثنين وأربعين وأربعمائة، ونزل على حلب وعمل عليه أصحابه، فظفر به معز الدولة ثمال بن صالح وأسره مجروحا وانهزمت عساكره وقعد ثلاثة أيام ومات.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن مقلد بن منقذ في تاريخه: سنة احدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل أمير الامراء أبو الفضل رفق خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم ومضى الى حلب ونزل مسجد الجف فقيل ان الكلبيين داهنوا عليه فأشير عليه أن يرحل عنها الى صلدع فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء فلم يفعل فأشير عليه ان ينشئ سجلا عن السلطان باقطاع معز الدولة الشام فما فعل فلما رآه أمراء العسكر لا يقبل منهم  انهزموا مع العسكر، وانهزم العسكر لما رأى رحيل أكثره، وأتوه أهل حلب وبنو كلاب فأخذوه وضرب على رأسه فشجه فمات بعد مدة في القلعة.
قال: وحدثني أبي قال: سمعت أن هذا الخادم لما أطلع الى قلعة حلب استعظموا خلقته وطوله، فكان بعض الفراشين يخدمه ويكرمه، فوهب له يوما سراويلا من سراويلاته دبيقيّه، ففصلها الفراش له ثوبين وسراويل، أو سراويلين وثوب كما قال، ومات فدفن في مسجد الجفّ وأخذ من العسكر شيء عظيم من الاموال والآلات والدواب وغير ذلك.
قال: ومضيت أنا الى حلب في سنة سبع وعشرين وخمسمائة فرأيت مسجدا غير مسجد الجف، فشربنا منه فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: هذا مسجد الخادم رفق.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي في كتابه، ونقلته أنا من خط العظيمي قال: سنة احدى واربعين وأربعمائة، فيها كان السيل الذي أهلك عسكر المصريين على السّعدى وصلدى قبلي حلب، وفيها كان قتل جعفر بن كليّد، وفيها انهزم ناصر الدولة، وسيّرت العساكر مع رفق الخادم وهو كاره لذلك، ولقبوه أمير الامراء المظفر عدة الدولة وعمادها، وكان عمره فوق الثمانين ، ثامن عشر ذي القعدة من السنة، وشيعه المستنصر وسيّر معه التجمل العظيم، والعدد الكثير من المشارفة والمغاربة والعرب، وكاتب كل من يلقاه من المقدمين بأن يترجلوا له اذا لقوه، وتوسل ثمال ابن صالح الى الملك قسطنطين أن ينجده، فكتب قسطنطين الى المستنصر في الصفح عن ابن صالح وقال: ان لم تقبل فيه الشفاعة اضطر الى نجدته عليك، فوصل رسول الملك الى الرملة، يوم وصول رفق الخادم اليها فأوصله رفق الى مصر، وأعاد الرسالة وتوقف الوزير عن الجواب طمعا أن يملكوا حلب، ويستأنف الجواب وتحقق الملك قسطنطين توجه العساكر المصرية، فبعث الى أنطاكية عسكرا لحفظ الاطراف من نحو حلب، وبعث لثمال بن صالح مالا عينا وخلعا، وسار مقلّد بن كامل بن مرداس الى حمص واعتصم عليه واليها حصن الدولة حيدره بن منزو الكتامي، فحاصره ثم طلب الامان فآمنه وأنزله من القلعة، وخربها وخرب السور، وعاد الى حماة ففتحها وأخرب حصنها، وانتقل الى معرة النعمان، وأخرب سورها أيضا وظهر من فشل رفق الخادم ما أطمع الجند والكافة فيه، فعاثت السنابسة  وهو بالرملة في طرف العسكر، وهربوا الى البرية، فاتبعهم رفق بسرية من العساكر فعادت العرب عليهم وهزموهم، وأسروا الامير مراد، ونهبوهم فسير اليهم رفق، جعفر بن حسان بن جراح فاسترجع منهم بعض ما نهبوه، وردهم الى الديوان  ، فعرضهم وعليهم أكثر عدد العسكرية، ورحل رفق الى دمشق، وأثبت خلقا من قبائل العرب الكلبيين والطائيين، وانصرف من العسكر فرقة من العبيد والمشارقة ومن البحاترة فرقة والفزارين، وتحاربوا لأربع بقين من المحرم من السنة، وذلك يوم الجمعة، فقتل من الكتاميين نحو من مائة رجل، ونهبوا بعض الخيم، ثم تميزوا من ذلك المكان ونزلوا على باب توما، وبقوا ثلاثة أيام متصافين ولم يجر بينهم قتال، وخاف رفق ودخل بالخيام القصر، وترك مضاربه الخاصة على حالها، وأصلح بين الطوائف، فتوقف الكتاميون حتى وصلهم من ماله بألوف دنانير دية القتلى وعوض الخيام، ونهبت العرب أكثر غوطة دمشق، وهرب أهل القرى الى دمشق، ثم سار رفق الى حمص، وعرض العساكر بها وأثبت من العرب الكلبيين ألف فارس أخرى، وبلغه ان راشد بن سنان بن عليان  هرب من الاعتقال بصور، وحصل بظاهر دمشق واحتوى على أكثر أعمالها، وتسرعت العساكرية عند حصول رفق بحماة الى نهب أعمال شيزر اذ هي على أعمال حلب، ووصل الى صلدى يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ربيع الاول، وخيم على جبل جوشن يوم الاربعاء الثاني والعشرين منه، ووقع الطراد واستأمن سلطان القرمطي  في خمسمائة فارس من الكلبيين، وكان أخوه نبهان معتقلا في قلعة حلب، منذ أسر من كفر طاب، واقتتلوا يوم الجمعة واستراحوا السبت والاحد ورد رفق الخزانة السلطانية الى ورائه، ليلة الاثنين سابع عشرين ربيع، وأمر العسكر أن يدفعوا أثقالهم الى معرة مصرين، فاستشعروا الهزيمة، وأخذ العسكر من نصف الليل يرحلون، وانتهى ذلك الى رفق، فأتبعهم برسله يرسم لهم العودة فلم يرجع أحد، وانهزموا وأسفر الصبح وخرج من حلب خيل، وظنوا انها مكيدة فلما تحققوا هزيمة العسكر، نهبوا وأسروا، ونهب العرب بعضهم بعضا والعسكر، وخرج الحلبيون نهبوا آثار العسكر، من غلات وغيرها، ولحقوا رفق الخادم وجرحوه ثلاث جراح وداخلوه الى حلب أسيرا مكشوف الرأس، واختلط عقل رفق لاجل الجراح التي في رأسه، ومات في القلعة بعد ثلاثة أيام، ودفن في مسجد بظاهر حلب، وأسرت الروم أصحاب الأطراف من العسكر جماعة، فأنكر قسطنطين ذلك عليهم وردهم الى بلد الاسلام وكساهم.
قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي ابن المهذب المعري سيّره إليّ بعض الشرّاف الهاشميين بحلب، قال: سنة احدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل الامير أبو الفضل رفق، خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم، فانهزمت منه بنو كلاب عن حمص، وتبعها منزلا منزلا، حتى نزل على معرة النعمان، فلما رأى خراب السور، سأل: كم يحتاج الى أن يعود الى ما كان، فقدر له فكان ألفي دينار، فقال: أنا أعمره من عندي بمالي ولا أحوجكم الى غيري، ثم انه مضى الى حلب، ونزل على مسجد الجف، فقيل ان الكلبيين داهنوا عليه، فأشير عليه أن يرحل عنها الى صلدع، فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء وكلب فلم يفعل، فقيل له أن ينشئ سجلا عن السلطان بأنه قد أقطع الشام لمعز الدولة ويعود بهيبته، فلم يفعل، فلما رآه أمراء العسكر لا يلتفت اليهم، ولا يقبل مشورتهم، انهزموا مع العرب وانهزم العسكر لما رأى العرب قد انهزمت، فأخذ وضرب رأسه فمات في القلعة، ودفن في مسجد الجف، ونهب من العسكر شيء عظيم من الاموال والقماش والدواب وغير ذلك.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي، فيما أجاز لي روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: قرأت بخط أبي محمد بن الاكفاني في تسمية أمراء دمشق الامير أمير الامراء عدة الدولة رفق، وصل الى دمشق آخر نهار يوم الخميس الثاني عشر من المحرم من سنة احدى وأربعين وأربعمائة في حال عظيمة، وعدد وأموال وأثقال، وسار من دمشق متوجها الى حلب غداة يوم الخميس السادس من صفر من السنة المذكورة  .
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)