خسر فيروز:
وقيل خرزاد فيروز، وقيل فناخسر بن فيروز خسره بن خسر فيروز بن خسرو ابن الحسن بن بويه بن فناخسرو بن تمام بن كوهي- الملك- بن شيرزيل الاصغر ابن شيركذه بن شيرزيل الاكبر بن شيران شاه بن شيرفنه بن سستان شاه بن سسن فرو بن شروزيل بن سسنادر بن بهرام جور الملك بن يزدجرد الملك بن هرمز الملك كرمانشاه بن سابور الملك بن سابورذي الاكتاف بن هرمز الملك بن برسي الملك بن بهرام الملك بن بهرام الملك بن هرمز الملك بن سابور الملك بن أزدشير الملك الجامع ابن بابك بن ساسان الاصغر بن بابك بن ساسان الاصغر بن بابك بن ساسان أبو منصور الملك الملقب بالملك العزيز بن أبي طاهر جلال الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة أبي علي بن أبي شجاع البويهي، كان عالما فاضلا شاعرا مجيدا ذا رأي وتدبير وسياسة، وسيرة حسنة، قدم منبج بعد زوال ملكه، وله اقامة بها، وذكر ذلك في شعره، وزوج ابنته من محمود بن نصر بن صالح، فأولدها ابنه سابق، وصعد بهاء الدولة ابنه الى الديار المصرية وعاد منها الى حلب، فأقام بها مدة حين وليها ابن أخته سابق بن نصر بن محمود المرداسي الكلابي.
وكان الملك العزيز يحب الادب وأهله، وصنف له أبو الحسن محمد بن علي ابن نصر الكاتب كتاب المفاوضة في نحو ثلاثين كراسة ، روى عنه شيئا من شعره أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب وأبو البركات المظفر بن سعد بن محمد الموصلي وولد بالبصرة في يوم الجمعة التاسع عشر من صفر سنة سبع وأربعمائة.
واختلف النسابون في بني بويه فقيل انهم ينتسبون الى تمام بن كوهي، وبنو كوهي عشيرة ترجع الى يزدجرد الملك المعروف بالاثيم بن الملك سابور الثاني ابن الملك سابور الاول ذي الاكتاف بن الملك هرمز بن الملك برسا بن بهرام الملك الثاني بن بهرام الملك الاول بن هرمز الملك بن سابور الجنود الملك بن أردشير الملك الجامع- ملك فارس بعد الفرقة، وقاتل ملوك الطوائف وواضع أدب الفرس- بن بابك شاه بن سامان الاصغر الراجع نسبه الى كيومرت بن نفيس بن اسحاق بن ابراهيم، ويقال انهم يرجعون بنسبهم الى الديلم بن باسل بن ضبة بن أد بن طابخة ابن الياس وهو خندف.
وأبو اسحاق الصابئ الكاتب اعتمد على الاول، وهو الذي ذكرناه في نسب الملك العزيز في هذه الترجمة.
أنبأنا عبد العزيز بن دلف المقرئ الخازن قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بنت الآبري قالت: أخبرني القاضي أبو المعالي عزيزي شيذله قال: أنشدني الرئيس أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب بقرية بشيلي من نهر ملك قال: أنشدني الملك العزيز نصير أمير المؤمنين بن الملك جلال الدولة لنفسه:
أعليك أنفاس النسيم ترفق ... برسوم منبج والربى من جلق
واذا ونيت وسرت في عرصاتها ... فاستبق جدتها التي لم تخلق
عل الزمان يعيد منبج كالذي ... عاينت أو تبقى بقية ما بقي
أرض اذا رق النسيم بجوها ... سقيتها من دمعي المترقرق
سقيا لها ولمستعفين صحبتهم ... زمنا بمنبج في الزمان المونق
باكرتهم والصبح يرفل في الدجى ... وجيوب أقمصه الدجى لم تشقق
والطير بين مصفق مستبشر ... فرحا وبين مهموم لم ينطق
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أنشدنا أبو البركات المظفر بن سعد بن محمد الموصلي قال: أنشدنا خرزاد فيروز الملك العزيز لنفسه:
وراقص يستحث الكف بالقدم ... مستملح الشكل والأعطاف والشيم
ترى له نبرات من أنامله ... كأنها نبضات البرق في الظلم
يراجع الحث في الايقاع من طرب ... تراجع الرجل الفأفاء في الكلم
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف النحوي- في كتابه- عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي عن غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن الصابئ قال: وحدثني أبو ... بن عاصم قال: لما انحدر الملك العزيز بن بويه قاصدا البصرة محاربا لها وطامعا فيها شيعته وخدمته وكنت في جملة الغلمان دائما على رأسه، فأنشد شيئا من شعره، وأخذ الحاضرون يصفونه ويمدحونه وذكر في شيء منه انحداره هذا وقصده ورجاء النجاح فيه والثقه به، فأردت أن أدخل نفسي في جملة من يمدحه ويتكلم بين يديه وكنت أحفظ له ثلاثة أبيات فيها ذكر الانحدار فقلت: يا مولانا لك في ذكر الانحدار شيء حسن، فقال: ما هو؟ فقلت:
وما شكرت زماني حين أصعدني ... فكيف أشكره في حال منحدري
تلاعبت بي أمور لو رمين بها ... جوانب الفلك الدوار لم يدر
تزيدني قسوة الايام طيب ثنا ... كأنني المسك بين الفهر والحجر
فتطير من ذلك وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لا أحسن الله تعالى جزاءك فرجعت الى نفسي وعرفت غلطي، وهربت على وجهي خجلا ولنفسي معنفا وكسر في هذا الوجه ورجع كما لا يحب.
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني الحلبي من مجموعه الذي وهبنيه والدي رحمه الله: تعليق من شعر الملك العزيز فناخسر بن الملك الاعظم شاهنشاه جلال الدولة أبي طاهر:
إن كان فرعك ذا كريم الغرس ... فاترك مجالسة الذليل المعطس
وابغ العلى بفوارس قد آثروا ... لثم الرماح على الظباء الكنس
واذا دعوتهم ليوم كريهة ... والخيل بين مقعص ومدعس
لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا ... يتنازعون على ذهاب الانفس
قال: وله في ايوان كسرى، وأنشدني والدي هذين البيتين:
يا أيها المغرور بالدنيا اعتبر ... بديار كسرى فهي معتبر الورى
عمرت زمانا بالملوك وأصبحت ... من بعد حادثة الزمان كما ترى
قال وله:
وبالقطيعة من بغداد لي قمر ... نفسي تقطع من وجد به قطعا
أصانع القلب عنه وهو في يده ... يجني عليه ولا يعنى بما صنعا
أشكو الى الله قلبا في تقلبه ... فإن قلبي وطرفي في دمي شرعا
يا من فؤادي أسير في بيوتهم ... يعل فيهم بكاسات الاسى جرعا
إني لأسألكم بقيا على كبدي ... فلا تظنوا سؤاليها لكم هلعا
إلا مخافة أن تستأصلوا بدمي ... فتهلكوا وفؤادي في الغرام معا
أهل القطيعة هم أهل القطيعة ... بل أهل الخيانة أظهروا البدعا
هم تصدوا فصدوا بعد أن ملكوا ... وأورثونا ولم يرثوا لنا جزعا
إني اذا سمحوا يوما بقربهم ... فلست أفكر فيمن شح أو منعا
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك بن الحسين الرازي بأصبهان - بقراءتي عليه- قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن عبد الملك بن عمر الفقيه الكاتب في كتابه للملك العزيز:
خليلي هذا الدهر ما تريانه ... خمول نبيه أو علو سفيه
فإن تسألوني ما الذي قد لقيته ... فأيسر ما لاقيت ما أنا فيه
نقلت من خط أبي الحسن علي بن مقلد بن علي بن منقذ في تاريخه، وذكر أحوال سابق بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، وضعف أمره وقال في أثناء كلامه: والامير سديد الملك مقيم بالجسر لعلمه أن الداء قد أعضل، وكان سبب ذلك أن الامير بهاء الدولة بن الملك فناخسرو، وهو خاله، قد نزل من مصر لما تولى ابن اخته حلب، كانت جاريته قد اعتقلها أمير الجيوش بدر بمصر، وأراد يضرب رقبتها لانها كانت أوفى طبقة في الغناء، فكان الأمراء بمصر يتقاتلون عليها، فقتل من أجلها عدة من الأمراء، فقال لسابق: ما يقدر أحد يخلص جاريتي وأولادي إلا الامير سديد الملك، فإنني رأيت له بمصر صيتا وافيا وقال من بها: لو كان جعل مقره بمصر عوض طرابلس كانت الدولة في قبضته، فثقل على الأمير الى أن كتب وسير الى أمير الجيوش في أمر الجارية، فقال: والله ما أردت أخرجها أبدا من الحبس، ولكني لا أرد مسألة ذلك المحتشم فسيرها الى طرابلس الى دار جدي، فأحضرها الى حلب ومعها ابناها: دارا، وبهمن، فلما حضرت في مجلس سابق أول صوت غنت:
نفسي فداؤك كيف تصبر طائعا ... عن فتية مثل البدور صباح
حنت نفوسهم إليك فأعلنوا ... نفسا يغل مسالك الأرواح
وغدوا لراحهم وذكرك فيهم ... أذكى وأطيب من نسيم الراح
فإذا اجزت خبئا وذكرك فيهم ... جعلوك ريحانا على الأقداح
ثم قامت وقبلت الأرض وقالت: يا أمير أبو الحسن أنا مصطنعتك وكذلك أولادي فتخيل مولاها وخاف أن يكون الأمير أبو الحسن يخرجه من منزله اذ كان يعلم أنه من غير شكله، ولا هو من رجال سديد الملك، فاشتغل عنهم بحصنه وبلدة كفر طاب يشتو بالجسر ويضيف بكفر طاب الى أن غلب سابق واستحكم بأسه.
وهذه الحكاية لا تتعلق بالملك العزيز بل بابنه وكتبت سهوا وهي مما ينبغي أن يكتب في ترجمة سديد الملك علي بن منقذ.
قرأت في بعض تعاليقي أن الملك العزيز بن بويه توفي في شهر ربيع الآخر بميافارقين سنة احدى وأربعين وأربعمائة.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)