خداش بن بشر بن خالد
ابن الحارث بن نبيه، وقيل خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه، وقيل خداش بن بشر بن أبي خالد، وقيل: ابن خالد بن نبيه بن قرط بن سفيان ابن محاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ بن أدبن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو يزيد، وقيل أبو مالك التميمي المجاشعي، وهو المعروف بالبعيث البصري شاعر إسلامي، قدم الشام ونزل على آل القعقاع العبسي أخوال الوليد بن عبد الملك، ومدحهم، وكانت منازلهم بناحية قنسرين بالحيار وما والاها.
وقيل إنه كان أخطب بني تميم، وكانت أمه أمة من أصبهان يقال لها بردة وقيل أمه سجستانية تسمى فرتنا.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء- إجازة- قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني. وقال أبو غالب: أنبأنا أبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: البعيث الشاعر اسمه خداش بن بشر بن أبي خالد بن نبيه- بفتح الباء- بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم يكنى أبا يزيد هو الذي هاجاه جرير وفيه يقول جرير:
لما وضعت على الفرزدق ميسمي ... وضغا البعيث جدعت أنف الأخطل
وقيل هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه وسمي البعيث بقوله:
تبعث مني ما تبعث بعدما ... أمرّت قواي واستمرّ عزيمتي
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزه السلمي قال: أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: وأما البعيث واسمه خداش بن بشر بن أبي خالد، وقيل ابن خالد بن نبيه- بفتح الباء- بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم، يكنى أبا يزيد، ويقال أبو مالك، هو الذي كان يهاجي جريرا، وقيل هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه، والأول أصح. ثم قال ابن ماكولا في باب خداش بكسر الخاء المعجمة وبعدها دال مهملة وآخره شين معجمة خداش بن بشر بن خالد وذكره .
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: خداش بن بشر بن خالد بن الحارث بن نبيه ابن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو يزيد التميمي ثم المجاشعي، المعروف بالبعيث أحد الشعراء المجيدين، بصري قدم الشام وكان خطيبا شاعرا .
أخبرنا عمر بن محمد المؤدب- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي- إجازة أو سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب بن السكري البزاز- إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري- قراءة عليه- قال: قرىء على أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم بن راشد الجبلي قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب بن محمد بن شعيب الجمحي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن زياد اللخمي في طبقات الشعراء الاسلاميين، قال: الطبقة الثانية من الإسلاميين أربعة: البعيث واسمه خداش بن بشر بن خالد بن الحارث بن نبيه بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة، والقطامي، وكثير، وذو الرمة .
وقال: حدثنا محمد بن سلام قال: حدثني أبو الغراف قال: ورد على غسان السليطي الأعور النبهاني مر طيء، فسأله فقرن له، وقال: ألا تغن عنا جريرا؟
فقال:
إذا طلع العيوق أول كوكب ... كفى اللّوم عند النازلين جرير
ألست كليبيا وأمه كلبة ... لها بين أطناب البيوت هرير
ولو عند غسان السليطي عرّست ... رعا قرن منها وكاس عفير
أتنسى نساء باليمامة منكم ... نكحهن عبيدا مالهن مهور
فقال جرير:
وأعور من نبهان يعوي ودونه ... من الليل بابا ظلمة وستور
رفعت له مشبوبه يهتدي بها ... يكاد سناها في السماء يطير
وأعور من نبهان أما نهاره ... فأعمى وأما ليله فقصير
تساق من المعزى مهور نسائهم ... وفي شرط المعزى لهن مهور
قال: وحدثنا ابن سلام قال: حدثني أبو يحيى الضبي قال: كانوا كذلك حتى ورد البعيث المجاشعي عليهم، وكان ولدهم وولدوه فيشكوا إليه قهر جرير صاحبهم، فقال البعيث:
إذا نشرت معزى عطية وارتعت ... بلاغا من المروت أخوى حميمها
تعرضت لي حتى صككتك صكة ... على الوجه يكبو لليدين أميمها
أليست كليب ألأم الناس كلهم ... وأنت إذا عدّت كليب لئيمها
وكانت أم البعيث أمة حمراء سجستانية تسمى فرتنا، وكان يقال له ابن حمراء العجان، فهجاه جرير فثاوره، فضج إلى الفرزدق يومئذ بالبصرة وقد قيد نفسه وآلى لا يفك قيده حتى يقرأ القرآن، فقال البعيث:
لعمري لئن ألهى الفرزدق قيده ... ودرج نوار ذو الدهان وذو الغسل
لينبعثن مني غداة مجاشع بديهة ... لا وان الجزاء ولا وغسل
فقال جرير:
جزعت إلى درجي نوار وغسلها ... فأصبحت عبدا ما يمرّ وما يحلى
وعده الناس مغلوبا حين استغاث.
قال: وقال الفرزدق إني إن وثبت على جرير الآن حققت على البعيث الغلبة، ولكن كأنني وثبت عليهما فأدع البعيث وآخذ جريرا، فقال: الطبيب أطب، فقال الفرزدق:
لودّ جرير اللّوم لو كان غائبا ... ولم يدن من زأر الأسود الضراغم
وليس ابن حمراء العجان بمفلتي ... ولم يزدجر طير النحوس الأشائم
وإنكما قد هجتماني عليكما ... ولا تجزعا واستسمعا للمراجم
وقال:
فإن يك قيدي كان نذرا نذرته ... فما بي عن أحساب قومي من شغل
وقال:
دعاني ابن حمراء العجان فلم يجد له ... إذ دعا مستأخرا عن دعائيا
فنفست عن سميه حتى تنفسا ... وقلت له لا تخشى شيئا ورائيا
فلما استطار كل واحد منهما في صاحبه قال البعيث :
أشار كتني في ثعلب قد أكلته ... فلم يبق إلا رأسه وأكارعه
فدونك خصييه وما ضمت استه ... فإنك رمام خبيث مرتعه
قال: وسقط البعيث بينهما، ولج الهجاء نحوا من أربعين سنة، ولم يغلب واحد منهما على صاحبه، ولم يتهاج شاعران في العرب في جاهلية ولا إسلام بمثل ما تهاجيا به، وأشعارهما أكثر من أن نأتي عليها، ولكنما نكتب منها النادر .
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي- فما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو القاسم ابن أبي محمد قال: قرأت في كتاب محمد بن محمد بن الحسن الديناري بخط بعض أهل الادب: وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني- وأجازه لي- قال أخبرنا أبو الحسن الأسدي قال: حدثنا حماد- يعني- ابن اسحاق الموصلي عن أبيه قال: حدثني مروان بن أبي حفصة قال: هجا البعيث بطنا من باهلة يقال لهم بنو صحب، فاستعدوا عليه ابراهيم بن عربي في خلافة الوليد بن عبد الملك فضربه بالسياط وأمر به فطيف به في سوق حجر مجلودا فقال جرير يهجوه:
لئن هجوت بني صحب لقد تركوا ... للأصبحية في جنبيك آثارا
قوم هم القوم لو عاد الزبير بهم ... لم يسلموه وزادوا الحبل أمرارا
وكان البعيث وجرير والفرزدق يومئذ أحدّ ما كانوا في الهجاء، فخرج البعيث مراغما لابراهيم بن عربي لما صنع به فلحق بالشام ونزل البادية فجاور بني القعقاع أخوال الوليد بن عبد الملك، ومدحهم وهجا ابن عربي، وجعل جرير والفرزدق يهجوانه فروت العرب أشعارهما وخمل شعره لاعتزائه، فقال البعيث مما كان يهجو ابن عربي:
ترى منبر العبد اللئيم كأنما ... ثلاثة غربان عليه وقوع
قال: فكان بعد ذلك ابن عربي اذا صعد المنبر تغامز به الناس، واذا رأى ابن عربي غرابا ساقطا يقول: لعنة الله على البعيث.
قلت ومن مختار شعر البعيث قوله:
ألا طرقت ليلى الرفاق بغمرة ... ومن دون ليلى يذبل فالقعاقع
على حين ضم الليل من كل جانب ... جناحيه وانصب النجوم الخواضع
طمعت بليلى أن تريغ وانما ... تقطع أعناق الرجال المطامع
وتابعت ليلى في الخلاء ولم يكن ... شهود على ليلى عذول مقانع
فما أنت من شيء اذا كنت كلما ... تذكرت ليلى ماء عينيك دامع
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)
خداش بن بشر بن خالد، أبو زيد التميمي. المعروف بالبعيث:
خطيب، شاعر، من أهل البصرة.
قال فيه الجاحظ: أخطب بني تميم إذا أخذ القناة. كانت بينه وبين جرير مهاجاة دامت نحو أربعين سنة. ولم يتهاج شاعران في العرب في جاهلية ولا إسلام بمثل ما تهاجيا به. توفي بالبصرة .
-الاعلام للزركلي-