حسين بن محمد شاه الحلبي المشهور بابن الميداني
كان في مبدأ أمره من أبطال حلب ومردتها ، إلا أن رفقاءه كانوا إذا أكرهوا عفيفة ليزنوا بها نزعها من أيديهم ، شاءوا أو أبوا، حتى أعطاه الله - كما كان يحكي لنا- المنزلة العليا. وذلك أنه لما كان قانصوه الغوري حاجب الحجاب بحلب عصى كافلها إينال، فأمر من تسلطن بعد قايتباي بالقبض عليه ، فكان الغوري فيمن ركب عليه حتى قبض عليه ووضع في قلعة حلب لكونه من حزب من تسلطن ، فورد الخبر بقتله ونصب سلطان آخر كان إينال من حزبه ، فأطلق إينال ، فتتبع الغوري وغيره ممن ركب عليه ، فشعر به الغوري ، وكان صاحب الترجمة مقربا عنده، فاحتال لإخراجه من حلب ليلا فاخرجه فسلم . فلما تسلطن بعث يستحثه على الحضور لديه فحضر، فجعله كيخيا محلات قیس ، فحصل النفع به . وكان كفوا لمنصبه (۱۰)، ولم يخلفه من بعده مثله . وجعله أيضا من أمراء العشرات ، وألبسه الكلوتة والقباء الأبيض ، فكان يلبسها وهو بجلب في المواكب- والكلوتة : [ - بفتح الكاف واللام وسكون الواو وبعدها تاءان - ] عمامة ملساء ذات قرنین منعطفين إلى أسفل يمنة ويسرة ، و اسمها الصحيح الكلفتة - بالفاء - كما وجدته بخط بعض الضابطين من المؤرخين .
ثم كثر ماله ، و ظهر خيره فأنشأ الجامع المجاور لمزار الشيخ عبد الله، بالقرب من قبور الغرباء ووقف عليه وقفا. وعمر له مدفنا بقربه ، وجدد عمارة محكمة في المكان الذي قتل به الشيخ شهاب الدين السهروردي، المعروف بالمقتول خارج باب الفرج . ووسع جامع شرف بالقرب من الجديدة ، وجدد مسجدين عند عمارته خارج باب الجنان
وكانت وفاته كما قيل : بسم دسه إليه عيسى باشا وهو بدمشق مع واحد من جماعته ركب معه ذات يوم إلى خارج حلب ، فاحتال عليه وأطعمه . فما عاد إلا وتوفي . وذلك في سنة أربع وثلاثين .
انظر كامل الترجمة في كتاب درر الحبب في تاريخ أعيان حلب للشيخ (رضى الدين محمد بن إبراهيم بن يوسف الحلبي).