الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان التغلبي الحمداني أبي العشائر
تاريخ الوفاة | 353 هـ |
مكان الوفاة | بلاد الروم - بلاد الروم |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان:
ابن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد التغلبي أبو العشائر الحمداني، وتمام نسبه مذكور في ترجمة أبي فراس.
أمير فارس مشهور شاعر مجيد كان بحلب في خدمة ابن عمه سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وولاه أنطاكية روى عنه أبو بكر الخالدي وفيه يقول أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان من قصيدته الرائية التي يذكر فيها مآثر قومه من بني حمدان:
ومنا الحسين القرم شبه جده ... حمى نفسه والجيش للجيش غامر
قال أبو عبد الله الحسين بن خالويه في تفسير هذا البيت وذلك أنه كبسه عسكر الاخشيد مع يانس المؤنسي وهو منصرف من أنطاكية من الميدان، وأصابته نشابة في وجهه أخرج نصلها بعد أيام، فلم يزل يضرب في أوساطهم بالسيف حتى تخلص، وأسر بعد ذلك في دلوك ، وكان له في بلد الروم أجمل أثر وأشرف فعل في اكرام الأسارى.
قال ابن خالويه: سار سيف الدولة في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة الى بلد يانس بن شمشقيق لما بلغه حلفه للملك على لقائه وحمل معه الزواريق مخلعة حتى عقدها على أرسناس ، وخلف بدلوك أبا العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان ورسم له الزول على حصن عرنداس وبناءه، وخلف الأمير أبا فراس ورسم له بناء حصن البرزمان ، فكلاهما يستعد حتى خرج لاون البطريق في جموع أبيه وسبق الخبر الى أبي العشائر فخرج طمعا فيه ليسابق أبا فراس اليه، ولقيه فوجده في عدد عظيم وانكشف عن أبي العشائر أصحابه، وثبت يقاتل حتى أسر وضرب وجها من الارمن يعرف بأبي الاسد فقتله، وبلغ أبا فراس الخبر فنفر في أربعمائة فارس من العرب سوى العجم وأتبعه الى مرعش فلم يلحقه، فكتب اليه في قصيدة:
أأبا العشائر ان أسرت فطالما ... أسرت لك البيض الرقاق رجالا
لما أجلت المهر فوق رؤوسهم ... نسجت له حمر الشعور عقالا
يا من اذا حمل الحصان على الوجى ... قال اتخذ حبك التريك بغالا
ألا دعوت أخاك وهو مصاقب ... يكفي العظيم ويحمل الاثقالا
ألا دعوت أبا فراس انه ... ممن اذا طلب الممنّع نالا
وردت بعيد الفوت أرضك خيله ... سرعا كأمثال القطا أرسالا
قرأت في جزء أحضره إليّ الحافظ عماد الدين أبو القاسم علي بن الحافظ أبي محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن يتضمن سيرة سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان وأخباره، تأليف أبي الحسن علي بن الحسين الزراد الديلمي ذكر في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة قال: وسار أبو العشائر الحسين بن علي بن حمدان من حلب الى مرعى وسلمها إليهم وسار أبو العشائر الحسين بن علي بن حمدان من حلب الى مرعش وسلممها إليهم وبعض غلمانه، فلم يشعر إلا بالروم قد أقبلوا عليه فركب فرسه وركب أصحابه فطردهم الروم، وكان أبو العشائر قد ثمل من الخمر فغلبه السكر، فسقط عن الفرس، فأدركه الروم فأسروه وحملوه الى قسطنطينية.
قرأت في كتاب المفاوضة جمع محمد بن علي بن نصر الكاتب بخطه.
وأخبرنا به اجازة زيد بن الحسن بن زيد الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران النحوي قال: قرأ علينا محمد بن علي بن نصر الكاتب قال: وحدثني أبو الفرج يعني الببغاء قال: هربت وقتا من الاوقات من أبي العشائر، وصرت الى حلب، وسألت سيف الدولة أن يمنعه عني، وقلت: ان أخلاقه لا تلاؤم أخلاقي، وقد ربيتني واصطنعتني، وأريد أن لا أبرح حضرتك ومجلسك، قال: افعل ومضى على هذا مديدة قريبة، فدخلت يوما واذا بين يدي سيف الدولة رجل عربي لا أعرفه عليه جبة ديباج وفرو وعمامة خز بلثامين، متقلدا سيفا محلى، وهو جالس على السرير ورجليه على الأرض وسيف الدولة يقبل عليه يحادثه فاستطرفت ذلك، ولم يكن في العرب كلها من يجلس تلك الجلسة مع سيف الدولة، قال: ونهض فاذا هو أبو العشائر فلما رأيته أسقط في يدي، ودنا مني فقبض عليّ فقلت لسيف الدولة: أيها الامير الذمام، فقال: ليس على أبي العشائر ذمام، ثم قال له: احتفظ به فإنه فرار فلم يبق في موضع للمنازعة.
فقلت: أيها الامير ما يمكنني الخروج، قال: ولم؟ قلت: علي دين وأحتاج الى ابتياع شعير لدوابي، وحنطة لغلماني، وهذا وجه الشتاء ولابد أن أنظر في أمري فقال: كل هذا يتنجز في الساعة، ووقع الى الداريج بكرين شعيرا والى صاحب المنثر بثلاثة أكرار حنطة، وأطلق من خزانته ألفي درهم، وأمر بحمل عشر قطع ثيابا، وحصل جميع ذلك وما تعالى النهار وهو جالس في دار سيف الدولة، فلما حضر صاحبه وعرفه حصول ما عددته كله قال: اركب على اسم الله، فركبت ومضيت معه الى أنطاكية فما كان يخليني من خلعة وبر وتفقد، ورسومي على سيف الدولة مطلقة في أوقاتها غير متأخرة عني بحال، وهذه كانت عادات الرؤساء في الافضال.
أنبأنا أحمد بن الازهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري عن القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي قال: وأنشدني أيضا- يعني- أبا الفرج الببغاء، وقال: قلتها بديها في أبي العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان وكنت حاضرا وقد ضرب بسيف كان في يده هامة جمل ففصلها فأنشدته في الحال:
ما الفعل للسيف اذ هزّت مضاربه ... فمرّ محتكما في هامة الجمل
لكن كفك أعدته بجرأتها ... وفتكها فمضى يهوي على عجل
ولو سوى كفك المعروف صال به ... نبا ولو كان مطبوعا من الاجل
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل، فيما أذن لنا في روايته عنه، قال: أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن أحمد الاديب في كتابه قال: أخبرنا أبو منصور عبد الملك بن إسماعيل الثعالبي قال: وأنشدني- يعني- أبا بكر الخوارزمي لابي العشائر بن حمدان:
سطا علينا ومن حاز الكمال سطا ... ظبي من الجنة الفردوس قد هبطا
له عذاران قد خطّا بوجنته ... فاستوقفا فوق خديه وما انبسطا
وظل يخطو وكل قال من شغف: ... يا ليته في سواد الناظرين خطا
قال أبو منصور الثعالبي: وقال بعض الرواة: دخلت الى أبي العشائر أعوده من علة هجمت عليه فقلت له: ما يجد الامير فأشار الى غلام قائم بين يديه واسمه نسطوس، كأن رضوان قد غفل عنه فأبق منه وأنشد:
أسقم هذا الغلام جسمي ... بما بعينيه من سقام
فتور عينيه في دلال ... أهدى فتورا الى عظامي
وامتزجت روحه بروحي ... تمازج الماء بالمدام
قرأت في كتاب عنوان السير في محاسن أهل البدو والحضر تأليف أبي الحسن محمد بن عبد الملك الهمذاني: أبو العشائر بن حمدان القائل:
وما سر قلبي منذ شطّت بك النوى ... أنيس ولا كاس ولا متصرّف
وما ذقت طعم الماء الّا وجدته ... كأن ليس بالماء الذي كنت أعرف
ولم أشهد اللذات إلا تكلّفا ... وأي سرور يقتضيه التكلف
قال ابن الهمذاني: ولما خرج الحاج في زمن المكتفي كان معهم أبو العشائر بن حمدان، فظفر بهم زكرويه بن مهرويه القرمطي فقطع يدي أبي العشائر ورجليه بز بزبالة، ثم قال ابن الهمذاني بعد ذلك وأخذ الروم حلب وقتلوا أبا العشائر وأخوته في سنة احدى وخمسين وثلاثمائة.
وهذا خطأ من ابن الهمذاني فيما ذكره أولا وثانيا فإن أبا العشائر توفي أسيرا في يد الروم بالقسطنطينية في سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين .
وقرأت في كتاب أبي الحسن علي بن الحسين الديلمي في أخبار سيف الدولة، قال واجتمع في البلاط بالقسطنطينية من الأسارى الحمدانية نحو ثمانمائة رجل منهم: أبو العشائر وأبو فراس ومحمد بن ناصر الدولة، وذكر جماعة، وقال: وفادى- يعني- سيف الدولة بأبي فراس وأبي العشائر ورقطاش وغيرهم، يعني سنة أربع وخمسين، وهذا وهم من أبي الحسن الديلمي فإن أبا العشائر توفي بالقسطنطينية في حال الاسر وقال فيه الامير ابو فراس يرثيه.
أأبا العشائر لا محلك دارس ... بين الضلوع ولا محلك نازح
إني لأعلم بعد موتك أنه ... ما مر للأسراء يوم صالح
قرأت في تاريخ أبي اسحاق إبراهيم بن حبيب السّقطي صاحب كتاب الرّديف في حوادث سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة في ذكر من توفي فيها قال: وفيها، أو في سنة ثلاث وخمسين مات أبو العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان ببلد الروم في أسره مسموما وكان السبب في سمه أن ملك الطاغية بلغه أن عليّ بن حمدان فسق بابن قسطنطين، كان في أسره فأنفذوا من بلد الروم من سمه فهلك وسمّوا هم أبا العشائر بن حمدان حنقا لما جرى من قتلهم ابن قسطنين، وكان أبو العشائر فارسا شجاعا سخيا ممدّحا.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)