الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم الحلبي أبي علي

تاريخ الولادة399 هـ
تاريخ الوفاةغير معروف
مكان الولادةمعرة النعمان - سوريا
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • معرة النعمان - سوريا

نبذة

الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم: أبو علي الحلبي، فقيه من فقهاء الشيعة، أديب شاعر متكلم، قرأ الفقه على أبي الصلاح الحلبي، واشتغل بعلم الأصول والادب وعلم العرب، وصنف للشيعة كتابين أحدهما يعرف «بالتاجي» والآخر يعرف «بمعالم الدين» وله كتاب في الأصول شرح فيه «الملخص».

الترجمة

الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم:
أبو علي الحلبي، فقيه من فقهاء الشيعة، أديب شاعر متكلم، قرأ الفقه على أبي الصلاح الحلبي، واشتغل بعلم الأصول والادب وعلم العرب، وصنف للشيعة كتابين أحدهما يعرف «بالتاجي» والآخر يعرف «بمعالم الدين» وله كتاب في الأصول شرح فيه «الملخص»  ، ولازم المسجد الجامع بحلب، وقرأ عليه الحلبيون الفقه والأدب، وكان له شعر جيد فصيح ورسائل حسنة، وكتب في صباه لسبكتكين مملوك أمير الجيوش الدزبري، وكان ولاه مولاه قلعة حلب حين ملكها- أعني سبكتكين- وكان مولد أبي علي الحلبي بمعرة النعمان في حدود الأربعمائة قبلها، وانتقل مع أبيه الى حلب، قرأ عليه الأدب جد أبي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والوزير أبو نصر بن النحاس، وقرأ عليه الفقه والأصول أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد الخفاجي الحلبي، وإيّاه عنى أبو محمد بقوله في القصيدة، التي كتبها من القسطنطينية يعتب فيها أهله وأصدقاءه:
وأقر السلام على الفقيه وقل له ... وهو العتاد لدفع كل ملمة
حاشاك أن تصف الوداد وأهله ... ويكون حبك كله بالقوة
ما كان ضرك لو بعثت تحية ... وكتبت خمسة أسطر في رقعة
أبمثل هذا يخصب البستان ... أو يزداد حسن الدار في السهلية
السهلية محلة من محال حلب، كانت دار أبي علي بها، والبستان هو بستان الميدان خارج باب قنسرين، وكان قد مدح أبو علي بن المعلم سديد الدولة بن الرعباني بقصيدة حسنة أولها:
دعاني فتلك الدار دار بعيدها ... أراجع أشواقي لها وأعيدها
فكان ثواب أبي علي من سديد الدولة أن ينجز توقيعا من صاحب حلب معز الدولة ثمال بن صالح صاحب حلب ببستان الميدان هذا المذكور، وأبيات الخفاجي أنشدنا إياها الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن هاشم قال: أنشدني أبي هاشم قال: أنشدني أبي أحمد قال: أنشدني أبو محمد الخفاجي ان لم أكن سمعتها منه.
وقرأت بخط أبي البيان نبأ بن محفوظ الأديب الدمشقي، وذكر أنه نقله من نسخة نقلت من خط عبد الودود بن عيسى النحوي من شعر أبي محمد الخفاجي، وعليها بخط عبد الودود النحوي عند ذكر أبيات أبي محمد عند قوله: «وأقر السلام على الفقيه» الى آخر الابيات الاربعة. هذا هو الشيخ الفاضل أبو علي المعروف بابن المعلم ولم يكن فقيها فقط، لكن كان ذا فضائل، من جملتها شعر وكتابة وهو ممن يتجمل به الشيعة.
قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة في أول جزء يتضمن قصائد وأقطاعا من شعر أبي علي بن المعلم: ولد بمعرة النعمان وانتقل أبوه الى حلب وهو معه، ولزم المسجد الجامع، وقرأ علم الاصول ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، فمال اليه الناس، وأحبوه لواضح طريقته، وتنقلت به الحال وكتب لسبكتكين في عنفوان شبابه، ثم انتقل الى اللزوم للجامع.
قرأت بخط أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ في كتابه الذي علقه للرشيد بن الرشيد، وأنبأنا به أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عنه، قال: ومن شعراء الشام الفقيه أبو علي الحسن بن أحمد المعلم، ولد بمعرة النعمان، وانتقل أبوه الى حلب وهو معه، ولزم الجامع وقرأ علم الأصول، ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، وتنقلت به الحال ثم لزم الجامع.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي في شعر جد جدي أبي الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة الذي رواه عنه أبياتا كتبها الى الفقيه أبي علي بن المعلم في غرض له، وأخبرنا بها المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن الطوسي كتابة، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أنشدنا القاضي أبو الفضل هبة الله بن أبي جرادة، وكتبها الى أبي علي بن المعلم يستنهضه في ولده أبي غانم محمد، وكان يعلمه الادب:
أبا علي هو الدهر الخؤون وما ... يحظى بجدواه إلا الجاهل الغمر
ولست أنكر إن عريّت من نشب ... وقد أطافت بك الآداب والفقر
كالطود لا يرتقي يوما أعاليه ... سيل وإن كان محفوفا به الزهر
أغناك فضلك عن مال تجمعه ... لقد تنوّق في تعويضك القدر
من كل قافية فالنجم سائرة ... ما عاق إدلاجها أين  ولا ضجر
نتاج فكر حلا مما يقسمه ... كأن ألفاظها من حسنها درر
تطوّف الأرض من سهل الى جبل ... حتى لقد مل من تطوافها السفر
أو خطبة لضروب العلم جامعة ... وللفصاحة في تأليفها أثر
جعلتها حجة للدين قاهرة ... لمعشر أظهروا ضد الذي ستروا
غلو النفاق ولولا الخوف كان لهم ... الى التظاهر إسراع ومبتدر
تحيى القلوب بذكر بها إذا تليت ... كالأرض أحيت بها العرّاصة  الهمر
أغنى كلامك عن عبد الحميد  كما ... أغنى عن النجم يستضوي به القمر
تقوم كتبك في إصلاح منحرف ... ما لا تقوم به الخطية السمر
كم موقف لك في القرآن قد شهدت ... به المحاريب والآيات والسور
ومن يد لك لم تقصد به عوضا ... ولا تخللها منّ ولا كدر
أسديتها طلبا للأجر في نفر ... فبعضهم شكروا وبعضهم كفروا
حقا فما أنت إلا روضة أنف ... وما لسانك إلا الصارم الذكر
ومن يجاريك يكبو دون مطلبه ... أنّى يساوى الحضيض الأنجم الزهر
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره عن أبي المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ في ما اختاره من شعر أبي علي بن المعلم وكتبه للرشيد بن الزبير، ووقع إلي أيضا في جزء من شعر أبي علي بن المعلم بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة:
خذ من زمانك واغتنم إمكانه ... ودع التعلل والأماني جانبا
واصبر لأحكام الزمان فانها ... نوب تجيء نوائبا ومواهبا
ماذا أفدت بما جمعت وما الذي ... أغناك صنعك أن بكيت الذاهبا
فتعمد الحسنى ومال على التقى ... وسم النجاة وكن مجدّا طالبا
ما مر مرّ وما تبقى فرصة ... وهي الليالي تستجد مذاهبا
قد أنذرتك الحادثات وبصّرت ... وأرتك فيك من الزمان عجائبا
حالا تحول وعيشة مربوبة ... ونوى تشط وشعر فود شائبا
فعلام تختال الليالي ضلّة ... وتعد أحكام الوجود نوائبا؟
فتغنم الأيام غير مراجع أسفا ... ولا مبق لديك مآربا
قالا: وكان له صديقان توفيا في يوم واحد فقال فيهما:
تقاسما العيش رغدا والردى رنقا  ... وما علمت المنايا قبل تقتسم
وحافظا الودّ حتى في حمامهما ... وقلّ ما في المنايا تحفظ الذمم
نقلت من خط الرئيس حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي  لأبي علي بن المعلم:
ومن عجب أني عليك محسّد ... وأني على دعوى هواك ملام
ولم تسلني الأيام عنك بمرّها ... ولا كفّ من وجد عليك ملام
غرام على عهد الصبي والى النهى ... وشوق على شيب العذار غلام
حلوم توقاها الهوى وبقية من ... الصبر عفاها جوى وغرام
ويستام رشدي فيك لو كنت واجدا ... سبيلا الى ما في هواك أسام
وقرأت بخط حمدان بن عبد الرحيم في تعليق له لأبي علي الحسن بن أحمد بن المعلم الحلبي:
استأثر الحسنى بعزم صادق ... وإذا قدرت فعلت فعل الجاهل
لا العلم رادعي الغداة ولا التقى ... أبدا قرين الإثم حلف الباطل
أتبصر الأمر الجلي وأنثني عنه ... بصورة جاهل أو غافل
وألوم إن بخل الصحاب وإنني ... من بينهم نفس الضنين الباخل
يا للرجال وللطباع تحكمت ... فتملكت قود اللبيب العاقل
فدع التعلل واقتبلها عزمة ... فالسيف يقطع عند قصد الحامل
وتعمّد الصنع الجميع مواصلا ... عمل العليم به وعلم العامل
لا عذر إن أنصفت نفسك جاهدا ... وطلبت واضحة الطريق السابل
وقرأت بخطه لأبي علي أيضا:
أما غرامي فهو حيث ترينه من ... سقم جسمي واختلاف عوائدي
أصبو لعارضة النسيم وأنثني ... ظمآن أشرق بالزلال البارد
وعجبت من ليلي وزعمي طوله ... عجب الخلي من المعنّى الواجد
ما طال ليلي فيك لكن خالفت ... حال المسهّد فيه حال الراقد
وقع إليّ بخط بعض الحلبيين كراسة من شعر أبي علي بن المعلم، فاخترت منها قوله، وكتب به الى الشيخ أبي محمد عبد الله بن سنان الخفاجي يعاتبه:
يا صاحبي وما عرفت مصاحبا ... إلا قضية دهره تتقلب
أما نظرت نظرت صوب غمامة ... وإذا انتجعت حيا فبرق خلّب
كالروضة الغناء عاقرها الندى ... وإذا ظللت به فقفر سبسب
لا للجميل ولا لدفع ملمة ... يوما ولا لسماع شكوى تقرب
لا تذكرن لي الصديق فإنه ... قول يقال ومذهب مستغرب
عزت مطالبه فأعوز نيله ... إلا منى من ضلة تتطلب
وإذا جهلت الناس لم أك ... جاهلا نفسي ولا من حالها استعصب
عجماء عن فهم الجميل وإنها ... عجماء تعرب في القبيح وتغرب
ومريضة الآراء طوع ضلالها ... لا ترعوي جهلا ولا تستعتب
واخ على حكم الصفاء اتخذته ... للأمر عرف  لليالي يعزب
ضاقت عن الحسنى عوارف طوله ... وثناه طوع هواه قلب قلّب
تبع الليالي شيمة وخليقة ... وعلى مذاهبها يجيء ويذهب
متمرض طوع الحفيظة عاتب ... ما بتّ من هفواته أتعتب
أضحي أسير هواه وهو طليقه ... وأجدّ وهو بوده متطرب
وإذا هززت هززت من لا يرعوي ... وإذا عتبت عتبت من لا يعتب
أحنو عليه بعزة مأثورة ... عندي وعاطفة ترق وتعذب
فإذا جفا واصلته وإذا هفا ... أوجدته أني المسيء المذنب
هذي لعمرك يا أخي سجية ... فينا ودين للزمان ومذهب
فاعدل إذا جار الزمان وكن ... على حكم البصيرة عاذرا من تصحب
وسم الصديق مسام نفسك واقتصد ... فالأمر مرّ وأيسر والمنية أقرب
ما أجهل الأقوام جدوا في السرى ... طلبا لمن لا يستبان فيطلب
وأقل توفيق الفتى مع طوله ... لا مورد عذب ولا مستعذب
فإذا عجبت من الزمان وأهله ... فانظر بأمرك فالقضية أعجب
تدعو الى الحسنى وأنت مجانب ... أبدا لها ولأهلها تتجنب
فاعذر أخاك وكن بما هذبته ... ورجوت صالحه به يتهذب
سيان ما أصبحتما تريانه ... شرّقت وهو على هواه مغرب
ومن شعره أيضا:
خليلي هل ماء العذيب كعهده ... برود وهل ظلال الأراك عليل
وكيف أغالي الرمل منذ تقابلت ... تمر عليه شمأل وقبول
فقد طال عهدي بالديار وأهلها ... فعهدي وليلى والسقام طويل
فقا تعلما صوب الغمام فإنني ... أميل مع الأشواق حيث تميل
ولا تنكرا أن الديار تنكرت ... فللشوق فيها والنزاع دليل
رسوم تبقاها البلى لصبابة ... تراجع فيها أو يبل غليل
مواثل قد عرّى الزمان عراصها ... فما يختفي سقم بها ونحول
فيا ساكني أرض الحمى إن جوّه ... رطيب وإن الريح فيه بليل
فما لعيون تجتليه مريضة ... وما لفؤاد بطيبة عليل
وما لدموع العاشقين تجوده ... وأقذاؤها طوع الغرام محول
وما نقلته من الجزء المذكور من شعره:
علاقة تستجد الشوق عارضة ... وصبوة تستزل الحلم والرشدا
ظللت منها على علم وبينة ... أرى الغواية رشدا والضلال هدا
ومن شعره أيضا منه:
أهجرا وقد مالت بكم غربة النوى ... وبات غراب البين للبين يتعب
دعوا للنوى هجرانكم وتجنبوا ... مع القرب منكم أن يكون تجنب
وقال وقد سار معز الدولة ثمال بن صالح الى مصر ثم عاد الى حلب:
مضيت وخلفت المطامع جمة ... تفيض وأنباء الأماني طواميا
وأقبلت إقبال السحاب تبسمت ... بوارقه ثم انثنين بواكيا
فما كان ذاك العيش إلا تعلة ... ولا كانت الأيام إلا لياليا
ولما استبان الرأي فيها إمامها ... ولم ير في كف الحوادث كافيا
أعاد الى الطرف المسهد غمضه ... ورد على مرضى البلاد العواقبا
كان أبو علي بن المعلم حيا في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فإن معز الدولة ثمالا عاد الى حلب من مصر في هذه السنة  ، فقد توفي بعد ذلك.
وقع الي رسالة للوزير أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الحلبي، كتبها الى أبي طاهر محمد بن الحسن المعروف بالجدي وذكر فيها أبا علي بن المعلم، وقال بعد ذكره: وعلى ذكره نضر الله وجهه، فعند الله يحتسب ذلك الشيخ الجامع لأشتات الفضائل، وضرائر المحاسن، فلقد كان أثبت شيوخ زمانه فهما، وان لم يفتهم علما وأقواهم تصورا ونفسا وان أوفوا عليه مطالعة ودرسا، وأنىّ لأخوانه الغابرين بعده، الذين لا بد أن يردوا، وان أنظرهم الأجل ورده مثله، ولا مثل له، طيب معاشره، وحسن مذاكرة وحفظا للغيب ومثابرة على ستر العيب:
سقاه ولولا دينه وعفافه ... لقلت شآبيب الشرب المشعشع
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)