إسماعيل بن أبي الفتح السنجاري:
شاعر حسن المحاضرة، اجتمعت به بسنجار، وروى لنا عن المعتمد طاهر بن محمد العتابي شيئا من شعره، وأنشدنا من شعره أيضا نفسه، وذكر لي أنه دخل حلب صحبة نور الدين بن عماد الدين صاحب قرقيسيا، بعد سنة ثلاث عشرة وستمائة، حين كان الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب بحلب.
أنشدني مجد الدين إسماعيل بن أبي الفتح السنجاري بها قال: أنشدني طاهر العتابي لنفسه، وكان له رسم في شهر رجب على بني مهاجر بالموصل، فجاء رجب في بعض السنين، فأعرضوا عنه ولم يعطوه شيئا، فقال فيهم، وأنشدنيه لنفسه:
يا عصبة عن مودتي هربوا ... عودوا إلينا فقد مضى رجب
عودوا إلينا فالمال في دعة ... لا فضة بيننا ولا ذهب
أنشدني إسماعيل بن أبي الفتح السنجاري بها لنفسه:
أماني نفس ليس تقضى عهودها ... وآمال دهر ليس يدنو بعيدها
وديمة أضغان تسح بساحتي ... بوارقها مشبوبة ورعودها
تحوك رياض الضيم لي فأعافها ... وتخلي مراعي الهم لي فأرودها
كأن الليالي أقسمت لا تحلني ... بدار ولم يذعر سوامي سيدها
سئمت المقام في عراص أهيلها ... صدورهم تغلي عليّ حقودها
أناسيهم بغضاءهم لي مغالطا ... وأسألهم في حاجة لا أريدها
وأصرف طرفي أن يشيم بروقهم ... وأمنع نفسي رفدهم وأذودها
وفي حشرات الأرض والليث ساغب ... مطاعم لو أن الفرير يصيدها
عذيري من دنيا أحاول وصلها ... وقد شفّني هجرانها وصدودها
تحملّني مكروهها متتابعا ... كأنيّ مما ساءني أستزيدها
تروح على أهل الصلاح نحوسها ... وتغدو الى أهل الفساد سعودها
فبعدا لأثواب السلامة ملبسا ... إذا فوّفت للخالعين برودها
وسحقا لأرض تنبت الذلّ تربها ... وتعلو على الأحرار فيها عبيدها
يظل بها الفدم الغبيّ يسوسها ... ويمسي بها النكس الدّني يسودها
ولا حرمة الراجين تقضى حقوقها ... ولا ذمّة اللاجين ترعى عهودها
ألا ليت شعري هل تحل عرى النوى ... وتبيض من أيامها النكد سودها
ويحيى حشاشات المطالب بعدها ... تطاول في طيّ الأياس همودها
وأعدو العوادي وهي خزر عيونها ... وأخطو الأعادي وهي صعر خدودها
توفي إسماعيل بسنجار في حدود الخمسين والستمائة.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)