إسحاق بن كنداج:
وقيل كنداجيق الخزري قائد مذكور، من أكابر القواد. كان في أيام المعتمد على الله، وبقي إلى زمن المعتضد، وولي مدينة حلب وقنّسرين، وهزم ابن أبي الساج عنها ، وورد أحمد بن المعتضد في حياة أبيه لقتال خمارويه بن طولون، واتفق ابن أبي الساج وإسحاق بن كنداج معه، وصعدا معه من حلب حتى صار الى دمشق، فانصرفنا عنه، وصار إلى حلب ومعهما جعفر البغامردي، فجعلوا يجبون أموال حلب، فلما وقعت وقعة الطواحين دعا ابن أبي الساج لخمارويه، وصار إسحاق بن كنداج بمعزل عنه، ووصل خمارويه، ودفع إسحاق وهزمه، فالتجأ إلى قلعة ماردين ثم إلى تكريت.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي عن زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا علي بن أحمد البندار- إذنا- قال: أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي- إجازة- قال في سنة ست وستين ومائتين: هزم إسحاق بن كنداج إسحاق بن أيوب، واستنجد عليه عيسى بن شيخ وأبا المغراء، ووجه السلطان إلى إسحاق ابن كنداج بخلع ولواء، وولاه الموصل وديار ربيعة وأرمينية، فطلب القوم صلحه على أن يقرهم على أعمالهم، ويعطوه مائتي ألف دينار.
وقال الصولي في سنة تسع وستين ومائتين: وخلع على إسحاق بن كنداج، وقلد سيفين بحمائل أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وسمي ذا السيفين وتوج وألبس وشاحين، ورصع ذلك بالجوهر، وشيعه إلى منزله هرون بن الواثق وصاعد ، وتغديا عنده مع سائر القواد بسرمن رأى فقال البحتري:
أخلق بذي السيفين أو صدّق به ... أن يعمل السيفين حتى يحسرا
ما قلدّ السيفين إلّا نجدة ... في الحرب توجب أن يقلّد آخرا
قد ألبس التاج المعوّد لبسه ... في حالتيه مملكا ومؤمّرا
شرف تزّيد بالعراق إلى الذي ... عهدوه بالبيضاء أو بيلنجرا
وقال الصولي في سنة سبعين: وأمر- يعني جعفر المفوض ابن المعتمد- إسحاق بن كنداج بموافاة بغداد، ووافاه إسحاق بن كنداج لليلتين خلتا من جمادى الآخرة، فخلع عليه خلعا فيها سيفان محليان، وعقد له على المغرب، فشخص إلى سرمن رأى من يومه لأنه اتصل به مسير بن أبي الساج الى عانة، وأنه دعا بالرحبة لابن طولون، وأن أحمد بن مالك بن طوق دعا لابن طولون بقرقيسيا، وكذلك ابن صفوان العقيلى، وانصرف ابن طولون من دمشق وهو شديد العلة إلى مصر، وانصرف أصحابه عن الرحبة وقرقيسيا، ورجع ابن أبي الساج إلى قرقيسيا.
قال: ورد الخبر يوم السبت لست خلون من ذي الحجة بموت أحمد بن طولون بمدينة مصر، وبمصير إسحاق بن كنداج وابن أبي الساج الى الرقة، وصار إسحاق بن كنداج الى الرقة، وهزم أصحاب ابن طولون، وهزم ابن أبي الساج عن قنسرين والعواصم.
ثم قال الصولي في حوادث سنة إحدى وسبعين: ثم دخل أبو العباس- يعني أحمد بن الموفق- الى قنسرين، وسار منها فلقيه بحماه جيش لأبي الجيش بن طولون فهزم، وصار الى دمشق فجاءه أبو عبد الله الواسطي في الأمان، وتنحى إسحاق ومحمد بن أبي الساج وجعفر البغامردي عن أبي العباس، فصاروا الى حلب يجبون الأموال.
وقال الصولي في سنة اثنتين وسبعين: بعد عود أبي العباس من وقعة الطواحين، وصار أبو العباس الى الجزيرة الى رأس عين ثم الى قرقيسيا، وتنحى إسحاق بن كنداج وابن أبي الساج الى باجدى ثم الى دارا .
وقال في سنة ثلاث وسبعين ومائتين: ودعا ابن أبي الساج لخمارويه على جميع عمله، وانفرج الأمر بينه وبين إسحاق بن كنداج، فصار الى الرقة، وصار خمارويه إليها واجتمعا فحاربا إسحاق فهزماه، فوافى ديار ربيعة في جمادى الاولى وتحصن في قلعة ماردين، ثم صار الى تكريت .
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)