أحمد بن برنقش بن عبد الله العمادي ناصر الدين أبي العباس

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة615 هـ
مكان الولادةسنجار - العراق
مكان الوفاةسنجار - العراق
أماكن الإقامة
  • سنجار - العراق
  • حلب - سوريا

نبذة

أحمد بن برّنقش بن عبد الله العمادي: أبو العباس، الامير ناصر الدين بن الأمير مجاهد الدين، كان أبوه يرنقش من مماليك عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي صاحب سنجار، وولد ابنه أحمد هذا بسنجار، وتقدم وصار أستاذ دار قطب الدين بن عماد الدين، وكان أميرا مكملا، فاضلا، شاعرا، حسن الأخلاق، طيب المعاشرة.

الترجمة

أحمد بن برّنقش بن عبد الله العمادي:
أبو العباس، الامير ناصر الدين بن الأمير مجاهد الدين، كان أبوه يرنقش من مماليك عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي صاحب سنجار، وولد ابنه أحمد هذا بسنجار، وتقدم وصار أستاذ دار قطب الدين بن عماد الدين، وكان أميرا مكملا، فاضلا، شاعرا، حسن الأخلاق، طيب المعاشرة، وكان متمولا وله أملاك كبيرة بسنجار، ووجاهة عظيمة، فتغير عليه قطب الدين بن عماد الدين مولاه وقبض عليه وعذبه بالجوع والعطش، وأخذ جميع ماله وحبسه حتى مات.
وكان قد قدم علينا حلب قبل ذلك في أيام الملك الظاهر، وأقام بها مدة وسكن بدرب العدول  ، ثم عاد الى سنجار.
روى لنا عنه أبو المجاهد اسماعيل بن حامد القوصي، وأبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن دبابة الحنفي السنجاري، وأخبرني ابن دبابة أن أحمد بن يرنقش كان في صدر عمره مسرفا على نفسه، وأنه أقلع، وتاب توبة حسنة. قال: وكان يصوم الهواجر  ، ويقوم الليل.
أنشدني أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن دبابة السنجاري بها قال:
أنشدني ناصر الدين أحمد بن مجاهد الدين يرنقش بن عبد الله العمادي لنفسه.
مشيب الرأس حين بدا ... يقول دنا الذي بعدا
فقم بادر إلى عمل ... يسرك أن تراه غدا
فيومك ذا إذا ما فا ... ت ليس بعائد أبدا
وأنشدني أبو الحسن بن دبابة قال: أنشدني أحمد بن يرنقش لنفسه:
تقول وقد ودعتها ودموعها ... على نحرها من خشية البين تلتقي
مضى أكثر العمر الذي كان نافعا ... رويدك فاعمل صالحا في الذي بقي
أنشدنا أبو المحامد القوصي قال: أنشدني الأمير ناصر الدين أبو العباس أحمد ابن الأمير مجاهد الدين يرنقش أستاذ دار الملك المنصور قطب الدين صاحب سنجار رحمه الله، وذلك حين مقدمي الى سنجار رسولا عن الملك العادل رحمه الله في شهور سنة ستمائة، لأبي عبد الله بن شرف الشاعر وقد شكرت مخدومه، وأثنيت عليه بكثرة حوائج الناس اليه، هذين البيتين:
لملتمسي الحاجات جمع ببابه ... فهذا له فن وهذا له فن
فللخامل العليا وللمعدم الغنى ... وللمذنب الرحمن وللخائف الأمن
قال القوصي: وأنشدني رحمه الله، وقد حرضته على فعل الخير، متمثلا
للخير أهل ما تزال ... وجوههم تدعو إليه
طوبى لمن جرت الأمور ... الصالحات على يديه
قال: وحرضته يوما على الاحسان وبذل الجاه للاخوان فأنشدني هذين البيتين
فأحسن إلى الاخوان تملك رقابهم ... فخير تجارات الكريم اكتسابها
وأدّ زكاة الجاه واعلم بأنها ... كمثل زكاة المال تم نصابها
قال لنا أبو المحامد القوصي: هذا الأمير ناصر الدين رحمه الله كان عارفا بأحوال الملك، ناصحا لسلطانه، ثم وشى به أعداؤه حسدا على علو شأنه، فنكبه سلطانه نكبة استأصل فيها شأفته وشأفة أتباعه، وقبض على جميع أمواله وحواصله ورباعه، وتوفي محبوسا.
أخبرني القاضي أبو علي الحسن بن محمد القيلوي قال: أخبرني بعض أهل سنجار أن ناصر الدين ابن المجاهد كتب على حائط المكان الذي مات فيه في محبسه بخطه:
حالى عجب وفي حديثي عبر ... في أغفل ما كنت أتاني القدر
أخبرني جماعة من أهل سنجار أن أحمد بن يرنقش مات في حبس قطب الدين صاحب سنجار بعد أن قبض على جميع ماله ومنعه من الطعام والشراب، فبلغ من من أمره أن أكل قلنسوته وأكمامه لشدة الجوع.

وأنشدني غير واحد من أهل سنجار الدويتي الذي أنشدناه أبو علي القيلوي، وفيه زيادة على ما أنشدناه أبو علي، وذكروا أنه نظمه في السجن بسنجار، وقد منع الماء والطعام.
حالي عجب وفي حديثي عبر ... أشكو ظمأ وعبرتي تنحدر
في صفو زماننا أتاني الكدر ... يا من ظلموا تفكروا واعتبروا
وأخبرت بسنجار أنه مات في حبس قطب الدين بعد أن قبض على جميع ماله ومنعه الطعام والشراب، ودخل اليه بعض من كان يشرف على حاله من أصحاب قطب الدين فقال له: قل لقطب الدين: يطعمني ويسقيني وأنا أعطيه ألف دينار لم يبق لي غيرها، قال: فمضى ذلك الانسان، وأخبر قطب الدين بما ذكره، فسير اليه طعاما وماء بثلج، وقال للرسول: أدخله اليه ولا تمكنه منه حتى يعطيك الذهب فلما دخل به اليه نظر اليه، فقال له الرسول: لا سبيل لك اليه إلّا بعد أداء ما ذكرت فقال: والله ما بقي لي شيء والذي لي قد قبض جميعه، وإنما قلت لتطعموني وتسقوني، فردوا الطعام والماء، ولم يتناول منه شيئا، وخرجوا من عنده، فنام فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فناوله شيئا أكله، فزال عنه الجوع والعطش، فدخلوا عليه بعد ذلك فرأوه قائما يصلي، فلما فرغ من صلاته أخبرهم بما رأى، فلما بلغ قطب الدين اتهم والدته أم قطب الدين بأنها أنفذت اليه مأكولا ومشروبا، ولم يزل على ذلك الى أن مات رحمه الله.
وحكى لي بعض أهل سنجار أن صاحب سنجار سير الى أحمد بن يرنقش جماعة خنقوه وهو في السجن.
وقال لي بعض من أدركه من أهل سنجار من فقهائنا الحنفية: انه لم يبق أحد ممن تولى خنقه إلا ابتلي ببلية، فمنهم من لازمه الصرع الى أن مات، ومنهم من افتقر واحتاج بعد الغنى الى مسألة الناس.
وحكى لي غيره أن قطب الدين صاحب سنجار لما احتضر ودنت وفاته جعل يشكو العطش، ويسقى فلا يروى، ويذكر ابن المجاهد كثيرا، ويردد اسمه على لسانه الى أن مات.
وقال لي علي بن الحسين بن دبابة السنجاري: ان أحمد بن يرنقش توفي بسنجار سنة خمس عشرة وستمائة، في حبس قطب الدين صاحبها، ممنوعا من الطعام والشراب.
قال: وبلغني أنه أتي بماء ليشربه فرده وقال: لا حاجة لي فيه، فاني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فشكوت اليه العطش، فناولني فص خاتمه، فمصصته فزال عني العطش.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)