إبراهيم بن خضر القرماني اللارندي ، نزبل حلب ، وأحد أعيان التجار بها .
حرص على جمع الأموال من حرام و حلال ، فغني وأثرى ، وحظي بوساطتها بالقضاة والأمراء وصار يملك منها ما ينوف على مئة ألف دينار ، بعد ان كان بغالا ، يقتني لمن يكتري بغا ، وملك عدة من المماليك . اختلس واحد منهم شيئا من ماله ، فسعى في قتله ، وصلبه مخنوقا تجاه خان خيربك" على باب سوق الدهشة لكون الاختلاس كان من مخزنه بهذا الخان الذي كان ديدنه الجلوس به التجارة والمعاملة . ثم ملك آخر ، كاتبا ، حاسبا ، حسن الصورة ، فسلم اليه مقاليده ، وألبسه الملبس الحسن ، ومع هذا كان يستعمله في سوق الماء الى بحرة بيته ، ونقض الكيزان ، ووضع السرقين بها في أمكنة بعيدة عن بيته ، حيث كان ينزع ملبسه الحسن و بیدله بغيره مع غنيته عن خدمته من هو أدنى منه من خدمته ، إلى أن اختلس شيئا من ماله ، ووضعه عند صاحب له ، فتفطن له فسعى في قتله عند باشا حلب فابی ، وطلب منه أن يبيعه إياه ، فصمم على قتله - والعياذ بالله تعالى - من حرص يؤدي الى قتل النفس التي حرمها الله تعالى فأمر بأن يربط في ذنب فرس ويجر بشوارع حلب إلى أن يموت ففعل به ما اراد ، حتی عيب عليه ذاك ، ثم صم على حبس صاحبه مدة قيل ليسعی في قتله أيضا ظما فوردت الى حلب إحدى الخواتین ، ذوات الجاه من قبل الباب العالي للحج ، فبرز أمرها باطلاقه ، فاطلق رغما على أنفه .
ثم لم يمض شهر إلا وتوفي وذلك أنه كان قد استولى عليه النقرس ، ووجع المفاصل مرة فمرة إلى أن أشرف على الموت كرة فكرة، فأنشأ داخل باب الفرج، عمارة تشتمل على جامع ، ومكتب للايتام ، ومدفن له ، ثم لم تقم بجامعه هذا الجمعة مرارة معدودة ، إلا وقيل له بعد اخفاء منه أنه قد ظهر فيه نوع من الانشقاق فلم يعبا به ، فما مضت برهة من الأيام إلا واتفق فيه الاتفاق الغربب . وذلك أنه انشقت القبلية شرقا وغربا ، فرقة ونتا ، حتى بان نور الشمس ، وانشقت عتبة بابها أسوة ماحاذاها من التبليط المنشق مع إحكام بنانها ، وعرفان مهندسها وبنائما، ومالت إلى بعض الدور المجاورة لها ، فارتحل من بها ، وفر كثير من الناس عن اقامة الجمعة بها ، فبلغه الخبر ، فغاظه . فما مضت ثلاثة أيام ، إلا وأصابه فالج ، مات به سربعا عاجلا في رمضان سنة أربع وستين وتسع مئة، وصار أمره أحدوثة بين الناس . عفا الله تعالى عنا وعنه وعن المسمين
انظر كامل الترجمة في كتاب درر الحبب في تاريخ أعيان حلب للشيخ (رضى الدين محمد بن إبراهيم بن يوسف الحلبي).