محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبي عبد الله الأرقط

المهدي النفس الزكية

تاريخ الولادة93 هـ
تاريخ الوفاة145 هـ
العمر52 سنة
مكان الولادةالمدينة المنورة - الحجاز
مكان الوفاةالمدينة المنورة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز

نبذة

محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله، الملقب بالأرقط وبالمهديّ وبالنفس الزكية: أحد الأمراء الأشراف من الطالبيين. ولد ونشأ بالمدينة. وكان يقال له صريح قريش، لأن أمه وجدّاته لم يكن فيهن أمّ ولد. وسماه أهل بيته بالمهديّ. وكان غزير العلم، فيه شجاعة وحزم وسخاء.

الترجمة

محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله، الملقب بالأرقط وبالمهديّ وبالنفس الزكية:
أحد الأمراء الأشراف من الطالبيين. ولد ونشأ بالمدينة. وكان يقال له صريح قريش، لأن أمه وجدّاته لم يكن فيهن أمّ ولد. وسماه أهل بيته بالمهديّ.
وكان غزير العلم، فيه شجاعة وحزم وسخاء. ولما بدأ الانحلال في دولة بني أمية بالشام، اتفق رجال من بني هاشم بالمدينة على بيعته سرا، وفيهم بعض بني العباس، وقيل: كان من دعاته أَبُو العَبَّاس (السَّفَّاح) وأبو جعفر (المنصور) ثم ذهب مُلك الأمويين، وقامت دولة العباسيين، فتخلّف هو وأخوه إبراهيم عن الوفود على السفاح، ثم على المنصور. ولم يخف على المنصور ما في نفسه، فطلبه وأخاه، فتواريا بالمدينة،  فقبض على أبيهما واثني عشر من أقاربهما، وعذبهم، فماتوا في حبسه بالكوفة بعد سبع سنين. وقيل: طرحهم في بيت وطيّن عليهم حتى ماتوا. وعلم محمد (النفس الزكية) بموت أبيه، فخرج من مخبئه ثائرا، في مئتين وخمسين رجلا، فقبض على أمير المدينة، وبايعه أهلها بالخلافة. وأرسل أخاه إبراهيم إلى البصرة فغلب عليها وعلى الأهواز وفارس. وبعث الحسن بن معاوية إلى مكة فملكها. وبعث عاملا إلى اليمن. وكتب إليه (المنصور) يحذّره عاقبة عمله، ويمنّيه بالأمان وواسع العطاء، فأجابه: (لك عهد الله إن دخلت في بيعتي أن أؤمنك على نفسك وولدك) وتتابعت بينهما الرسل، فانتدب المنصور لقتاله ولي عهده عيسى بن موسى العباسي، فسار إليه عيسى بأربعة آلاف فارس، فقاتله محمد بثلاثمئة على أبواب المدينة.
وثبت لهم ثباتا عجيبا، فقتل منهم بيده في إحدى الوقائع سبعين فارسا. ثم تفرق عنه أكثر أنصاره، فقتله عيسى في المدينة، وبعث برأسه إلى المنصور. وكان شديد السمرة، ضخما، يشبهونه في قتاله بالحمزة. وهو أبو (الأَشْتَر العَلَوي) عبد الله.

-الاعلام للزركلي-
 

 

 

 

مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدَة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعة بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ المطلب بن أسد بن عبد العزَّى بن قُصَيّ. فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَبْدَ الله بن محمد، قتل { وكان يقال لعبد الله بن محمد بن عبد الله: "الأشتر. وقتل سنة إحدى وخمسين ومائة"} ببلاد القِشْمِير {. وتقع هذه الدولة في شمال الشمال الغربي للهند وشمال الشمال الشرقي لباكستان الغربية} قتله هشام بن عَمرو في المعركة. وعلياً بْنَ مُحَمَّدٍ، مَاتَ فِي السِّجْنِ وَكَانَ أُخذ بِمِصْرَ { سجنه المنصور سنة أربع وأربعين ومائة. وبقي محبوساً إلى أن مات}. وَحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ { قتل حسن بن محمد سنة تسع وستين ومائة يوم التروية. في خلافة موسى الهادي }، الْمَقْتُولَ بِفَخٍّ صَبْرًا؛ قَتَلَهُ مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ محمد بن علي بن عبد الله بن عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَفَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا حَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَزَيْنَبَ بِنْتَ، مُحَمَّدٍ تَزَوَّجَهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَدَخَلَ بِهَا ليلة قتل أَبَوْهَا بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ مَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا وَلَمْ يَجْمَعْهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَفَارَقَهَا وَخَلَفَ عَلَيْهَا مُحَمَّدُ بن إبراهيم بن محمد بن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. فَوَلَدَتْ لَهُ جَارِيَةً مَاتَتْ صَغِيرَةً، ثُمَّ فَارَقَهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَخَلَفَ عَلَيْهَا إِبْرَاهِيمُ ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَأُمَّ وَلَدِ محمد ابن عبد الله هؤلاء جميعاً أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَالطَّاهِرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَأُمُّهُ فَاخِتَةُ بِنْتُ فُليح بْنِ محمد بن المنذر بن الزبير بن العوام بْنِ خُوَيْلِدٍ. وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن حَسَنٍ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَكَانَ قَدْ لَقِيَ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَحَدَّثَ عَنْهُمْ. وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ وروى عنه عبد الله ابن جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ المِسْوَر بْنِ مَخْرَمَةَ الزُهري وَغَيْرُهُ. وَلَمْ يَزَلْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَأَخُوهُ يَلْزَمَانِ الْبَادِيَةَ وَيُحِبَّانِ الْخَلْوَةَ، وَلَا يَأْتِيَانِ الْخُلَفَاءَ وَلَا الْوُلَاةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي قَالَ: "سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ يَقُولُ: وَفَدْتُ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ" فَقَالَ لِي: "مَا لِي لَا أَرَى ابْنَيْكَ مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ يَأْتِيَانَا فِيمَنْ أَتَانَا؟ " قَالَ: "فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُبِّبَ إِلَيْهِمَا الْبَادِيَةُ وَالْخَلْوَةُ فِيهَا، وَلَيْسَ تَخَلُّفُهُمَا عَنْ أمير المؤمنين لمكروه فسكت هشام".
قَالَ: "فَلَمَّا ظَهَرَ وَلَدُ الْعَبَّاسِ فِي هَذِهِ الدَّوْلَةِ تَغَيَّبَا أَيْضًا، فَلَمْ يَأْتِيَا أَحَدًا مِنْهُمْ. فَسَأَلَ عَنْهُمَا أَبُو الْعَبَّاسِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ أَبُوهُمَا عَنْهُمَا، بِنَحْوٍ مِمَّا قَالَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فكفَّ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْهُمَا فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ أَلَحَّ فِي طَلَبِهِمَا، فَنَفَرَا مِنْهُ وَاسْتَوْحَشَا مِنْ ذَلِكَ فَازْدَادَا فِي التَّنَحِّي وَالْاخْتِفَاءِ. وولَّى أَبُو جَعْفَرٍ المدينة ومكة زياد بن عبيد الْحَارِثِيَّ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا، فغيَّب فِي أَمْرِهِمَا وكفَّ عَنِ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِمَا، وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ. وولَّى مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القَسْري { كان ذلك سنة إحدى وأربعين ومائة} الْمَدِينَةَ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا وَالْجِدِّ فِي ذَلِكَ، فَفَعَلَ كَفِعْلِ زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَجِدَّ فِي طَلَبِهِمَا، وَكَانَ يبلغه أنهما في موضع فَيُرْسِلُ الْخَيْلَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَكَانَتْ رُسُلُهُمَا تَأْتِيهِ بِأَخْبَارِهِمَا وَحَوَائِجِهِمَا فَيَقْضِيهَا. وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَعْفَرٍ فَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ. وولَّى الْمَدِينَةَ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّان المُرَّي وَأَمَرَهُ بِطَلَبِهِمَا يروي في أَمْرِهِمَا. فألحَّ رِيَاحٌ فِي طَلَبِهِمَا وَلَمْ يُدَاهِنْ وَلَمْ يغيَّب، فَخَافَا فَهَرِبَا فِي الْجِبَالِ، وَتَشَدَّدَ رِيَاحُ بْنُ عُثْمَانَ عَلَى أَبِيهِمَا وَأَهْلِ بَيْتِهِمَا، وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ فِي إِشْخَاصِهِمْ إِلَيْهِ فَأَشْخَصَهُمْ فَوَافَوْهُ بالرَّبْذَة ثُمَّ حَدَرَهُمْ إِلَى الْكُوفَةِ فَحَبَسَهُمْ بِالْهَاشِمِيَّةِ حَتَّى مَاتُوا فِي حَبْسِهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَخَرَجَ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَفْنَاءِ الْعَرَبِ، وَنَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ، وَمِنَ الْأَعْرَاضِ مِنَ الْأَعْرَابِ وَمِنْ ضَوَى إِلَيْهِمْ، فَبَيَّضَ { بيض: لبس ثوباً أبيض في ذلك إشارة إلى إتخاذ البياض شعاراً له عكس السواد شعار العباسيين} وَخَرَجَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، ودُعي لَهُ بِالْخِلَافَةِ وَأَقْبَلَ إلى المدينة فأخذها، وأخد رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حيَّان وَابْنَهُ وَابْنَ أخيه فحبسهم وقيدهم، وأخذ من كان بِالْمَدِينَةِ مِنْ مَوَالِي وَلَدِ الْعَبَّاسِ فَحَبَسَهُمْ فِي دارٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: "غَلَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمَدِينَةِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَبَلَغَنَا ذَلِكَ فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ شَبَابٌ -أَنَا يَوْمَئِذُ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً- فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ عند منايم خَشْرَم { موضع قرب المدينة} وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لَيْسَ يُصد عَنْهُ أَحَدٌ، فَدَنَوْتُ حَتَّى رَأَيْتُهُ وَتَأَمَّلْتُهُ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ وَعَلَيْهِ قَبَاء { وهو ثوب يلبس فوق الثياب} أَبْيَضُ مَحْشُوٌّ وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، وَكَانَ رَجُلًا آدَمُ { وهو الرجل الأسمر} أَثَّرَ الجُدَرَي فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ وجَّه إِلَى مَكَّةَ فأُخذت لَهُ، وَوَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْبَصْرَةِ فَأَخَذَهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا، وبيَّضوا مَعَهُ، وَبَلَغَ أَبَا جَعْفَرٍ ذَلِكَ فراعهُ وشَمَّرَ فِي حَرْبِهِ، (فَوَجَّهَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ، عِيسَى بْنَ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَوَجَّهَ معه محمد بن أَبِي الْعَبَّاسِ { وكان توجيههما من بغداد إلى المدينة سنة خمس وأربعين ومائة} أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وعِدَّة مِنْ قُوَّادِ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَجُنْدِهِمْ، وَعَلَى مُقَدِّمَةِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، حُميد بْنُ قَحْطَبَةَ الطَّائِيُّ، وَجَهَّزَهُمْ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالسِّلَاحِ والمِيرة فَلَمْ يَتَّرك، وَوَجَّهَ مع عِيسَى بْنُ مُوسَى، ابْنَ أَبِي الْكِرَامِ الْجَعْفَرِيَّ وَكَانَ فِي صَحَابَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَكَانَ مَائِلًا إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ فَوَثِقَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ وَوَجَّهَهُ"فَأَقْبَلَ عِيسَى بْنُ مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَنَاخَ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَخَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَاتَلُوا أَيَّامًا قِتَالًا شَدِيدًا، وَصُبِرَ نَفَرٌ مِنْ جُهَينة يُقَالُ لَهُمْ بَنُو شُجاع مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلُوا وَكَانَ لَهُمْ غَناء. وَخَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ابْنُ خُضَير { ابن خضير: هو عيسى بن مصعب بن مصعب بن الزبير بن العوام خرج وقتل مع محمد بن عبد الله بن حسن سنة خمس وأربعين ومائة. وسمي مصعب خُضَيْراً لأنه كان أسمراً والأخضر من الناس هو الأسمر} رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا كَانَ الَّذِي قُتل فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَأَى الْخَلَلَ فِي أَصْحَابِهِ وَأَنَّ السَّيْفَ قد أفناهم.

استأذن [بن] خُضَير محمداً فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ، فَأَذِنَ لَهُ وَلَا يَعْلَمُ بما يريد، فدخل على رياح بن عُثْمَانُ بْنُ حيَّان المُرَّي وَابْنُهُ فَذَبَحَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ مُحَمَّدًا. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ مِنْ سَاعَتِهِ. وَكَثَّرُوا مُحَمَّدًا { غلبوه بكثرة عددهم} وَأَلَحُّوا فِي الْقِتَالِ حَتَّى قُتل مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى، فَدَعَا ابْنَ أَبِي الْكِرَامِ فَأَرَاهُ إيَّاه فعرَّفه له فسجد عِيسَى بْنِ مُوسَى، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ وأمِن النَّاسُ كُلُّهُمْ. وَكَانَ مَكْثُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، مِنْ حِينَ ظَهَرَ إِلَى أَنْ قُتِلَ شَهْرَيْنِ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَانَ لَهُ يَوْمَ قُتِلَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً { وكذا قال ابن حجر. وقال ابن أبي حاتم وابن حبان: "قتل وهو ابن خمس وأربعين سنة"}.

 وَوَلَّى عِيسَى بْنُ مُوسَى الْمَدِينَةَ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ.

-الطبقات الكبرى لابن سعد البصري-