محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري
أسد العلماء محمد
تاريخ الولادة | 847 هـ |
تاريخ الوفاة | 910 هـ |
العمر | 63 سنة |
مكان الولادة | جونفور - الهند |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السيد محمد بن يوسف الجونبوري
الشيخ الكبير محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري المتمهدي المشهور بالهند، ولد سنة سبع وأربعين وثمانمائة بمدينة جونبور، وحفظ القرآن واشتغل بالعلم على الشيخ دانيال بن الحسن العمري البلخي وبرز في الفضائل وله خمس عشرة سنة، وكان ذا جرأة ونجدة في البحث والتدقيق ولذلك لقبوه بأسد العلماء، اشتغل بالدرس والإفادة مدة، وأخذ الطريقة عن شيخه دانيال، واجتهد في الرياضة والمجاهدة مدة من الزمان، ثم ترك الأهل والوطن وسافر مع عياله وأصحابه إلى أودية الجبال، وجاب الأغوار والأنجاد مدة مديدة، وادعى في أثناء السفر أنه مهدي، ثم آنس وقدم جنديري - وكانت مدينة كبيرة من بلاد مالوه - واشتغل بالوعظ والخطابة، فمال إليه الناس وصار محسوداً بين المشايخ، فحرضوا الولاة على نفيه من تلك البلدة فدخل مندو دار ملك مالوه ومال إليه غياث الدين شاه الخلجي، وبايعه الشيخ إله داد، فعظمت بذلك رتبته، ثم رحل إلى بلدة جانبانير من بلاد كجرات، وشدد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الناس إلى الزهد والتجريد والاستقامة على الشريعة الغراء، فعزم محمود شاه الكبير أن يحضر مجلسه، فلما رأى العلماء ميله إليه منعوه عن ذلك القصد وأنكروا عليه، فسافر إلى أحمد نكر من طريق برهانبور ودولة آباد، فأكرمه نظام شاه أمير تلك الناحية، ثم ذهب إلى أحمد آباد بيدر التي سماها عالمكير محمد آباد، فبايعه الشيخ ممن - بتشديد الميم - وملا ضياء والقاضي علاء الدين وغيرهم من أعيان تلك البلدة، ثم دخل كلبركه وسافر إلى الحرمين الشريفين، وادعى بمكة المباركة مرة ثانية أنه مهدي وقال: من تبعني فهو مؤمن، فكان أول من آمن به الشيخ نظام والقاضي علاء الدين، وكان ذلك سنة إحدى وتسعمائة، ثم رجع إلى الهند وأقام بأحمد آباد كجرات، واشتغل بالتذكير حتى بايعه خلق لا يحصون بحد وعد، وادعى هناك مرة ثالثة على رؤس الأشهاد أنه مهدي، وذلك في سنة ثلاث وتسعمائة، فاتفق العلماء على نفيه من البلد، فنفاه محمود شاه الكبير الكجراتي من أحمد آباد، فرحل إلى قرية سوله سانيج ثم إلى بلدة فتن ثم إلى قرية بدلي على ثلاثة أميال من فتن وادعى فيها مرة رابعة أنه مهدي، من أنكره فقد كفر، فتعقبه العلماء وباحثوه ونفوه من ذلك المقام أيضاً، فرحل إلى بلاد السند ودخل الناس في دينه أفواجاً، فأمر بقتله صاحب السند فشفع له ندماؤه، وأمر باخراجه من أرض السند، فرحل إلى خراسان ومعه ثمانمائة رجل من أصحابه، فلما وصل إلى قندهار أمر واليها مرزا شاه بيك أن يحضر في الجامع الكبير بمحضر من العلماء، فأحضروه فذكر وبكى وأبكى الناس، ومال إليه مرزا شاه بيك فخلى سبيله، فرحل إلى بلدة فراه وحضر لديه الأمير ذو النون فحال بينه وبين السفر، وبعث إلى السلطان حسين مرزا ملك خراسان يسأله في أمره وانتظر جوابه، واستمر على ذلك تسعة أشهر، وتوفي بها السيد محمد صاحب الترجمة قبل أن يصل جواب السلطان، فانتشر أصحابه في الآفاق واجتهدوا في الدعوة إلى طريقته ودخل الناس فيها، وبقيت بقيتهم إلى يومنا هذا في بلاد دكن وكجرات.
واختلف الناس في شأنه فقال بعضهم: إنه كان صاحب المقامات العالية ذا كشوف وكرامات، وقال بعضهم: إنه كان كذلك ولكنه أخطأ في دعواه لوقوع الخطأ في كشفه، وقال بعضهم: إنه كان مبتدعاً لمذهب جديد، وقال البدايوني في تاريخه: إنه كان صاحب مقامات عالية ذا صدق وإخلاص في الطريقة رفيع المنزلة في الفقر، اخترع أصحابه طريقاً جديداً، وقال عبد الرحمن الدنيتهوي في مرآة الأسرار: إنه كان عارفاً أخطأ في كشفه، وقال ابن المبارك: إنه ادعى المهدية في غلبة الحال، وصدر منه الخوارق الكثيرة، فهجم عليه الناس وصدقوه في ادعائه، وقال اللاهوري في خزينة الأصفياء: إنه قال: أنا مهدي، في غلبة الحال والسكر، كما قال بعضهم: أنا الله، وسبحاني ما أعظم شأني، وأمثال ذلك من الأقوال، ولكنه تاب عن ذلك القول في حالة الصحو والإفاقة كغيره من الصوفية، وأما أصحابه الجهلة فإنهم لم يعتبروا إقالته فأصروا على أنه مهدي موعود، وضلوا عن الطريق وأضلوا كثيراً من الناس، واخترعوا مذهباً جديداً، وانتسبوا إلى الفرقة المهدوية. وقال أبو رجاء محمد الشاهجهانبوري في الهدية المهدوية: إن الجونبوري لم يمنع أصحابه عن ذلك، وبدل اسم أبيه بعبد الله واسم أمه بآمنة، وأشاعها في الناس، وصنف كتباً في أصول ذلك المذهب، ثم نقل أبو رجاء أصول ذلك المذهب في كتابه، واقتبس تلك الأصول عن كتبهم، منها أنه مهدي موعود، وأنه أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، بل أنه أفضل من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى على نبينا وعليهم السلام، ومنها أنه كان مساوياً لسيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنزلة وإن كان تابعاً له في الدين، ومنها أن ما خالف من الكتاب والسنة قوله وفعله فهو غير صحيح، ومنها أن تأويل كلامه حرام وإن كان مخالفاً للعقل، ومنها أن الجونبوري وسيدنا محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلاهما مسلمان كاملان وسائر الأنبياء ناقصو الإسلام، ومنها أن الإنسان إن لم يشاهد الأنوار الإلهية بالعين أو بالقلب في اليقظة أو في المنام فليس بمؤمن، ومنها أن الواجب على كل مسلم أن يهجر وطنه ويختار صحبة الصادقين بعد الهجرة، ومنها أن الجونبوري شريك في بعض الصفات الإلهية بعد فوزه بمنصب الرسالة والنبوة، انتهى بقدر الحاجة. وإني وجدت في تاريخ بالن بور لكلاب بن عبد الله المهدوي أن للمهدوية أصولاً وفروعاً، فالأول منها التوبة بحسن القصد والإخلاص بحيث لا يشوبه رياء، والعمل الصالح الذي يقرب إلى الله سبحانه، ودوام الذكر على طريقة حفظ الأنفاس، وأما الفروع فهم على طريقة أهل السنة، ليست لهم طريقة خاصة يمتازون بها عن غيرهم، ويقولون: إن من يريد الدخول في هذه الطريقة بصدق الطلب له فرائض: الأول ترك الدنيا وعلائقها، والثاني العزلة عن الخلق، والثالث الهجرة من الوطن، والرابع صحبة الصديقين، والخامس دوام الذكر، انتهى.
ولعلك علمت من هذا التوضيح أنهم لا يمتازون من أهل السنة والجماعة إلا في ادعاء المهدوية للجونبوري، وإطرائهم في مدحه، وغلوهم في الترك والتجريد، والله أعلم.
وكانت وفاة الجونبوري في يوم الخميس سنة عشر وتسعمائة.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)