عبد العزيز بن محمد بن محمد

آصف خان

تاريخ الولادة909 هـ
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • كجرات - الهند
  • أدرنة - تركيا

نبذة

أبو القاسم عبد العزيز الكجراتي المعروف بآصف خان الوزير الكبير أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن شاهو بن تكودر - بالفوقية - بن جام ننده السندي الكجراتي، الشهيد السعيد المسند العالي آصف خان، كان أعظم الوزراء بمملكة كجرات

الترجمة

أبو القاسم عبد العزيز الكجراتي المعروف بآصف خان
الوزير الكبير أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن شاهو بن تكودر - بالفوقية - بن جام ننده السندي الكجراتي، الشهيد السعيد المسند العالي آصف خان، كان أعظم الوزراء بمملكة كجرات، ولد ليلة الخميس ثاني عشر ربيع الأول سنة سبع، وقيل: تسع، وتسعمائة بجانبانير، ونشأ في حجر والده واشتغل عليه في علوم شتى، منها الصرف والنحو والمعاني والبيان، ثم اشتغل بالعلوم الشرعية على القاضي برهان الدين النهروالي ومن جملة ما أخذ عنه علوم الحديث، ثم قرأ المنطق والحكمة والأصول والطب على الخطيب أبي الفضل الكاذروني وعلى السيد أبي الفضل الاسترآبادي من أكبر تلامذة المحقق الدواني، ثم لم يزل يتدرج في مراتب السعادة والكمال، وتظهر عليه بشائر النجابة والإقبال، حتى اختاره بهادر شاه الكجراتي بحضرته، ولحظه بعين عظمته إلى أن أهله لوزارته، وقلده كثيراً من أعمال مملكته، فخاطبه أولاً بحبيب الملك، ثم لما ضعف الورير مجد الدين محمد بن محمد الايجي عن تعاطي ما تقتضيه الوزارة العظمى لكبر سنه تخيره لما علم من شدة ميل السلطان إليه ومزيد اعتنائه، فأنابه منابه في القيام بالخدمة السلطانية، فقام في كل ذلك على أكمل الأحوال وأتقنها وأوفقها للملك وأبهة السلطنة ومصالح الرعية فازداد قربه من السلطان، فعلم الوزير الأعظم أنه لم يبق له من الأمر شيء فاستعفى من الوزارة، فولاه السلطان الولاية العظمى ولقبه بالمسند العالي آصف خان، واستمر قائماً بذلك إلى أن دهمهم همايون شاه التيموري، فأرسله بالحريم والخزانة إلى مكة المشرفة، فوصل إليها سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، وكانت معه سبعمائة صندوق، ويتبعه من الأمراء ومن العسكر ما يزيد على الألف ومن الحشم مثله. وفي أول اجتماعه بصاحب مكة أبى نمى بن بركات الحسني أحب أحدهما الآخر وعمت صلاته
أهل مكة فكاد يسمع الدعاء كما تسمع التلبية ونعى بوفاة سلطانه بهادر شاه، ووصل غل مكة سنة أربع وأربعين الأمير قائم الخمراوي مأموراً بحمل الخزانة التي بمكة إلى مصر، فطالب بها إلا أن صاحب مكة حسب ما رآه آصف خان حمله أن يسير به إلى مصر وهي معه، وفي هذه المعاملة
اعترف لصاحب مكة بأن ما وصله به لا يقابل قيامه فكيف يوافي الذب عن فبذلك له ما يرتضيه، وهكذا تألف الخمراوي بحملة كافية، ثم جعل النظر لصاحب مكة فيما له وما عليه، وأوصى وكيله سراج الدين عمر النهروالي بما يعتمد عليه، وتوجه إلى مصر صحبة الخمراوي ومع حاجب صاحب
مكة، ولم يدخل مصر إلا أنه أرسل إلى خسرو باشا الحاكم بها ما يستظرف من قماش الهند وأربعة صناديق من الذهب واعتذر منه، وسار إلى أدرنه واجتمع بالسلطان واتفق له معه ما لم يتفق لأحد قبله من المصافحة والجلوس وبعض الكلام بلا واسطة، وأعجب السلطان كلامه وأدبه، فسأله: كيف كان الحادث بملك فيه مثلك؟ فأجاب: وقع الاجماع على أن الملك يفتح بالسيف ويحفظ بارأي، وزال ملك بني أمية ولم يكن أشجع من مروان حتى لصبره على الشدة لقب بالحمار، ولا أرأى من عبد الحميد حتى أنه لما أمر بقتله المنصور وقال له أبقني لرسائلك كان جوابه وهل غيرها أضرت بنا، وكانت أوقع من سيوفهم لا أبقاني الله إن أبقيتك ليعلم من يدل بهما أنه ليس بشيء، وإنما الملك لله سبحانه، ومع هذا كان له سبب يتعلل به، وهو أن صاحب الملك بلغ به الآفاقي تمكينا ولم يدع لأهل المملكة إمكاناً، وعند مخالفة الهوى صار ضعف أهل الملك له وقوة الآفاقي لعدوه! فازداد به السلطان عجباً، ثم قال له تمن فسأل لما صرفه من الخزانة سنداً ولما أسلمه حجة فأجابه إليه، ثم قال تمن فاستأذن لحريم السلطنة في الرجوع إلى الهند فأجاب، ثم قال تمن فاستعفى من أمناء بيت المال بمكة وجدة فأجاب، ثم قال: سل شيئاً لنفعك كإمارة الشام وحلب وغيرها، فسأل ألف أشرفي يكون له في السنة ليثبت اسمه في دفتر العناية وكان ذلك، ثم رجع إلى مكة ظافراً وأرسل إلى كجرات عند سلطانها محمود شاه من المشتريات المطلوبة بمبلغ ما في تسعة صناديق من الذهب، ومن النقد أحداً وعشرين صندوقاً مختومة بختم بهادر شاه، وفي الغيبة لسفر الروم كان يصرف الروم عشرة صناديق والمبلغ المصروف لصاحب مصر ووزراء الباب العالي ما سوى هدية السلطان ثلاثون صندوقاً، وبه كانت العناية والرعاية والأمان من الحساب والتفتيش، ثم بعد ذلك أرسل الحريم بالدفائن التي لم ترها عين ولا سمعت بها أذن، وصرف أيام إقامته بمكة على الأمراء والعسكر والحشم من بيع الآلات والأسباب والظروف المتخذة من الذهب والفضة، وقد وصل منها لأهل الحرمين من جانب السلطنة كل سنة سبعون ألف مثقال ذهب، ولصاحب مكة منها كل سنة خمسة وعشرون ألف مثقال.
ثم إنه لما أرسل الحريم إلى كجرات عزم على المجاورة بمكة وتأهل بها وأقام إلى سنة خمس وخمسين وتسعمائة حتى طلبه محمود شاه الكجراتي إلى الهند وولاه النيابة المطلقة، وازداد محمود شاه بنيابته سعة في التمكين والإمكان ووجد راحة في أوقاته، وقال لأصحابه ذات يوم: إلى يومي هذا ان لي شغل فكر بمهمات لا أجد لي عليها معيناً، وكنت أرى جماً غفيراً في الديوان إلى أني في شك أهؤلاء لي أو علي؟ وأما الآن فملكت رأيي واسترحت بتدبير آصف خان لي عن أشياء كنت أتحاشاها عجزاً وأسكت عنها خشية أن ينفتح باب لا يمكنني إغلاقه. واستمر آصف خان على وزارته مدة، ثم قتله برهان الدين الشرابي، وسبب ذلك أنه كان ساقياً لمحمود شاه ومقرباً لديه، فوسوس له الشيطان وزين له حب الدولة فسمه ثم قتله وجلس على سرير الملك وأراد أن يعدم رجال الدولة ليصفو له الملك والدولة، فطلب آصف خان على لسان السلطان، فاغتسل وتطيب وجلس في المحفة وهو يتلو القرآن الكريم، فلما دخل دار السلطنة وانتهى إلى موقف أفيال النوبة اعترضه كبير الفيالة بفيله في النوبة ليصده عن الدخول شفقة على آصف خان مما دعى إليه، فأحب أن يتربص عساه ينجو وأني له وما بينه وبين الجنة إلا خطوات، ولهذا لما اعترضه الفيل وقف وأمر بكفه ففعل وتقدم حملة المحفة به، فلما دخل المقام المحمود أخذت السيوف من جهاته وانجدل سريعاً وتمت له السعادة بالشهادة. وكان ذلك في أوائل ربيع الأول سنة إحدى وستين وتسعمائة فرثاه غير واحد من العلماء بمكة، وصنف شهاب الدين أحمد بن حجر المكي رسالة مفردة في مناقبه، قال فيها: إنه كان من أهل الدنيا باعتبار الصورة الظاهرة، لكنه في الباطن من أكابر أهل الآخرة، لما اشتمل عليه من الاجتهاد في العبادات مما لم يسمع مثله إلا عن بعض من مضى من العلماء العاملين والصلحاء العارفين، وإننا لم نر أحداً قدم إلى مكة من أرباب المناصب بل ولا من العلماء وغيرهم لازم من العبادات ملازمة هذا الخان بحيث لا يضيع له وقت نهاراً ولا ليلاً في غيرها إلا فيما يضطر إليه من العادات، فمن ذلك أنه أقام بمكة المشرفة أكثر من عشر سنين لا نعرف أنه ترك الجماعة فيها مع الإمام بالمسجد الحرام في فرض واحد من غير مرض، ونحوه مع انضم لذلك من قراءة القرآن ومطالعة كتب العلم من الفقه والتفسير والحديث والعلوم الالهية واقرائها واجتماع الفقهاء والعلماء عنده لاستماع ذلك والبحث معه فيه كان يمضي لهم عنده الأوقات الطويلة كل يوم في ذلك، وكان يقع لهم معه كثير من الأبحا الدقيقة والمعاني العويصة لا سيما ما يتعلق بعويصات تفسير القاضي البيضاوي وأصله الكشاف وحواشيهما، وكذلك كتب الأصلين كالتلويح وشرح المواقف وحواشيهما، وكذا كتب الفقه كالهداية وشروحها والكنز وشروحه والمجمع وشروحها والبخاري ومسلم وبقية الكتب الستة وشروحها وحواشيها، حتى نفق العلم في زمنه بمكة نفاقاً عظيماً، واجتهد أهله فيه اجتهاداً بالغاً، وثاب الطلبة وعكفوا عكوفاً باهراً عليه، وبحثوا عن الدقائق لينفقوها في حضرته، وتحفظوا الاشكالات ليتقربوا بها إلى خواطره، كل ذلك لاسباغه على المنتسبين إلى العلم بأي وجه كانوا من ضوافي الاحسان وواسع الامتنان ما لم يسمع بمثله عن أهل زمنه ومن قبله بمدد مديدة. قال: وكان مع ما هو عليه من التنعم البالغ والسراري والزوجات والحشم والخدم وغير ذلك له تهجد
طويل بالليل بحيث يقرأ في تهجده في كل ليلة نحو ثلث القرآن مع الفكر والخشوع والخضوع بين يدي الله تعالى، لا يفتر عن ذلك حضراً بل ولا سفراً كما أخبر عنه الثقات الذين صحبوه في السفر من مكة إلى الروم ثم منه إلى مكة، قال: وكان يعتكف في رمضان كل سنة مدة إقامته بمكة في المسجد الحرام بما ينبغي للمعتكف الاشتغال به من التفرد والتجرد والطاعة بظاهره دون قلبه، فيقرأ ويسمع عدة ختمات، ولهذا استمر على طريقته بعد عوده من مكة إلى بلدته مع مباشرته للوزر الأعظم حتى توفاه الله إلى جنته إلى دار كرامته، لأن أعماله لم تكن مدخولة وإلا لانقطعت وبطلت، إذا داوم عليها مع المزيد منها دل ذلك على خلوص نيته وطهارة سريرته. قال: وكان له شدة إنكار على من يكثر في كلامه لغو اليمين كلا والله، وبلى والله، في كل حقير
وجليل، كما هو دأب أكثر الناس، ونحن لم نعرف منذ اجتماعنا به أنه جرى على لسانه لغو يمين ولا حلف بالله، ومما يدل على تمسكه بأعلى أحوال الصوفية من مجاهدة النفس وقمعها عن كل مألوف بها من راحة ولهو ولعب وبطنة وغفلة وكذب ما أخبر به عنه الثقة، قال: صحبته في سفره إلى
القسطنطينية من مكة ذاهباً وراجعاً فلم أره مسح على الخفين قائلاً: هو رخصة والأخذ بالعزيمة أولى وأفضل، ومن ذلك أنه كان له بيت معد لاختلائه فيه أربعين يوماً على باب المسجد، وكان الباب مفتوحاً يرى الحجر وارتفاعاً قليلاً من البيت الشريف فتصح المراقبة، وله رتبة الشهود لا يخرج منها إلا لصلاة الجماعة عند الباب ثم يعود إليها سريعاً من غير أن يكلم أحداً، وكان ذلك مع مراعاة الشروط من الصوم ودوام الجوع ودوام السهر والذكر والفكر والانقطاع إلى الله سبحانه. قال ابن حجر: إنه كان مع ما هو عليه من الفخامة الدنيوية شديد التواضع للفقراء والعلماء كثير الاحسان والتردد إليهم، حتى إنه لكثرة ذلك منه جلب الناس كلهم إلى منزله والجلوس في مجلسه بحيث لم يبق أحد من أعيان مكة وعلمائها وصلحائها إلا ودعاهم إحسانه إلى التردد إليه وحضور مجالسه والكلام فيما يقع فيها من المباحث العلمية، ولقد كان شيخنا الامام أبو الحسن البكري الشافعي لا يتردد لأحد من أبناء الدنيا إلا في نادر لأمر مهم وكان يعيب على من يرتدد إليهم، فلما جاء إلى مكة واجتمع به وزاد إحسانه وتردده إليه صار يذهب إلى بيته ويأكل طعامه ويقبل هداياه، قال:
وكنت عنده يوماً فجاء مملوك سلطاني أرسله إليه نائب مصر خسرو باشاه بن خير الدين، معه خلعة سنية ومراسيم بالاجلال والتعظيم والتوقير، والتمس منه أن يلبسها إجلالاً للسلطان وامتثالاً لأمر نائبه بمصر، فأبى وقال: وكيف يجوز لي لبس الحرير! فألح فامتنع ولم يبال بتشويش المملوك ولا بكونه
ينهى ذلك لمرسله مع أنه كان في غاية الغلظة والجود إيثاراً لرضى الله تعالى على رضى غيره، انتهى كلام الشيخ ابن حجر في الرسالة المفردة.
وللشيخ عز الدين عبد العزيز الزمزمي المكي قصائد غراء في مناقبه، منها قوله: هو الجواد الذي سارت مكارمه شرقاً وغرباً وصارت فيهما مثلا
أعنى آصفخان عز الدين سيدنا أعزه الله عزاً للعدى خذلا وكل من باسمه الميمون طايره يسمى على كل سام قد سما وعلا وإن لي ذمة منه بتسميتي عبد العزيز رعى حقي بها وكلا دعوه بالمسند العالي وكم خبر في الجود بالمسند العالي به وصلا ولم تلقبه آصف خان دولته إلا لسر رأته فيه منتقلا منه الشمائل والأخلاق قد كملت وقل من فيه هذا الوصف قد كملا بالسعى ساد ولم يرد بالسؤدد ما سواه مما به قد ضلت العقلا
أسنى المناصب ملقى تحت أخمصه وقد تعاظم عنه رفعة وعلا شهامة حفظت للعلم رتبته علا بها ذروة عنها السها استفلا
أعزك الله يا عبد العزيز فقد شيدت للعلم ذكراً بعد ما خملا رفعت مقدار أهل العلم فارتفعوا بحسن رأيك وامتازوا عن الجهلا
لما أشدت تداريساً مقررة في المذهبين اكتست أهلوهما حللا وكان في مكة للناس هيمنة عظيمة وتمنى العلم من جهلا
فصار من لا له علم ومعرفة بالعلم بعد مشيب الرأس مشتغلا  جزيت خير جزاء من إلهك عن هذا الصنيع الذي اختصت به النبلا
وفي قوله: لما أشدت تداريساً مقررة، إشارة إلى أنه بنى مدرسة بباب العمرة في البلدة المباركة وولاها الشيخ عز الدين عبد العزيز الزمزمي والشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي وغيرهما من علماء مكة المشرفة للتدريس، وهذه القصيدة تشتمل على ست وثمانين بيتاً.
وللشيخ عبد العزيز المذكور قصيدة أخرى رثاه بها لما بلغه وفاته، ومنها قوله: 
أي القلوب لهذا الحادث الجلل أطراده الشم لم تنسف ولم تزل وأي نازلة في الهند قد نزلت بلفحها كل حبر في الحجاز صلى
أعظم بنازلة في الكون طاربها براً وبحراً مسير السفن والابل أخبارها طرقت سمعي فحملني طردتها غب رزء غير محتمل
أهدت لأهل الحجاز اليأس بعد رجا واليأس بعد الرجا كالطل بالأسل فأصبح الناس في الفكر وفي وهج كثيرة ومزاج غير معتدل

الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)