أحمد بن عبد الواحد بن مراء أبي العباس الحوراني

التقي الشافعي

تاريخ الولادة581 هـ
تاريخ الوفاةغير معروف
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • بغداد - العراق
  • سنجار - العراق
  • حلب - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

أحمد بن عبد الواحد بن مراء: أبو العباس الحوراني القاضي، الملقب بالتقي الشافعي فقيه فاضل، أديب زاهد، شاعر، قدم حلب وأقام بها مدة وتفقه بها على شيخنا الشريف قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وسمع منه الحديث ومن شيخنا الشريف أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي وغيرهما، وبرز في علم الفقه والأدب، ثم توجه من حلب الى سنجار وولي بها القضاء، ثم انتقل عنها الى بغداد وذكر بها مسألة فولي الإعادة بالمدرسة المستنصرية من جهة الشافعية وسمع بها الحديث من ابن الخازن وغيره، ثم تزهد وانقطع عن الدنيا وجاور بمكة وبالمدينة.

الترجمة

أحمد بن عبد الواحد بن مراء:
أبو العباس الحوراني القاضي، الملقب بالتقي الشافعي فقيه فاضل، أديب زاهد، شاعر، قدم حلب وأقام بها مدة وتفقه بها على شيخنا الشريف قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وسمع منه الحديث ومن شيخنا الشريف أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي وغيرهما، وبرز في علم الفقه والأدب، ثم توجه من حلب الى سنجار وولي بها القضاء، ثم انتقل عنها الى بغداد وذكر بها مسألة فولي الإعادة بالمدرسة المستنصرية من جهة الشافعية وسمع بها الحديث من ابن الخازن وغيره، ثم تزهد وانقطع عن الدنيا وجاور بمكة وبالمدينة.
وحدث بمكة وبسنجار عن أبي هاشم عبد المطلب الهاشمي بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عيسى الترمذي، وبمسند الإمام الشافعي رضي الله عنه عن ابن الخازن النيسابوري وعن غيرهما، وكان لي به اجتماع بحلب، وكان يسمع معنا الحديث، ثم قدم الديار المصرية من المدينة- على ساكنها الصلاة والسلام في ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين وستمائة رسولا من صاحبها الى قطز المعزي، بعد أن استولى على مصر، وامتدت يده في الظلم، وقبض أوقاف المدينة بالديار المصرية، فوجده قد قتل وتولى قاتله الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، فاجتمع به، وقضى شغله وأطلق الوقف، وكنت إذ ذاك بمصر، فحضر إلي وعلقت عنه فوائد وشيئا من شعره، وسألته عن مولده، فقال: عمري الآن سبعة وسبعون سنة، وكان سؤالي إياه في رابع وعشرين من ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين وستمائة.
وأخبرني في ذلك اليوم قال: أخبرني هارون بن الشيخ عمر عن بعض الصلحاء المجاورين بمكة شرفها الله من أهل اليمن أنه فيما يرى النائم كأنه قد نزل الى البيت المعظم ليطوف به على جاري العادة، فلم يجده، فقال: ذهب الإسلام، راح الدين، فقيل له: مه كيف تقول هذا؟! قال: أين البيت الذي كان يطوف المسلمون، فقيل له الساعة يجيء، قال: من يجيء به؟ قيل: أهل مصر، أو أصحاب مصر، قال:
متى يجيء؟ قال: لا تعجل الساعة يجيء فبينا هو كذلك إذ جاء البيت، وعاد في مكانه كهيئته الأولى لكنه لا كسوة عليه، فقال: أين كسوته؟ فقيل: الساعة تجىء فبينا هو كذلك إذ أفرغ على البيت المعظم الكريم كسوة بيضاء وانتبه.
قلت: فقدر الله تعالى أن التتار استولوا على الشام في سنة ثمان وخمسين، وخرج عسكر مصر ومن التجى إليهم من عسكر الشام مع قطز، والتقوا بعسكر التتار على عين جالوت فكسروا التتار ومضوا الى الشام جميعه فاستولوا عليه، ونرجو من ألطاف الله أن الكسوة البيضاء تكون عمارة الشام وعود ما تشعث من مدنه وحصونه إن شاء الله تعالى.
وأخبرني أبو العباس الحوراني أن بعض الصالحين أخبره من فيه أنه رأى أنه فتح في السماء بابان، ونزل من أحدهما ملائكة خيالة على خيل، وسمع قائلا يقول: هؤلاء ملائكة قد نزلوا من السماء لنصرة الاسلام، وقيل للباب الآخر هذا الباب الاخر باب رحمة له سنين لم يفتح، وقد فتح الآن لتنزل منه الرحمة على الناس.
أخبرني أبو العباس بن عبد الواحد قال: أخبرني شخص من كبار الصالحين يعرف بعمر بن الزغب أنه كان مجاورا بالمدينة المقدسة، وأنه خرج في بعض السنين في يوم عاشوراء الذي تجتمع الإمامية فيه لقراءة المصرع الى قبة العباس، فسأل شيئا في محبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كما جرت عادة السؤال، فقال له رجل شيخ من الحاضرين: اجلس حتى تفرغ، فلما فرغوا أخذه الى داره وسلط عبدين له عليه، فكتفاه وأوجعاه ضربا، ثم قطع لسانه، وقال: اخرج الى الذي طلبت لأجله ليرد عليك لسانك، فجاء وهو مقطوع اللسان تجاه الحجرة المقدسة يستغيث ويقول:
يا رسول الله تعلم ما قد جرى عليّ في محبة صاحبك، فإن كان صاحبك على حق أحب أن يرجع الي لساني، فإن لم يرجع الى لساني وإلا شككت في ايماني، قال: فبينما هو في أثناء الليل إذ استيقظ فوجد لسانه في فيه كما كان قبل قطعه، ثم عاد في مثل ذلك اليوم في العام المقبل الى القبة المذكورة، وقام وقال: أريد في محبة أبي بكر الصديق دينارا مصريا، فقال له حدث من الحاضرين اقعد حتى تفرغ، فلما فرغوا أتى به ذلك الحدث الى تلك الدار التي قطع فيها لسانه فأدخله إليها وأجلسه في مكان مفروش وأحضر له طبق طعام وواكله واستزاده في الأكل حتى اكتفى، ثم رفع الطعام وفتح بيتا، وجعل الفتى يبكي، فقام عمر المذكور لينظر سبب بكائه، فرأى قردا مربوطا عنده وهو ينظر إليه ويبكي، فسأله عن ذلك، فازداد بكاؤه وارتفع نحيبه، ثم سكنه حتى سكن، وسأله عن ذلك القرد ما هو، فقال لي: إن حلفت لي أنك لا تحكي هذه الحكاية في المدينة المقدسة أخبرتك، فحلف له بما استحلفه أنه لا يخبر بها أحد في المدينة النبوية، فقال له: اعلم أنه أتانا شخص في العام الماضي وطلب شيئا في قبة العباس التي أتيت إلينا العام فيها، وسأل شيئا في محبة أبي بكر الصديق وكان والدي من فقهاء الإمامية وعلماء الشيعة ممن يرجع الى فتياه وقوله في مذهبه، فسلط عليه عبدين له فكتفاه وأوجعاه ضربا، ثم قطع لسانه وأخرجه وقال:
اذهب الى الذي طلبت لأجله ليرد عليك لسانك، فلما كان في أثناء الليل صرخ أبي صرخة عظيمة فاستيقظنا لها فوجدناه قد مسخ قردا، وهو هذا، فجددنا إسلامنا نحن، وتبرأنا من ذلك المذهب، وخطر لنا إظهار موته، فأظهرنا موته، وأخذنا خشبة نخل بالية تشبه الآدمي، ولففنا عليها خرقا ودفناه، وكنت أظهرت أني حلفت أنه لا يتولى غسله إلا أنا ووالدتي لئلا يطلع أحد على شيء من ذلك.
قال: فقال له الشيخ عمر فأنا أزيدك في الحكاية زيادة، وهو أني أنا الشخص الذي قطع لساني، وقد عاد كما كان، فأكب عليه يقبل رأسه ويديه ويتبرك به، وأعطاه دينارا وكساه ثوبا، وكان يتفقده مدة مقامه في المدينة النبوية على ساكنها السلام.
قال: وحكى لي هذه الحكاية بمنى أيام الموسم، وذكر ان اسم الممسوخ كان أحمد.
أنشدنا محمد بن أبي محمد بن الصفار السنجاري بها قال: أنشدني تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد الحوراني المدرس الشافعي- ثم اجتمعت بأبي العباس أحمد فأنشدني- قال: أنشدني الشيخ موفق الدين أبو الثناء محمود بن أحمد الخجندي الفقيه الشافعي لنفسه بسنجار
وجالس للدروس يعمه في ... مسلك تيه للأسد فرّاس
في جدر ألفت مساكنها ... من غصب وال ومكس مكاس
ينهى عن الظلم في دراسته ... وأكله من مظالم الناس
فقف عليه وسل ملاءمة ... بين نقيضي ذا الذاكر الناسي
تقطعه في معرك الجدال وما ... في طلل بالوقوف من باسي

أنشدني تقي الدين أبو العباس الحوراني بمصر لنفسه وقال لي: هذه الأبيات أنشدتها ببغداد حين استذللت في المسأله ومدحت بها المستنصر:
له شرف الخلافة من قريش ... ومجد من مساعيها العظام
له سرّ النبوة من معد ... فهذا السر في هذا الإمام
فرأي بين من واقتداء ... وعزم بين سر وانتقام
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن مراء لنفسه قراءة عليه وأنا أسمع:
دعها تسير من العراق سريعا ... فلعلها ترد الحجاز ربيعا
أضحت تحنّ الى العقيق صبابة ... وتمد أعناقا لهن خضوعا
وردت على ماء العذيب فسرّها ... ذاك الورود فنقطته دموعا
والله لولا حبّ من سكن الحمى ... ما كان قلبي للغرام مطيعا
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)