محمد راغب (باشا) :
سياسي عصامي تركي عالم بالعربية. مولده ووفاته في الآستانة. تدرج في مناصب الدولة من كاتب صغير إلى محاسب للخزينة إلى (مكتوبجي) للصدارة. وعين واليا بمصر سنة 1159 - 1161هـ وفتك بالمماليك، ثم واليا بالرقة، فواليا بحلب (سنة 1168) فواليا بالشام وأميرا للحج (سنة 1170) وولي منصب (الصدارة العظمى) فبقي فيه ست سنوات وأشهرا، على عهد السلطانين عثمان الثالث ومصطفى الثالث، وتزوج بصالحة سلطان أخت السلطان مصطفى.
وجمع مكتبة حافلة تعرف باسمه، ودفن إلى جوارها (بالآستانة) وفيها مؤلفاته. وهو مؤلف (سفينة الراغب ودفينة الطالب - ط) مجموعة أدب وأبحاث، بالعربية، يقال لها (سفينة العلوم) .
وله (منتخبات - خ) من شعر المتقدمين، وفيها بعض شعره، ورسالةفي (العروض - خ) وكان ينظم الشعر باللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية، وله في كل منها (ديوان) وخلف آثارا عمرانية في حلب وغيرها .
-الاعلام للزركلي-
محمد باشا الراغب
الصدر الأعظم، والهمام الأفخم، والإمام المقدم صاحب المواهب، محمد باشا الراغب.
يسابق أجياد الرماح إلى الندى ... ويفضح جدوى راحتيه الغواديا
هذا الوزير الأكرم، والصدر الأعظم، والفاضل الأعلم.
ريحانة الروم، وفهرست مجلدات العلوم. ورئيس الوزراء، وعلامة الفضلاء، إمامة سبحة الرئاسة، وفص خاتم الكياسة والفراسة.
منشئ الزمان، الفائق على العماد وابن خاقان. عميد الدولة العثمانية، ومشير الصولة السلطانية، ومدبر أمور المملكة الخاقانية، أفلاطون الزمان، آصف الوقت والأوان، رشيد الوجود، مأمون الإقبال والسعود، أمين الذات، محمود الصفات، منصور اللواء، واثق الآراء.
اياسي الذكاء، برمكي السخاء. هادي الأنام، مهدي المقام.
صاحب الأدب العظيم، والكرم العميم، والفضل الجسيم، والوجه الأغر الأغر الكريم.
فهو الذي يده البيضا وصنعتها ... نسج المكارم من أبان إدراك
ما بأس عمرو وما هم ابن ذي يزن ... وما سياسة ساسان وأنباك
ما زال لا زال يطوي كل منتشر ... من الممالك من عرب وأتراك
فهو الذي أدخره الله لهذا العصر ليفضله على الأعصار، واراد تأخير فخاره إلى هذه الأيام ليتم به منار الفخار. قد جمع الله به لأشتات المكارم شملا، وجعله لا يقاد سراج الرئاسة أهلا.
فالثغور بباسه مبتسمة، والأمور بتدبيره منتظمة، والنعمة بحمد الله من إنعامه عظيمة، والآلاء على ارباب الأدب من كرمه عميمة، قد سد بجوده خلة المعيل، وأبر من بر عطائه المنقطع وابن السبيل. سما بكرمه على الوجوه الأعاظم، وأحيى سنن المحامد والمكارم.
فهو محطة الفضائل، ووسيلة المراجي والوسائل. حدث الصبا عن أسفار صبحه، وروى الهزار عن فصيح مدحه.
خص بالعلم والمكارم والفضل وهذا مواهب الرحمن
فهو كنز ومجمع لعلوم ... قد حواها بغاية الاتقان
وهو صدر الشريعة المشرع العذب ... البسيط المحيط والبرهان
شامة الدهر، وعلامة العصر، عالم الغرب والشرق، طلعة غرة الجمع والفرق. صدر الصدور، وغرة جبهة الأعصر والدهور. بدر الزمان، المشرق في كل مكان. عين الأدب الذي هو أحلى من الشهد والضرب، نزر الكمال، الذي ليس فوق معاليه معال. فص خاتم الصدارة، الذي ما دانت لوزارته وزارة
أدب الوزراء وأوحد الوكلاء، وأحلم الأمراء، وأجود الأسخياء شمس الأمصار. وزهرة الأخيار. حاتم الوجود، الفائق بمزيد العطاء والجود. صاحب البذل والاحسان، الذي لم ينتج بمثله الوقت والزمان.
أسعدته المعارف، فغدا على كئوس الأدب كالحباب طائف.
فلم تزل ورق الفصاحة تصدح بناديه، وثمار أشجار البلاغة والبراعة تقتطف من غرس أياديه. فهو الطويل النجاد، الوري الزناد، الهاطل الأياد، الخائض من الأدب كل واد.
مولى غدا ربعه أمن المروع كذا ... جنابه ظل مأوى الخائف الحذر
أقلامه السمر في بيض الطروس إذا ... شيمت أرتك فعال البيض والسمر
يلقاك طلق المحيا وهو مبتسم ... بمنطق ورده أحلى من الصدر
حسان زمانه، ونعمان أوانه، جمال الكتب والسير، فريد الطرق والأثر، حياة الأرواح والنفوس، الذي تستمد من أنوار بهجته الشموس.
ذو شعر بكل لسان كالجوهر، ونظم في العذوبة أحلى من السكر المكرر، تخاله لصفائه ومحسناته خمرة من خدود الغواني تعصر. أقبلت على غرته الفصاحة بوجه جميل، ووقفت الأذهان عن إدراك نسيم بلاغته وهو عليل. عبث في رياض المواهب والمكارم نشرا، وأظهر لأرباب الحاجات الوافدين إلى حماه الرفيع بشرا. فكل وفد من تلك الوفود بإنعامه العميم آب. وكل بذل بالنسبة إلى بحر عطاياه سراب. فرياض علمه وأدبه أنيقة، وحدائق فضله وكرمه وريقة، لا البدر يحكيه بكماله وجماله، ولا البحر يقربه بعظم عطائه وعميم نواله. فهو الشمس في الفلك والبدر في الحلك.
إذا رفعت عند السجوف وأشرقت ... أسرته خر السلاطين سجدا
له راحة مأمولة نفحاتها ... يلوذ به العافون مثنى وموحدا
ووجه مريع البشر باد حياؤه ... يكاد يروي ماؤه غلة الصدى
ويغشى عيون الناظرين فكلهم ... تقلب في أنواره لحظ أرمدا
لم تر العيون أبسط منه يدا، ولا أحسن منه في المكارم جدا.
إن حدث فاللآل، أو سمح فالنوال، أو جاري فسحاب، أو
هطل فآداب، أو حدث فبحر، أو نفث فسحر، أو تحلى فغمام، أو تصدى فهمام
أشرقت الدنيا بنور طلعته، وسطعت الأرض بأنوار علوم أشعته، فهو الآن محط الرحال، وكعبة الآمال، وقبلة الرجال، ومنبع الجود والنوال، لا زال في حفظ الملك المتعال.
محمد راغب باشا، من اشهر وزراء الدولة العثمانية. ولد بالاستانة، وتدرج في مناصب الدولة من كاتب صغير الى محاسب للخزينة الى مكتوبجي للصدارة، وعين واليا بمصر سنة 1159 - 1161 هـ وفتك بالمماليك، ثم واليا بالرقة، فواليا بحلب سنة 1168 فواليا بالشام واميرا للحج سنة 1170 وولى منصب الصدارة العظمى فبقى فيه ست سنوات وأشهر وتوفي سنة 1176 هـ، وتزوج بصالحة سلطان اخت السلطان مصطفى الثالث، وجمع مكتبة حافلة تعرف باسمه ودفن الى جوارها بالاستانة وفيها مؤلفاته. ومن مؤلفاته سفينة الراغب وتعرف بسفينة العلوم وهي مجموعة ادب وابحاث بالعربية.
ورسالة في العروض و منتخبات من شعر المتقدمين. وكان ينظم الشعر باللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية، وله في كل منها ديوان وخلف آثارا عمرانية في حلب وغيرها. اعلام النبلاء للطباخ 3/ 331 والاعلام للزركلي 6/ 358.
كتاب الروض النضر في ترجمة ادباء العصر-الجزء الثالث-عصام الدين عثمان بن علي بن مراد العمري-ص172-176