كبير مفتشي وزارة الحقانية : القاضي الشيخ عبد الكريم سلمان الحنفي بن حسين آغا بن سلمان ألبانلي ، قدم أبوه حسین آغا سلمان من ألبانيا القديمة بالقوقاز إلى مصر، وخدم بها وتوطن بلدة جنبويه من أعمال البحيرة ، وتزوج بابنة المرحوم محمد تیمور آغا الكرجي المتوفى سنة 1262ه، وهو جد أسرة تيمور باشا، فأولدت المترجم في شعبان سنة 1265ه، الموافق سنة 1849م، وشقيقه حسين أفندي سلمان .
وقد تعلم بالأزهر منذ سنة 1283ه، وتتلمذ لكوكبة من العلماء؛ منهم: العلامة الشيخ إسماعيل الحامدي، واتصل بجمال الدين الأفغاني ، وكان بين بيته وبيت الشيخ محمد عبده تعارف أهل الجوار ، فلما جاورا في الأزهر صارت بينهما عشرة الأمل لا الطلاب ، وكانا يسكنان غرفة واحدة .
ولما خرجا إلى ميدان العمل تعاونا واتفقا في الآراء والمقاصد، حتى قال أدهم الجندي في (أعلام الادب والفن): (ولعله كان أذكى ذهنا من الإمام محمد عبده ، ولكن الإمام فاقه ففاته في الجد والاجتهاد ، وتسديد سهام الإرادة إلى كل مراد) ، إلى أن قال: (ولما شرع الإمام بعد استقراره بمصر في إصلاح التعليم في الجامع الأزهر ، كان المترجم ساعده الأيمن في ذلك ، من أول العمل إلى آخره).
وقد رأس تحرير (الوقائع المصرية بعد محمد عبده، وكانت جريدة أدب وبحث ، وعين مفتشا عاما للمحاكم الشرعية ، وكتب (سياحة الخديوي في أقاليم مصر البحرية والقبلية) طبع ، وجعل من أعضاء مجلس الأزهر، فوضع كتابه (أعمال مجلس إدارة الأزهر)، فطبعه له رشيد رضا، ولم يذكر اسمه عليه ، خوفا من تريد فيه ما يمسه ، توفي يوم الجمعة ، 7 شعبان ، سنة 1336 ه ، الموافق 17 مایو ، سنة 1918م، ونقل جثمانه من بلدة الرحمانية إلى القاهرة ، ودفن بجوار صديقه الشيخ محمد عبده).
أنظر كامل الترجمة في كتاب : جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين للشيخ أسامة الأزهري.
عبد الكريم بن حسين بن سلمان أغا:
فاضل مصري، من الكتّاب. تعلم في الأزهر، واتصل بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ورأس تحرير " الوقائع المصرية " بعد محمد عبده، وكانت جريدة أدب وبحث. وعين مفتشا عاما للمحاكم الشرعية. وكتب " سياحة الخديوي في أقاليم مصر البحرية والقبلية - ط " وجعل من أعضاء مجلسش الأزهر، فوضع كتابه " أعمال مجلس إدارة الأزهر - ط " ولم يذكر عليه اسمه خوفا من الخديوي .
-الاعلام للزركلي-
الشيخ عبد الكريم سلمان
(1849 ـ 1918)
مولده ونشأته: ولد المترجم في قرية (جنبواي) إحدى قرى مديرية البحيرة، من أبوين كريمي الأخلاق، فالأب ألباني الأصل، والأم عربية المحتد، وكان بين بيته وبيت الإمام محمد عبده تعارف أهل الجوار، فلما جاورا في الأزهر تعاشرا معاشرة الأهل، لا الطلاب، ولما خرجا إلى ميدان العمل تعاونا واتفقا في الآراء والمقاصد.
وقد تعذر علينا معرفة تاريخ ولادته، وأكد الذين عرفوه أن المترجم هو في سن الإمام محمد عبده، فتكون ولادته سنة 1849م أو قبلها أو بعدها بسنة على وجه التقريب.
مواهبه: كان من أنفع علماء مصر، ومن أبرع أدبائها، ومن أبلغ كتابها وقاضياً من أعدل قضاتها، وأحد أعلام النهضة الإصلاحية الجمالية الأفغانية، ولعله كان أذكى ذهناً من الإمام محمد عبده، ولكن الإمام فاقه ففاته في الجد والاجتهاد، وتسديد سهام الإدارة إلى كل مراد.
كان يسكن مع الإمام محمد عبده في حجرة واحدة في الجامع الأزهر، ويقضي جلَّ ليله في المطالعة، وكان الشيخ عبد الكريم وغيره من رفاقه يحاولون أن يحملوه على مشاركتهم في سمرهم وما يلهون به، فيعيبهم ذلك منه، ولو كان للمترجم مثل جد الإمام وعزيمته لكان للأمة منه نابغة طار صيته في الأقطار.
وكان أول عمل تولاه الإمام محمد عبده هو رئاسة تحرير الجريدة الرسمية وإدارة المطبوعات، فكان الشيخ عبد الكريم سلمان عضده الأول في قلم التحرير، ثم كان خلفه بعد اعتزاله العمل باعتقاله مع زعماء العرابيين إثر احتلال الإنكليز لمصر، وبقي في عمله حتى عاد الإمام من المنفى.
ولما شرع الإمام بعد استقراره بمصر في إصلاح التعليم في الجامع الأزهر كان المترجم ساعده الأيمن في ذلك من أول العمل إلى آخره، وكفاه فضلاً وكرامة أنه كان عشيراً أنيساً وفيًّا للإمام محمد عبده في أول نشأته العلمية، وعضواً عاملاً معه في النهضة الإصلاحية الأولى، وفي الحركة الاصلاحية الثانية.
وبعد خروجه من خدمة المطبوعات عين عضواً (قاضيا) في المحكمة الشرعية العليا، وقد دب في قلبه اليأس من صلاح حال المسلمين، فأقعده في آخر عمره عن مساعدة أعمال الإصلاح العام، وقد دبَّج يراعه البليغ مقالات كثيرة في موضوعات شتى متفرقة في الصحف، كالوقائع المصرية، ومجلة الآداب، وجريدتي المؤيد والمقطم.
وفاته: كان المترجم طويل القامة، عظيم الجثة، قوي البنية، فاعتراه قبل وفاته بسنين مرض في المعدة، وتوفي فجأة بسكتة قلبية في شهر شعبان سنة 1336ﻫ مايس 1918م، ونقل جثمانه من بلدة الرحمانية إلى مصر، ودفن بجوار صديقه الإمام محمد عبده، وأنجب ولداً اسمه (حسان).
أعلام الأدب والفن، تأليف أدهم آل الجندي الجزء الثاني – ص 442.