محمد أمين (باشا) بن عبد الله فكري ابن محمد بليغ:
من فضلاء مصر وأعيانها. مولده ووفاته بالقاهرة. درس علم الحقوق في فرنسة، وعين قاضيا بمحكمة الاستئناف الأهلية، فمحافظا للإسكندرية، فناظرا للدائرة السنية.
له كتب منها (إرشاد الالبا إلى محاسن أوربا - ط) و (جغرافية مصر - ط) و (الآثار الفكرية - ط) جمع فيه ما لأبيه من نظم ونثر. قلت: واقتنيت من أوراقه كراريس، بخطه، جاء في أولها بعد البسملة. (دفتر سياحة محمد أمين فِكْري وسائر تنقلاته وأحواله) ابتدأها ب (سياحة بحر الروم) .
-الاعلام للزركلي-
أمين باشا فكري
أمين باشا فكري ١٨٥٦–١٨٩٩م.
ولد أمين باشا في القاهرة سنة ١٢٧٢ﻫ/١٨٥٦م، وربِّي في حجر والده المرحوم عبد الله باشا فكري — وستأتي ترجمته بين الشعراء — وكان يومئذٍ في جملة مستخدمي الدائرة السَّنِيَّة على عهد المغفور له سعيد باشا، فلما بلغ أَشُدَّه أدخله والده المدارس الأميرية على عهد المرحوم إسماعيل باشا الخديوي الأسبق، ففاق أقرانَه ذكاء واجتهادًا، فكان امتيازه هذا داعيًا إلى إرساله في جملة الشبان الذين أرسلهم إسماعيل باشا إلى آكس بفرنسا لتلقي علم الحقوق، فعاد من المدرسة حاملًا الشهادة الناطقة بتبرزه في هذا الفن، فتعيَّن في المحكمة المختلطة، ثم ولَّاه الخديوي السابق رئاسة النيابة في مصر سنة ١٨٨٨م.
وقد عرفناه في هذا المنصب نزيهًا نشيطًا، قدوة العاملين، ومثال اللطف والدعة، وهو مع ذلك لا يفتر عن المطالعة والبحث، فألَّف في أثناء ذلك كتابًا مطولًا في جغرافية مصر والسودان، وهو أطول جغرافية في بابها، ثم تعين سنة ١٨٨٩م قاضيًا في محكمة الاستئناف الأهلية، فلم تزدد الحكومة إلا ثقة به واعتمادًا عليه، وفي السنة التالية انتدبت المرحوم والده لرئاسة الوفد العلمي المصري في المؤتمر الذي انعقد في عاصمة أسوج إذ ذاك، فصحبه نجله صاحب الترجمة في جملة أعضاء الوفد، فشاهد أوروبا ودرس أحوالها، فلما عاد كتب رحلة والده هذه وسماها «إرشاد الألباء إلى محاسن أوروبا»، طبعت بمصر سنة ١٨٩٢م في كتاب ضخم.
ثم رأت الحكومة المصرية أن تنتدب لخدمة مصالحها الإدارية رجالًا من أهل القضاء، فكان صاحب الترجمة في جملة من تولى مصالح الإدارة، فتولى محافظة الإسكندرية مدة اكتسب بها قلوب أهل الإسكندرية كافة، ثم انتدب لنظارة الدائرة السنية سنة ١٨٩٥م، وما زال عاملًا فيها حتى داهمه المرض، فقضى مأسوفًا عليه في ١٧ يناير الماضي عن ٤٤ عامًا، على أثر مرض كان يتردد إليه حينًا بعد آخر، وعاوده هذا العام فتحسنت حالته وعاد إلى مطالعة أوراق أشغاله في منزله، والكل فرحون بصحته، فبات ليلة ١٧ يناير والأمل ملء صدورهم، فأصبحوا فإذا هو فاضت روحه وهم لا يشعرون، وكانت وفاته بعارض لا علاقة له بالعلة الأصلية.
ومن مآثره — فضلًا عن الجغرافية المتقدم ذكرها وكتاب إرشاد الألباء — أنه عني بنشر مآثر المرحوم والده، فجمع منظوماته ورسائله في كتاب سماه «الآثار الفكرية»، وطبعه ونشره، وله كثير من الرسائل والمنظومات، ولو مُدَّ في أجله وأوتي صحة لجاء بما يخلد ذكره؛ لأنه كان أهلًا للعمل بما طبع عليه من الذكاء والنشاط، ولكن المنون عاجلته.
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر، تأليف جُرجي زيدان، ج/2 – ص: 237 – 238.