ناقل علوم الأزهر إلى السودان: شيخ الإسلام، نزیل دنقلة ، العلامة الشيخ محمد بن البدوي ابن نقد بن عثمان البديري الدهشمي الأزهري، ولد ببلدة قنتي، التابعة لمحافظة مروي ، بالولاية الشمالية ، في السودان ، سنة 1265ه، وقد هاجرت أسرته إلى مدينة الأبيض والمترجم في الثامنة من عمره، فنشأ هنالك في أحضان أعمامه العلماء الأزهريين ، وتعلم عندهم الفقه.
ثم رحل سنة 1866م إلى الأزهر الشريف مع خاله السيد المكي الكبير، هو وابن خالته: أحمد الأزهري، عن طريق درب الأربعين، وهو طريق بري قديم يربط بين مصر والسودان ، وكان السفر بهذا الطريق يتطلب عزيمة وصبرا ، لمشقته ، فلما حط رحاله في الأزهر، اشتغل بطلب العلم، فبقي مدة امتدت الاثنتي عشرة سنة، واختص بشيخه العلامة الشيخ محمد عليش ، حتى تخرج ونال العالمية بامتياز عام1877م.
ثم رجع إلى السودان ، وألقى عصا الترحال في بلدة أم شنقة ، في دنقلة ، وكان ويئي جليل القدر ، شیخا العموم علماء السودان ، تحفظ له المواقف الجليلة في مقاومة المستعمر الإنجليزي، وكانت له مناظرة شهيرة مع الشيخ محمد عبده سنة 1319ه الموافق 1902م، عند نزول الأخير لتنظيم أعمال القضاء الشرعي .
وفي عام 1882م كتب إليه الإمام المهدي بعد تحرير مدينة الأبيض من الاستعمار ، فسارع إليه ود البدوي في الأبيض، وبقي معه حتى افتتاح الخرطوم، وتم تعيينه في عهد الإمام المهدي قاضيا بمنطقة سنار ، وتولى مهام القضاء في بربر في عهد الخليفة عبد الله التعايشين
وقد نشر المترجم العلوم ، فتقاطر عليه طلاب العلم من كل حدب وصوب ، وارتفع ذكره ، وكان يدرس معه نخبة من العلماء ، اتخذوا نظاما لتخريج طلاب العلم على غرار الإجازات العلمية المعروفة في الأزهر ، فكان هذا النظام هو النواة الأولى لمعهد أم درمان العلمي، الذي أصبح فيما بعد جامعة أم درمان الإسلامية ، ولم يزل حتى توفي المترجم سنة 1328ه، الموافق سنة 1911م).
أنظر كامل الترجمة في كتاب : جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين للشيخ أسامة الأزهري.