أَبُو بكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله تَقِيّ الدّين بن الْجمال الدِّمَشْقِي القاهري الشَّافِعِي الشَّاعِر الوفائي وَيعرف بِابْن البدري ويكنى أَيْضا أَبَا التقا ولد فِي ربيع الأول سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وتكرر قدومه مَعَ أَبِيه للقاهرة ثمَّ قطنها مُدَّة واشتغل بالبلدين قَلِيلا وَكتب عَن خلق من الشُّيُوخ فَمن دونهم وتعانى الشّعْر ومدح وهجا وطارح وَتردد إِلَيّ فَأخذ عني ومدحني بِمَا كتبته فِي مَوضِع آخر وَفِيه
(جدلي سَرِيعا بِالْحَدِيثِ إجَازَة ... يَا كَامِلا دم وافر الاعطاء)
وانتمى لبني الشّحْنَة وتكسب بِالشَّهَادَةِ وبالنسخ فَلَمَّا ولى الأمشاطي عمل فِيهِ أبياتا فَلم يُقَابله عَلَيْهَا إِلَى أَن تعرض لعبد الرَّزَّاق الملقب عجين أمه نزيل القَاضِي فِي البرقوقية وَنسبه لأمر فظيع الله أعلم بِصِحَّتِهِ فبادر لتطلبه فَلم يقدر عَلَيْهِ فَصرحَ بِمَنْعه من تحمل الشَّهَادَة فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا وَمَاتَتْ لَهُ زَوْجَة فورث مِنْهَا قدرا طائلا بعد فقره فَلم أَطْرَافه وسافر لمَكَّة فجاور ثمَّ قطن الشَّام ثمَّ جاور بِالْمَدِينَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَكتب فِيهَا من تصانيف الشريف السمهودي وَغَيره ثمَّ جاور الَّتِي تَلِيهَا بِمَكَّة وَكَانَ يجْتَمع عَليّ بهَا وَكتب من تصانيفي مجموعا ولازمني فِي التَّحَمُّل رِوَايَة ودراية وأوقفني على مَجْمُوع سَمَّاهُ غرر الصَّباح فِي وصف الْوُجُوه الصَّباح قرضه لَهُ الشُّعَرَاء فأبلغوا وَكَانَ من أعيانهم الْبُرْهَان الباعوني وأخواه والشهاب الْحِجَازِي والمنصوري والقادري وَابْن قرقماس وَقَالَ أَنه أَلفه بِدِمَشْق سنة خمس وَسِتِّينَ وَالْتمس مني تقريضه فأجبته وكتبت لَهُ إجَازَة حَسَنَة وامتدح قُضَاة مَكَّة وَغَيرهم وَلَيْسَ نظمه بالطائل وَلَا فهمه بالكامل وكتبت عَنهُ من نظمه
(إِذا مَا كَانَ مجموعي لديكم ... من الدُّنْيَا بِهَذَا قد قنعت)
(وَمَا قصدي سوى هَذَا وحسبي ... بِأَنِّي فِي يَديك وَمَا جمعت)
وَكَانَ يتكسب بِالتِّجَارَة وَرُبمَا جلس بحانوت بِمَكَّة فِي الْمَوْسِم تعلل بِمَكَّة مُدَّة وسافر مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِك فِي أَوَائِل الْمحرم سنة أَربع وَتِسْعين فِي الْبَحْر فوصل إِلَى الطّور ثمَّ غَزَّة فأدركه أَجله هُنَاكَ فِي جُمَادَى مِنْهَا وبلغنا ذَلِك فِي شَوَّال عَفا الله عَنهُ وَترك وَلدين أَو أَكثر وتركة وأظن وَالِده فِي الْأَحْيَاء عَفا الله عَنهُ وإيانا.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.