عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي
تاريخ الولادة | 1272 هـ |
تاريخ الوفاة | 1334 هـ |
العمر | 62 سنة |
مكان الولادة | حمص - سوريا |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي:
من زعماء النهضة السياسية في سورية، وأحد شهداء العرب في ديوان (عاليه) . ولد بحمص، وقاوم السياسة الحميدية قبل الدستور العثماني فأصدر جريدة سماها (المنير) كان يطبعها على (الجلاتين) ويوزعها سرا. وسافر الى الأستانة فساعد في إنشاء جريدة (معلومات) التركية، فنفته السلطة الحميدية إلى دمشق، فأقام يكتب إلى جريدة (المقطم) المصرية، فعلم به والي دمشق (ناظم باشا) فأرسله مخفورا إلى الآستانة.
وتوسط في أمره أَبُو الهُدى الصَّيَّادي، فأعيد إلى حمص. ثم فر إلى مصر، وعمل في الصحافة إلى أن أعلن الدستور العثماني (سنة 1327 هـ 1908 م) فعاد إلى سورية. وانتخب مبعوثا عن حماة، فذهب إلى الآستانة. واشترك في تأسيس حزب (الحرية والاعتدال) و (حزب الائتلاف) المناوئين لحزب الاتحاديين، وأصدر جريدة (الحضارة) أسبوعية. ولما ظهرت الحركة الإصلاحية في سورية، وانعقد المؤتمر العربيّ الأول في باريس، انتخب الزهراوي رئيسا له.
ثم استماله الاتحاديون وأقنعوه بعزمهم على الإصلاح وجعلوه من أعضاء مجلس الأعيان العثماني. ونشبت الحرب العامة الأولى، فقبضوا عليه وجئ به إلى (ديوان عاليه العرفي) فحكم عليه بالموت، ونفذ به الحكم شنقا في دمشق. وكان من رجال العلم بالدين والسياسة، له رسالة (الفقه والتصوف - ط) وكتاب (خديجة أم المؤمنين - ط) .
-الاعلام للزركلي-
عبد الحميد بن شاكر بن إبراهيم الزهراوي الحمصي
ريحانة الجليس وحانة الأنيس، تفرع من دوحة الرسالة والنبوة، وترعرع في روضة البسالة والفتوة، فجمع بين كرم الأصل والأخلاق، وطلع بدره في سماء المعارف وراق، واقتطف من حدائق الآداب أزهاراً، وارتشف من زلال الكمال وعلا قدراً وفخاراً، وقرن بين النسب والسيادة، وتقلد بالحسب وتحلى بالعلم والزهادة. إن تكلم أفاد وأطرب، وإن كتب أجاد وعما في ضميره أعرب، مع رقة تفوق نسيم الصبا، ولطافة ما سمع بها نجيب إلا وإليها مال وصبا. صرف نقد شبابه في الطلب والتحصيل، وأكمل مواد معلوماته نهاية التكميل، مع ذكاء عجيب وإدراك غريب، وهمة عالية ومروءة سامية، وطبع أشهى من الراح وسجع الضم تثني الملاح. ثم سافر إلى الآستانة ليقضي بها شأنه، وعينت له الدولة العالية معاش الإكرام، وأخرجته من الآستانة إلى الشام، فاختلط بعلمائها وجلس مع فهمائها، وأظهر للبعض بعض ما لديه من بديع المعاني، وأضمر بعض أشياء لا يجوز كشف سترها إلا لمعاني. وكان من دأبه إظهار الانتقاد، وعدم الميل إلى التأويل وإن ما ورد به النص عليه الاعتماد.
وقد ألف رسالة سماها الفقه والتصوف، وهي مشتملة على ثلاث رسائل ينتقد بها على كتب الفقه والأصول والتصوف، وقد زاد في اعتراضه، وحكم على كثير مما قالوه بانتقاضه، وتجاهر بهذا الأمر بين الخاص والعام، ونشر هذه الرسالة بين الأنام. فلما علم الناس بها أنكروها، واحتقروا ما اشتملت عليه وحظروها، وقام لها العلماء على قدم وساق، واتفقوا على تكفير مؤلفها من غير شقاق. ثم ذهبوا أفواجاً إلى الوالي من غير فتور، وأخبروه عن المترجم بما يكدر الخاطر ويسجر الصدور. وقالوا لقد تعدى طوره، وأشاع في الناس جوره، وأذاع الضلال ولم يخش من أمير ولا وال. فأمر الوالي بالقبض عليه، وإحضاره لديه، وأن يجتمع المفتي والعلماء الكرام، لكي يسألوه عن قصده فيما أشاعه من غير احتشام. فلما سألوه نكل عن الجواب، وأعرض إعراض من لا يخاف ولا يهاب، فأمر الوالي في الحال بجمع الرسائل أجمع، وأرسلاه صحبته إلى المحل الأرفع، فلما وصلوا إلى الدار العلية، أسلموه إلى مدير الضبطية وكان ذلك في شهر شعبان، عام ألف وثلاثمائة وتسعة عشر من هجرة ذي المقام المصان. ثم أن هذه الرسالة وإن كان بعضها صواب، إلا أن الكثير منها لا ينبغي إذاعته بين الأحزاب، بل تدار كؤوس البحث به بين العلماء الخواص، من دون تعرض إلى امتهان وانتقاص. وإن رسالة المترجم مخصوصة بالمساوي والملام، ومقصورة على تخطئة أولئك العلماء الأعلام. فإشاعة هذه الرسالة خطأ وإن كان ظن مؤلفها جميلاً، وطبعها المقتضي لشهرتها بين معترضيها وغيرهم لا يناسب لأنه رتب أمراً جليلاً، والغريب كل الغريب أنه ما نظر إليها ناظر منصف، ولا اطلع عليها إلا متعصب مسرف. فمنهم من حكم بكفره وإبعاده. ومنهم من حكم بزندقته وعناده، ومنهم من أوجب عليه القتل، وإن وجوب ذلك مأخوذ من النقل، من قوله تعالى: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف " والحكم عليه بالقتل لهذا الدليل لا يخلو عن اعتساف.
والحاصل أن هذه القضية كانت قضية كبرى. ولكن انصرفت بإرسال الوالي له مع بعض رسائله إلى الآستانة لينظر في أمره، فبقي بعد وصوله أشهراً في دائرة الضابطة محجوزاً عليه غير مهان، ثم بعد ذلك شملته العواطف الحميدية، والمراحم العثمانية، فأغرقته في بحر إحسانها، وكسته ثوب عفوها وامتنانها، فأبقت معاشه عليه، وردته إلى بلده مع جميل نظرها إليه،
ولم يزل يرفع أكف الضراعة في الدعاء لأمير المؤمنين. والحمد الله رب العالمين.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.