مَسْعُود بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الركراكي ثمَّ المصمودي المغربي الْمَالِكِي نزيل الْمَدِينَة / لَقِيَنِي بهَا فَقَرَأَ عَليّ موطأ إِمَامه قِرَاءَة تدبر واستيضاح وَكَذَا الشَّمَائِل وَالْقَوْل البديع من تصانيفي وألفية الْعِرَاقِيّ بحثا وَغَيرهَا وكتبت لَهُ إجَازَة أَشرت لشَيْء مِنْهَا فِي تَارِيخ الْمَدِينَة. وَهُوَ إِنْسَان فَاضل مفنن مُتَقَدم فِي الْعَرَبيَّة وَالْفِقْه كثير الاستحضار للْمَذْهَب مَعَ التَّوَجُّه والانجماع وَكَثْرَة الصمت والتقلل والطي غَالب الدَّهْر وَالثنَاء عَلَيْهِ بَين الْمَدَنِيين مستفيض وَرُبمَا أَقرَأ الْفِقْه والعربية، وَكَانَ قدومه الْمَدِينَة فِي موسم سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَهُوَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ مِمَّن زَاد على الثَّلَاثِينَ وَقد قَرَأَ على السَّيِّد السمهودي أَشْيَاء ولازم مجْلِس القَاضِي الْمَالِكِي الشمسي ثمَّ وَلَده وَتزَوج بعد مفارقتنا لَهُ فِي بَيت ابْن صَالح برغبة من أَبِيهَا فِيهِ وتعب مَعهَا بِحَيْثُ احْتَاجَ للمجيء إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ الركب فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَقَرَأَ عَليّ حِينَئِذٍ مُسْند الشَّافِعِي وَغَيره بحثا وَرِوَايَة، وَسمع عَليّ بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ مُؤَلَّفِي فِي مَنَاقِب الْعَبَّاس، وسافر الصَّعِيد فَحصل من ابْن عمر وَغَيره مَا تجمل بِهِ فِي الْجُمْلَة وَرجع فلقيني بالحرمين أَيْضا وأعطيته نُسْخَة من المناقب والتمست مِنْهُ قرَاءَتهَا بقبة الْعَبَّاس فورد عَليّ كِتَابه أَنه فعل وَظَهَرت ثَمَرَة ذَلِك بنزول الْغَيْث الْكثير وَحُصُول الْبركَة وَجَاءَنِي كِتَابه بعد ذَلِك فِي أَوَائِل سنة سِتّ وَتِسْعين وَكلهَا مؤذنة بمزيد الْحبّ وَحسن الِاعْتِقَاد والأوصاف الجليلة وَقد تكَرر اجتماعه بِي سِيمَا بِالْمَدِينَةِ حِين كوني بهَا فِي أثْنَاء سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسمع عَليّ أَشْيَاء وَنعم الرجل.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.