محمود بن عبد الله الصرائي أبي الثناء بدر الدين
الكلستاني
تاريخ الوفاة | 801 هـ |
مكان الوفاة | حلب - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مَحْمُود بن عبد الله الْبَدْر أَبُو الثَّنَاء الصرائي بِالسِّين وَالصَّاد ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالكلستاني بِضَم الْكَاف وَاللَّام ثمَّ مُهْملَة لكَونه كَانَ فِي مبدئه يكثر من قِرَاءَة كتاب السَّعْدِيّ العجمي الشَّاعِر الْمُسَمّى كلستان وَهُوَ بالتركي والعجمي حديقة الْورْد. اشْتغل ببلاده ثمَّ بِبَغْدَاد وَقدم دمشق خاملا فسكن باليعقوبة ثمَّ قدم مصر فِي شبيبته فاختص بالطنبغا الجوباني فَلَمَّا ولي نِيَابَة الشَّام قدم مَعَه وَولي تدريس الظَّاهِرِيَّة ثمَّ ولي مشيخة الأَسدِية بعد الياسوفي وتصديرا بالجامع الْأمَوِي ثمَّ رَجَعَ لمصر فَأعْطَاهُ الظَّاهِر برقوق وظائف كَانَت للجمال مَحْمُود القيسري كتدريس الشخونية والصرغتمشية فَلَمَّا رَضِي عَن الْجمال استعاد بَعْضهَا كالشيخونية ثمَّ لما سَار السُّلْطَان إِلَى حلب احْتَاجَ لمن يقْرَأ لَهُ كتبا وَردت عَلَيْهِ من اللنك فَلم يجد أحدا فاستدعى بِهِ وَكَانَ قد صحبهم فِي الطَّرِيق فقرأها وَكتب الْجَواب فأجاد فَأمره أَن يكون صُحْبَة قلمطاي الدوادار وَلم يلبث أَن اسْتَقر بِهِ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَتِسْعين بعد وَفَاة الْبَدْر بن فضل الله فِي كِتَابَة السِّرّ فباشرها بحشمة ورياسة وَكَانَ يَحْكِي عَن نَفسه أَنه أصبح فِي ذَلِك الْيَوْم لَا يملك الدِّرْهَم الْفَرد فَمَا أَمْسَى إِلَّا وَعِنْده من الْخَيل وَالْبِغَال وَالْجمال والمماليك والملابس والآلات مَا لَا يُوصف كَثْرَة. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَكَانَ حسن الْخط جدا مشاركا فِي النّظم والنثر والفنون مَعَ طيش وخفة وَقَالَ الْعَيْنِيّ كَانَ فَاضلا ذكيا فصيحا بالعربي والفارسي والتركي ونظم السِّرَاجِيَّة فِي الْفَرَائِض. وَكَانَ فِي رَأسه خفَّة وطيش وعجلة وَعجب ثمَّ وَصفه بخفة الْعقل وَالْبخل المفرط وَأَنه قاسى فِي أول أمره من الْفقر شَدَائِد فَلَمَّا رَأس وأثرى أَسَاءَ لكل من أحسن إِلَيْهِ. وَجمع مَالا كثيرا لم ينْتَفع مِنْهُ بِشَيْء إِنَّمَا انْتفع بِهِ من استولى عَلَيْهِ بعده وَبَالغ الْعَيْنِيّ فِي ذمه. قَالَ شَيخنَا فِي إنبائه وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فقد أثنى عَلَيْهِ طَاهِر بن حبيب فِي ذيل تَارِيخ وَالِده وَوَصفه بالبراعة فِي الْفُنُون العلمية، قَالَ شَيخنَا وقرأت بِخَطِّهِ لغزا فِي غَايَة الْجَوْدَة خطا ونظما. قلت لَيْسَ فِي كَلَام الْعَيْنِيّ مَا يمْنَع هَذَا بل هُوَ مُتَّفق مَعَ شَيخنَا فِي الْمَعْنى، قَالَ شَيخنَا: وَكَانَ كثير الوقيعة فِي كتاب السِّرّ لاقتصارهم على مَا رسمه لَهُم الشهَاب بن فضل الله وتسميتهم ذَلِك المصطلح وغضهم مِمَّن لَا يعرفهُ وحاول مرَارًا أَن يُغير المصطلح على طَريقَة أهل البلاغة ويعتني بمراعاة الْمُنَاسبَة فَكَانَ مِمَّن قَامَ بإنكار ذَلِك وشفع عَلَيْهِ فِيهِ نَاصِر الدّين الفاقوسي كَبِير الموقعين كَمَا سلف فِي تَرْجَمته فَلَمَّا رأى ذَلِك مِنْهُ غضب عَلَيْهِ وعزله وَقرر عوضه الصَّدْر أَحْمد بن الْجمال القيسري بن العجمي فَلَمَّا مَاتَ الكلستاني عَاد الفاقوسي. مَاتَ بحلب فِي عَاشر جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى بعد ضعفه سِتَّة وَأَرْبَعين يَوْمًا وَخلف أَمْوَالًا جمة يُقَال أَنَّهَا وجدت مدفونة فِي كراسي المستراح وَجَرت بعده فِي وَصيته كائنة لشهودها كالزين التفهني الَّذِي ولي الْقَضَاء بعد فَقَرَأت بِخَط التقي الزبيرِي أَن السُّلْطَان أَمر ابْن خلدون أَن يفصل الْمُنَازعَة الَّتِي وَقعت بَين الأوصياء والحاشية فعزل الْأُمَرَاء أنفسهم فعزر ابْن خلدون التفهني ورفيقه بِالْحَبْسِ وأبطل الْوَصِيَّة بطرِيق بَاطِل لظَنّه أَن ذَلِك يُرْضِي السُّلْطَان فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان ذَلِك أنكرهُ وَأمر بإبقاء الْوَصِيَّة على حَالهَا، وَاسْتقر بعده فِي كِتَابَة السِّرّ فتح الدّين فتح الله بن مستعصم نقلا من رياسة الطِّبّ وَيُقَال أَن السُّلْطَان اخْتَارَهُ لَهَا بِغَيْر سعي مِنْهُ. وَمِمَّنْ تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية والمقريزي فِي عقوده وَغَيرهَا وَآخَرُونَ.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.