محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد المصري القاهري
ابن القطان محمد بن محمد
تاريخ الولادة | 814 هـ |
تاريخ الوفاة | 879 هـ |
العمر | 65 سنة |
مكان الولادة | مصر - مصر |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن عمر بن أبي بكر الْبَدْر بن الْبَهَاء بن الشَّمْس الْكِنَانِي السمنودي الأَصْل ثمَّ الْمصْرِيّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كهما بِابْن الْقطَّان. / ولد بعد عصر يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر رَمَضَان سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِمصْر حَسْبَمَا أملاه عَليّ وَنَازع البقاعي فِي ذَلِك بِمَا لَا يقبل مِنْهُ خُصُوصا وَقد ذكر لي من هُوَ أتقن مِنْهُ وأوثق وَهُوَ الْعِزّ السنباطي أَنه رَآهُ مَعَ شَيخنَا بالروضة فِي منتزه فِيهِ خلق سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَقد دَار عَارضه وَنَشَأ جميل الصُّورَة فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وألفية النَّحْو وغالب ابْن الاجب وَجمع الْجَوَامِع. وَعرض على طَائِفَة يسيرَة واشتغل على أَبِيه والقاياتي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم المنهاجي سبط ابْن اللبان فِي الْفِقْه وعَلى الثَّالِث فِي الْعَرَبيَّة وَنَحْوهَا من فنون الْأَدَب وَكَذَا لَازم ابْن عمار فِي الْعَرَبيَّة طَويلا وعنهما أَخذ فِي أصُول الْفِقْه وَكَذَا عَن القاياتي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى اللبسي الْمَاضِي وأصول الدّين عَن الكافياجي والْحَدِيث عَن شَيخنَا قَرَأَ عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ قِطْعَة من شرح ألفية الْعِرَاقِيّ وَبعد ذَلِك نَحْو النّصْف من شرح البُخَارِيّ ولازمه كثيرا لَا سِيمَا بعد تزَوجه بابنة زَوجته الحلبية، وَسمع اتِّفَاقًا على بعض المسندين وَلم يكن مِمَّن يمِيل لذَلِك بل كَانَ يُجَافِي من يحرص عَلَيْهِ وَيُصَرح بِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِيهِ بل وَلَا فِي الحَدِيث مُطلقًا لكَونه قد دون وَضبط ورددت عَلَيْهِ مقَالَة فِي ذَلِك غير مرّة وَلم يفد وَهُوَ فِي ذَلِك عكس طَريقَة وَالِده وَكَذَا لم يكثر من الِاشْتِغَال مُطلقًا إِنَّمَا كَانَ اشْتِغَاله من ابْتِدَائه إِلَى انتهائه بالهوينا اتكالا على ذكائه وفطنته وَأكْثر من مُلَازمَة الْمُحب مُحَمَّد بن أبي الْحسن الْمصْرِيّ، وتصدر وَهُوَ ابْن عشْرين سنة بِجَامِع عَمْرو وجامع الْقُرَّاء نِيَابَة عَن وَالِده وناب فِي الْقَضَاء عَن شَيخنَا فَمن بعده وتنقل فِي عدَّة حوانيت وَاسْتقر بعد شَيخنَا فِي إِفْتَاء دَار الْعدْل مَعَ المحيوي الطوخي، وَحج وزار وَدخل مَعَ وَالِده إسكندرية وَغَيرهَا واختص بِصُحْبَة الْعَلَاء ب نالأهناسي وَتقدم عِنْده بملازمته لَهُ فِي لعب الشطرنج بل كَانَ مَعَه فِي كثير من خلواته وبواسطته هُوَ وَابْن الكويز وَنَحْوهمَا ترَتّب لَهُ فِي جِهَات الْوزر وَالْخَاص وأشباهها أَشْيَاء كَثِيرَة وَلَا زَالَ أمره فِي نمو من ذَلِك بِحَيْثُ كَانَ لَهُ فِي الجوالي وَفِي الْمُفْرد وَفِي الذَّخِيرَة وَفِي الْخمس وَفِي الْكسْوَة والضحايا والقمح وَاللَّحم والعليق وخلع البُخَارِيّ السمور وصرره وَمَا لَا أحصره وَلذَا كَانَ منخفض الْجنَاح مَعَهم وَمَعَ أشباههم على الْغَايَة وَأما غَيرهم من الْفُضَلَاء فَفِي غَالب أوقاته على الضِّدّ من ذَلِك وَرُبمَا يحمد صَنِيعه مَعَ بَعضهم كتنافسه مَعَ التقي القلقشندي على الِارْتفَاع فِي الْجُلُوس وَمَعَ البقاعي بِحَيْثُ لم يُمكنهُ من الْجُلُوس فَوْقه وكفعله حِين دخل عقدا إِذْ رام الْجُلُوس فَوق ابْن الشّحْنَة الصَّغِير فِي قَضَاء أَبِيه وبحضرته فَمَا أمكنه فَجَلَسَ متزحزحا عَن الْحلقَة فَأَرَادَ أَبوهُ نكايته حَيْثُ قَالَ لَهُ أما علمت أَن الْجَالِس وسط الْحلقَة مَلْعُون، فِي أشباه لهَذَا، وَلست أعرفهُ بإتقان علم من الْعُلُوم حَتَّى أَن فضلاء الشخونية كَانُوا يرجحون دروس التقي القلقشندي مَعَ نقص بضاعته على دروسه وَلَا أَتَى على طرفِي كتاب فِيمَا أَظن قِرَاءَة وَلَا إقراء وَلَا كَانَت لَهُ قطنة على إدامة الِاشْتِغَال وَلَا ملكة فِي المباحثة لسرعة انحرافه وغضبه الْمُؤَدِّي إِلَى اختلال تصَوره مَعَ وفور ذكائه بِحَيْثُ أَنه كَانَ يستدعى لحضور الْمجَالِس فَلَا يَجِيء بكبير أَمر إِلَى غير ذَلِك من كَونه يصعب عَلَيْهِ الثَّنَاء على معاصريه وَسُوء عاريته للكتب الْملك وَالْوَقْف بِحَيْثُ لَا يستعيد الْمُعير مِنْهُ ذَلِك إِلَّا بِمَشَقَّة كَبِيرَة وَلما مَاتَ الْعلم البُلْقِينِيّ أَخذ من تركته نَحْو خَمْسمِائَة مُجَلد من كتب الْأَوْقَاف مَا أَظُنهُ طالع أَكْثَرهَا وَكَذَا أَخذ من تَرِكَة شَيخنَا يَسِيرا وَحَال ابْنه بَينه وَبَين تَمام غَرَضه وَضاع للنَّاس عِنْده من ذَلِك أَشْيَاء، وَهُوَ فِي أَكثر أوقاته راكن إِلَى البطالة والراحة والإقبال على مَا يهمه من الْكل وَالشرب وَالْعشرَة والتنعم بِمَا يلائم ذَلِك وَالْمَشْي على قانون كبار المباشرين والإدمان للعب الشطرنج بِحَيْثُ كَانَ وقتا مَعَ جمَاعَة يقسمون أيامهم فِيهِ فَعِنْدَ فلَان يَوْم كَذَا وَالْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ عِنْد آخر وَهَكَذَا وتصدر مِنْهُ حِين لعبه غَالِبا كَلِمَات يخرج فِيهَا عَن الْحَد وَلَا يعرف حِينَئِذٍ كَبِيرا وَلَا صَغِيرا وَكلما زَاد فِيهَا زَاد جُلَسَاؤُهُ من مقتضياتها مَعَ محبته فِي الْإِطْعَام ورغبته فِي التَّصَدُّق على الْفُقَرَاء وبذل جاهه مَعَ من يَقْصِدهُ غَالِبا وعلو همته فِي ذَلِك وصفاء خاطره جدا وَسُرْعَة انفعاله وبادرته وَقرب رُجُوعه واعترافه فِي كثير من أوقاته بالتقصير وَكَثْرَة توجهه فِي الثُّلُث الْأَخير وقيامه وتهجده ومزيد اعْتِقَاده فِيمَن ينْسب إِلَى الصّلاح لَا سِيمَا من يُسمى عِنْده وَعند أَمْثَاله بالمجاذيب واسترسل بِهِ ذَلِك حَتَّى كَانَ من أكبر المناضلين عَن ابْن عَرَبِيّ غير أَنه لم يتظاهر بذلك إِلَّا بعد كائنة ابْن الفارض وَمَا كنت أَحْمد مِنْهُ ذَلِك ولمته عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى وبالغت مَعَه فِي ذكر مَا يجب بِحَيْثُ كَانَ كالمستوحش مني بِسَبَبِهِ:
(وَمَا عَليّ إِذا مَا قلت معتقدي ... دع الجهول يظنّ الْحق عُدْوانًا)
وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا أتوهم عقيدته إِلَّا الْخَيْر وَلم يكن الْمَنَاوِيّ يرفع لَهُ رَأْسا لَا سِيمَا فِي كائنة الصَّغِير الَّذِي حكم بِمُوجب مِيرَاثه ليتضمن بَقَاءَهُ على الْكفْر وناكده مرَارًا خُصُوصا بعد وثوبه على وَلَده بمعاونة الْجمال نَاظر الْخَاص حَتَّى أَخذ مِنْهُ تدريس الْفِقْه بالبدرية الخروبية بِمصْر محتجا بِأَنَّهَا كَانَت وَظِيفَة أَبِيه وانتزعها مِنْهُ بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي مَعَ كَون شَرطهَا لمن جَازَ الْأَرْبَعين من الْمُفْتِينَ وبواسطة ذَلِك راج أمره يَسِيرا عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ خُصُوصا بعد مصاهرة العلمي للزيني بن مزهر لكَون الْبَدْر كَانَ من خواصه وجلسائه حَتَّى قدمه لِأَشْيَاء وَتردد للكمال بن البازري واجتهد أَن يكون هُوَ الْقَارئ فِي نسخته بِفَتْح الْبَارِي على مُصَنفه عوضا عَن أبي حَامِد الْقُدسِي فَأُجِيب وَكَانَ يتحامق فِي قِرَاءَته ويتضايق بِحَيْثُ لم يكن يتَمَكَّن من حضر للمقابلة من سُؤَاله عَن تَحْرِير لَفْظَة وَلَا رد لحنة وَنَحْو ذَلِك بل يحمر وَجهه وَلَا يَهْتَدِي حِينَئِذٍ لصواب وَلَا غَيره وبواسطة تردده للكمالي عين لقَضَاء طرابلس فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشرى ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وَأَظنهُ لبس الخلعة فَتكلم فِي جَانِبه بِمَا لَا يَلِيق فأعرضوا عَنهُ ورسم بِهِ لوالده حِينَئِذٍ فَلم يلبث الْأَب أَن مَاتَ وَمَا تمّ لوَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَا ذكر مرّة لقَضَاء مَكَّة وَولي الخطابة والإمامة وَغَيرهمَا فِي الْجَامِع الْجَدِيد بِمصْر أَظُنهُ بعد موت وَالِده وَاسْتقر فِي تدريس الْفِقْه بأماكن سوى مَا تقدم كالقطبية بِرَأْس حارة زويلة بعد ابْن طَلْحَة وبأم السُّلْطَان بالتبانة بعد الشهَاب بن أبي السُّعُود وبالشيخونية بعد التقي القلقشندي واجتهد فِي أَخذ تدريس الشَّافِعِي بعد إِمَام الكاملية وَتكلم لَهُ الأميني الأقصرائي وَغَيره فِيهِ فَلم يلْتَفت السُّلْطَان لَهُ وَأَشَارَ إِلَى أَن التقي الحصني أسن مِنْهُ فنازعه الأميني إِذْ ذَاك فِي هَذَا وَلم يفد وَتوجه بعض مبغضيه من الطّلبَة إِلَى الحصني لتهنئته حِين تقرر فأنشده فِيمَا زعم أَنه من قَوْله:
(تطاعنت الغواة بِغَيْر تقوى ... إِلَى درس الإِمَام الشَّافِعِي)
(فَلم يشف الإِمَام لَهُم غليلا ... وَلم يجنح إِلَى غير التقي)
عجب من الْمُؤلف رَحمَه الله فِي عدم إِيرَاده منافي مَحَله مَعَ أَنه مُثبت عِنْده فِي مَحل آخر مَعَ تَسْمِيَة النَّاظِم فَاعْلَم وَكَذَا امتدت عُنُقه لقَضَاء مصر بمبلغ وَصَارَ يلوح بل يُصَرح فَمَا قدر وَلَو اتّفق لم يرج لَهُ فِيهِ أَمر، وَاسْتقر فِي مشيخة الْمَسْجِد الَّذِي بخان السَّبِيل وقف قراقوش برغبة الْمُحب بن هِشَام المتلقي لَهُ عَن سبط شَيخنَا لَهُ عَنهُ واختص فِي معلومه فِيهِ وَفِي مرتبه فِي الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ بطاحون وفرن من الْجَارِي فِيهِ وَفِي خزانَة الْكتب بالبيبرسية وَغير ذَلِك من أنظار ورزق وَشبههَا، وَقد حدث بالصحيحين مَعَ كَونه فِيمَا أَظن لم يسمع وَاحِدًا مِنْهُمَا بِتَمَامِهِ وَكَذَا قرئَ عِنْده الْيَسِير من سنَن الْبَيْهَقِيّ وَغَيره وَتردد إِلَيْهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء يَسِيرا للأخذ عَنهُ فدرس فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وَغَيرهَا وَأفْتى وَكتب جُزْءا يَسِيرا رد فِيهِ على البقاعي بعض مَا وَقع لَهُ من الْمَنَاكِير وَقُرِئَ عِنْد الزيني بن مزهر ورام بذلك التَّشَبُّه بِمَا اتّفق وُقُوعه لي من استدعاء الزيني لي حَتَّى قرئَ بِحَضْرَة كل منا فِي جمَاعَة من الْأَعْيَان كتابي القَوْل المألوف فِي الرَّد على مُنكر الْمَعْرُوف، وَكَذَا بَلغنِي أَنه كتب على بعض الدُّرُوس فِي التَّفْسِير وَغَيره وَلَكِن لم أَقف على شَيْء من ذَلِك، وَبِالْجُمْلَةِ فَلم تكن كِتَابَته وَلَا عِبَارَته بِذَاكَ، وَلم يزل على حَاله ووجاهته إِلَى أَن مَاتَ بعد تعلله مُدَّة أَكثر من اسْتِعْمَال الحقن والأدوية الحادة وَغَيرهَا مِمَّا لم يحمد تصرفه فِيهِ فِي ضحى يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة بِجَامِع الْحَاكِم تقدم النَّاس قَاضِي الْحَنَفِيَّة الشَّمْس الأمشاطي وَدفن تجاه تربة الْأَشْرَف أينال رَحمَه الله وإيانا. وَقد سَمِعت بقرَاءَته الْقطعَة من فتح الْبَارِي وَسمع هُوَ بِقِرَاءَتِي على شَيخنَا أَشْيَاء بل وَحضر عِنْدِي حِين إِلْقَاء الميعاد بالجامع العلمي بن الجيعان بِالْبركَةِ أول مَا فتح ثمَّ ختم البُخَارِيّ بِهِ وَغير ذَلِك وكتبت عَنهُ مَا ذكر أَن شَيْخه الشَّمْس بن عبد الرَّحِيم أنْشدهُ إِيَّاه لنَفسِهِ بديهة وَهُوَ جَالس على الْقَبْر عِنْد دفن ولد لَهُ:
(يَا رب أفلاذ كَبِدِي فِي الثرى دفنت ... ونار حرهم فِي سائري ساري)
(يَا رب وَاجعَل جنان الْخلد حظهم ... ونار بعدهمْ حظي من النَّار)
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.