الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي الهاشمي العباسي
المستضيء بأمر الله
تاريخ الولادة | 536 هـ |
تاريخ الوفاة | 575 هـ |
العمر | 39 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
المستضيء بأمر الله:
الخليفة أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المُقْتَدِي الهَاشِمِيُّ العَبَّاسِيُّ.
بُوْيِع بِالخِلاَفَةِ وَقت مَوْت أَبِيْهِ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَة سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَامَ بِأَمر البَيْعَة عَضُد الدِّيْنِ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ رَئِيْس الرُّؤَسَاءِ، فَاسْتَوْزَره يَوْمَئِذٍ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. وَأُمُّه أَرْمَنِيَّةٌ، اسْمهَا: غَضَّةُ.
وَكَانَ ذَا حلم وَأَنَاة وَرَأْفَةٍ وَبرّ وَصَدَقَات.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي "المُنْتَظَمِ": بُوْيِعَ، فَنُوْدِيَ بِرفع المكوسِ، وَرد المظَالِم، وَأَظهر مِنَ العَدْل وَالكرم مَا لَمْ نَره مِنْ أَعمَارنَا، وَفرّق مَالاً عَظِيْماً عَلَى الهَاشِمِيِّيْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: بُوْيِعَ وَلَهُ إِحْدَى وَعِشْرُوْنَ سنةً -فأظنه وهم- قال: وَكَانَ حليماً، رحيماً، شفِيقاً، ليّناً، كَرِيْماً، نَقَلْتُ مَنْ خطِّ أَبِي طَالِبٍ بن عَبْدِ السَّمِيْعِ، قَالَ: كَانَ المُسْتَضِيْء مِنَ الأَئِمَّةِ الموفّقين، كَثِيْر السّخَاء، حَسَن السِّيْرَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ: اتَّصل بِي أَنَّهُ وَهب فِي يَوْمٍ لِحظَايَا وَجِهَاتٍ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بن دلف، حدثنا مسعود بن النَّادِرِ، قَالَ: كُنْتُ أُنَادِم أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَضِيْء، وكان صاحب المخزم ابْنُ العَطَّارِ قَدْ صَنَعَ شَمْعَدَاناً ثمنَ أَلف دِيْنَار، فَحضر وَفِيْهِ الشّمعَة، فَلَمَّا قُمْت، قَامَ الخَادِم بِهَا بَيْنَ يَدَيَّ، فَأَطلق لِي التَّوْرَ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَفرّق أَمْوَالاً فِي الْعلوِيين وَالعُلَمَاء وَالصُّوْفِيَّة. كَانَ دَائِم الْبَذْل لِلمَال، لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ وَقْعٌ. وَلَمَّا اسْتُخْلف، خلع عَلَى أَربَاب الدَّوْلَة، فَحكَى خَيَّاطُ الْمخزن لِي أَنَّهُ فَصَّل أَلْفاً وَثَلاَثِ مائَةٍ قبَاء إِبرِيسمٍ، وَوَلَّى قَضَاء القُضَاة رَوْحَ بنَ الحَدِيْثِيِّ، وَأَمر سَبْعَةَ عَشَرَ مَمْلُوْكاً. قَالَ: وَاحتجب عَنْ أَكْثَر النَّاس فَلَمْ يَرْكَبْ إلَّا مَعَ الْخَدَم، وَلَمْ يَدخلْ عليه غَيْر الأَمِيْر قُطْب الدِّيْنِ قَايْمَاز. وَفِي خِلاَفَتِهِ زَالت دَوْلَة العُبَيْدِيَّة بِمِصْرَ، وَخُطِبَ لَهُ بِهَا، وجاء الخبز فَغلقت الأَسواق لِلمسرَّة، وَعملت القبَاب، وَصنّفتُ كِتَاباً سَمَّيتُه "النَّصْر عَلَى مِصْرَ"، وَعرضته عَلَى الإِمَامِ المستضيء. قُلْتُ: وَخُطِبَ لَهُ بِاليَمَنِ، وَبرقَةَ، وَتَوْزَرَ، وَإِلَى بلاَد التُّرْكِ، وَدَانت لَهُ المُلُوْك، وَكَانَ يَطلب ابْن الجَوْزِيّ، وَيَأْمرُه أَنْ يَعظ بِحَيْثُ يَسْمَع، وَيَمِيْل إِلَى مَذْهَب الحَنَابِلَة، وَضَعف بدَوْلَته الرّفض بِبَغْدَادَ وَبِمِصْرَ وَظهرت السُّنَّة، وَحصل الأَمن، وَللهِ المِنَّةُ.
وَللحَيْصَ بَيْص فِيْهِ:
يَا إِمَامَ الهُدَى عَلَوْتَ عَنِ الجُو ... دِ بمالٍ وفضّةٍ وَنَضَارِ
فَوَهَبْتَ الأَعَمَارَ وَالأَمْنَ وَالبُل ... دَانَ فِي ساعةٍ مَضَتْ مِنْ نَهَارِ
فَبمَاذَا نُثْنِي عَلَيْكَ وَقَدْ جَا ... وَزتَ فَضلَ البُحُوْرِ وَالأَمطَارِ
إِنَّمَا أَنْتَ معجزٌ مستقلٌّ ... خارقٌ لِلْعُقُوْلِ وَالأَفكَارِ
جَمَعَتْ نَفْسُكَ الشَّرِيْفَةُ بِالبَأْ ... سِ وَبِالجُودِ بَيْنَ ماءٍ وَنَارِ
مَاتَ المُسْتَضِيْءُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ وَبَايعُوا بَعْدَهُ وَلده النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ.
وَمِنْ حَوَادِثِ أَيَّامِهِ: خَرَجَ صَلاَح الدِّيْنِ بِالمِصْرِيّين، فَأَغَار بِغَزَّةَ وَعَسْقَلاَن عَلَى الفِرنْج، وَافْتَتَح قلعة أيلة، وسار إلى الإسكندرية، وسمع مِنَ السِّلَفِيِّ.
وَخَرَجَ مَلِك الخَزَرِ مِنَ الدَّرْبَنْدِ، وَأَخَذَ مدينَة دُوَيْنَ، وَقَتَلَ بِهَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَظهر بِدِمَشْقَ مَغْرِبِيٌّ شَيطَانٌ ادَّعَى الرُّبوبيَّة، فَقُتل.
وَفِي سَنَةِ67 أُمسك الوَزِيْر ابْنُ رَئِيْس الرُّؤَسَاءِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَعظت بِالحَلْبَةِ فِي رَمَضَانَ، فَقُطِّعَت شُعُور مائَة وَعِشْرِيْنَ نَفْساً.
وَفِيْهَا هَلَكَ العَاضد آخر خُلَفَاء العُبَيْدِيَّة بِمِصْرَ، وَخُطِبَ قَبْل مَوْته بِثَلاَث لِلمُسْتَضِيْء العَبَّاسِيّ -وَللهِ الحَمْدُ- فَزُيِّنت بَغْدَادُ، وَعَمِلَ صَلاَح الدِّيْنِ لِلْعَاضد العزَاء، وَأَغرب فِي الْحزن وَالبُكَاء، وَتَسَلَّمَ القَصْر بِمَا حوَى، وَاحْتِيْطَ عَلَى آل القَصْر، وَأُفْرِدُوا بِمَوْضِعٍ، وَمُنِعُوا مِنَ النِّسَاء؛ لِئَلاَّ يَتنَاسلُوا وَقَدِمَ أُسْتَاذ دَار المُسْتَضِيْء صَنْدَلٌ الخَادِمُ رَسُوْلاً فِي جَوَاب البشَارَة، فَلَبَّسَ نُوْر الدِّيْنِ الخِلْعَة: فَرجيَّةٌ، وَجُبَّةٌ، وَقبَاءٌ، وَطوقٌ أَلفَ دِيْنَار، وَحصَان بسرجٍ مثمّن، وَسَيْفَانِ، وَلوَاء، وَحصَان آخر بِجنب وَقُلّد السّيفَيْن، إِشَارَة إِلَى الْجمع لَهُ بَيْنَ مِصْر وَالشَّام. وَنُفِّذ إِلَى صَلاَح الدِّيْنِ تَشرِيفٌ نَحْو ذَلِكَ وَدُوْنَهُ، مَعَهُ خِلَعٌ سود لِخُطَبَاء مِصْر، وَاتَّخَذ نُوْر الدِّيْنِ الحَمَامَ، وَدرجتْ عَلَى الطَّيَرَانِ.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ جلَسْت يَوْم عَاشُورَاء بِجَامِع المَنْصُوْر، فَحزر الْجمع بِمائَةِ أَلْف، وَخُتن إِخْوَة المُسْتَضِيْء، فَذبح أَلف شَاة، وَعُمِلَ عِشْرُوْنَ أَلفَ خشكنَانكَة.
وَفِيْهَا حَاصر عَسْكَر مِصْر أَطْرَابُلُس المَغْرِب، وَأَخَذوهَا. وَافْتَتَح شَمْس الدَّوْلَةِ أَخُو صَلاَح الدِّيْنِ برقَة ثُمَّ اليَمَن، وَأَسَرَ ابْن مَهْدِيٍّ الأَسْوَد، وَكَانَ خَبِيْث الاعْتِقَاد. وَسَارَ صَلاَح الدِّيْنِ، فَنَازل الكَرَك، ثُمَّ ترحل لحصَانتهَا.
وَفِيْهَا هزم مَلِيْح بن لاَونَ الأَرْمَنِيّ السِّيْسِيّ عَسْكَر صَاحِب الرُّوْم، وَكَانَ مُصَافِياً لنُوْر الدِّيْنِ، يُبَالِغ فِي خِدْمَته، وَيُحَارِب مَعَهُ الفِرنْج، وَلَمَّا عُوتِبَ نُوْر الدِّيْنِ فِي إِعطَائِهِ سِيْسَ، قَالَ: أَسْتعين بِهِ عَلَى قِتَال أَهْل ملّته، وَأُرِيح طَائِفَة مِنْ جندِي، وَهُوَ سدٌّ بَيْنِي وَبَيْنَ صَاحِب قُسْطَنْطِيْنِيَّة.
قُلْتُ: وَقَدْ هزم مَلِيْحٌ عَسْكَر قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ.
وَفِيْهَا سَارَ نُوْر الدِّيْنِ إِلَى المَوْصِل، ثُمَّ افْتَتَح بَهَسْنَا وَمَرْعَشَ، وَسيّر قليج رسلاَن يوادِدُ نُوْر الدِّيْنِ وَيَخضع لَهُ.
وَفِي سَنَةِ569: وَقَعَ بِالسَّوَاد برد كَالنارنج وَزَنَتْ مِنْهُ بردَة سَبْعَة أَرطَال، قَالَهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ. وَقَالَ: زَادت دِجْلَة أَكْثَر مِنْ كُلِّ زِيَادَات بَغْدَاد بذِرَاع وَكسر، وَخَرَجَ النَّاس إِلَى الصّحرَاء وَبَكَوْا، وَكَانَ آيَة مِنَ الآيَات، وَدَام الْغَرق أَيَّاماً.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
الحسن بن المستنجد باللَّه يوسف بن المقتفي العباسي الهاشمي، أبو محمد، المستضئ بالله:
خليفة، من العباسيين في العراق. كان جوادا حليما، محبا للعفو، قليل المعاقبة على الذنوب، كريم اليد. بويع بعد وفاة أبيه وبعهد منه (سنة 566 هـ وصفت له الخلافة تسع سنين وسبعة أشهر.
وكانت أيامه مشرقة بالعطاء والعدل. قال ابن شاكر: لما تولى المستضئ باللَّه نادى برفع المكوس، ورد المظالم الكبيرة، وفرق مالا عظيما، ثم احتجب عن الناس، ولم يركب إلا مع الخدم. وفي أيامه زالت الدولة العبيدية بمصر، وضربت السكة باسمه، وجاء البشير إلى بغداد، وغلقت الأسواق وعملت القباب، وصنف ابن الجوزي في ذلك كتاب (النصر على مصر) وخطب له بمصر وقراها والشام واليمن وبرقة، ودانت الملوك لطاعته .
-الاعلام للزركلي-