مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق بن أبي الْفرج نَاصِر الدّين بن الْوَزير تَاج الدّين أَخُو الْفَخر عبد الْغَنِيّ صَاحب الفخرية وَعم الزين عبد الْقَادِر ووالد أَحْمد الماضين كلهم. ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا فَقَرَأَ الْقُرْآن وتنقل فِي الخدم إِلَى أَن عمل فِي أَيَّام ابْن أَخِيه الزين فِي الْأَيَّام الأشرفية ملك الْأُمَرَاء بِالْوَجْهِ البحري سِنِين ثمَّ عزل وَاسْتقر بِهِ الظَّاهِر جقمق فِي نقابة الْجَيْش فِي أَوَائِل مَمْلَكَته عقب موت أَمِير طبر فدام يَسِيرا ثمَّ اسْتَقر بِهِ فِي الاستادارية فِي يَوْم السبت سلخ ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بِحَيْثُ أرخه بَعضهم فِي أول سنة ثَلَاث عوضا عَن جَانِبك الزيني عبد الباسط بعد الْقَبْض عَلَيْهِمَا بعد أَن كَانَ دوادارا نِيَابَة بِإِشَارَة سَيّده فَإِن صَاحب التَّرْجَمَة كَانَ مديما لخدمته فباشرها إِلَى أَن انْفَصل عَنْهَا فِي ثامن الْمحرم سنة أَربع وَأَرْبَعين بقيز طوغان العلائي وامتحن وصودر وَأخذ مِنْهُ جملَة، ثمَّ أخرج إِلَى ولَايَة قطيا قُدَّام بهَا قَلِيلا وَصَارَ لَهُ بهَا نخل وَنَحْو ذَلِك، ثمَّ شفع فِيهِ إِمَّا الْجمال نَاظر الْخَاص أَو الزين بن الكويز فِي عوده فدام بهَا يَسِيرا مُقْتَصرا على التَّكَلُّم فِي أوقاف الفخرية مدرسة أَخِيه، ثمَّ أُعِيد لنقابة الْجَيْش فباشرها بِشدَّة وعسف وَتردد النَّاس لَهُ فِي حوائجهم مَعَ كَرَاهَة أَكْثَرهم فِيهِ وغضهم مِنْهُ سِيمَا الزين الاستادار مَعَ كَونه مَعْرُوفا بقريب ابْن أبي الْفرج فَإِنَّهُ جاهره بالمعاداة وتعب هَذَا من معاكسته إِلَى أَن جمع الْمَنْصُور فِي أول أَيَّامه أَعْيَان مَمْلَكَته وشكا لَهُم عدم وجود مَا ينْفق مِنْهُ على المماليك فانتهز هَذَا الفرصة وَأَشَارَ بإمساك الزين على خَمْسمِائَة ألف دِينَار وباستقرار جَانِبك شاد جدة عوضه وَضمن كل مِنْهُمَا فَفعل ذَلِك بِحَيْثُ كَانَ مبدأ انحطاط الزين وتولي هَذَا الثلاثاءثم ولي بعد ذَلِك الاستادارية أَيْضا فَلم يسْعد فِيهَا وَنهب بَيته وأفحش فِي حريمه بل رجمه الْعَامَّة قبل فِي أَيَّام الْمَنْصُور وأفحشوا فِي أمره وَرَضي فِي بعض الْأَوْقَات بِولَايَة قطيا للخوف من فتك الزين بِهِ انتقاما فَلم يلبث إِلَّا قَلِيلا وأعيد لنقابة الْجَيْش وَاسْتمرّ فِيهَا حَتَّى مَاتَ فِي بَيته بِقرب قنطرة سنقر لَيْلَة الثُّلَاثَاء سَابِع عشري الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ عَن نَحْو الثَّمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بسبيل المؤمني، وَكَانَ من سيئات الدَّهْر جرْأَة وإقداما وظلما وَجَبْرِيَّة مَعَ قَول ابْن تغري بردى عَن نقابة الْجَيْش إِنَّهَا وَظِيفَة جليلة ومتوليها أجل، وَقد حج صُحْبَة الزين عبد الباسط وَغَيره عَفا الله عَنهُ.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.