مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن سَلامَة أَبُو عبد الله وَأَبُو الْمَوَاهِب ابْن الْحَاج اليزلتيني نِسْبَة لقبيلة التّونسِيّ المغربي ثمَّ القاهري الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن زغدان بمعجمتين أولاهما مَفْتُوحَة ثمَّ مُهْملَة وَآخره نون. ولد فِي سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا بتونس وَحفظ الْقُرْآن وكتبا وتلا لنافع على بعض الْقُرَّاء من أَصْحَاب ابْن عَرَفَة وَبحث الْعَرَبيَّة على أبي عبد الله الرَّمْلِيّ وَعمر الشلشاني وَغَيرهمَا وَعَن ثَانِيهمَا وَعمر الْبُرْزُليّ أَخذ فِي الْفِقْه وَأخذ الْمنطق عَن مُحَمَّد الْموصِلِي وَغَيره والأصلين مَعَ الْفِقْه أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم الأخضري، وَقدم الْقَاهِرَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين فِيمَا بَلغنِي وتنزل فِي صوفية سعيد السُّعَدَاء وَحج وجاور وَأخذ عَن شَيخنَا الْيَسِير وامتدحه بقصيدة حَسَنَة سَمِعت مِنْهُ أَكْثَرهَا وكتبت لَهُ الْإِجَازَة عَنهُ وَكَذَا صحب يحيى بن أبي الْوَفَاء وَفهم كَلَام الصُّوفِيَّة وَمَال إِلَى ابْن عَرَبِيّ بِحَيْثُ اشْتهر بالمناضلة عَنهُ، وَآل أمره بعد أَحْدَاث البقاعي مَا كَانَ الْوَقْت فِي غنية عَنهُ إِلَى أَن عقد ناموس المشيخة وَصَارَ يذكر ويتظاهر وبتقريرات وكلمات بِحَضْرَة من يجْتَمع عِنْده خُصُوصا بعض الطواشية، وَرُبمَا قرئَ عَنهُ الْمدْخل وَغَيره من الْكتب المستقيمة وَله اقتدار على التَّقْرِير وبلاغة فِي التَّعْبِير بِحَيْثُ شرح الحكم لِابْنِ عَطاء وَعمل كراسة فِي جَوَاز السماع وحزب أدعية وأوراد يتداوله أَصْحَابه ورسالة قوانين حكم الْإِشْرَاق إِلَى صوفية جَمِيع الْآفَاق وَسلَاح الوفائية بثغر الْإسْكَنْدَريَّة وديوان شعر سَمَّاهُ مواهب المعارف وعدة أحزاب وَغير ذَلِك. وَقد قَالَ فِيهِ البقاعي أَنه فَاضل حسن الشكل لكنه قَبِيح الْفِعْل أقبل على الفسوق ثمَّ لزم الْفُقَرَاء والوفائية وخلب بعض أولى الْعُقُول الضعيفية فَصَارَ كثير من الْعَامَّة وَالنِّسَاء والجند يعتقدونه مَعَ ملازمته للفسوق أَرَانِي مرّة كتابا اسْمه بغية السول من مَرَاتِب الْكَمَال فِي التصوف أبان فِيهِ صَاحبه عَن عقيدة صَحِيحَة وذوق سليم فِي طَرِيق الْقَوْم الْمُسْتَقيم فِي مُجَلد لطيف وَزعم أَنه تصفيفه فَالله أعلم وَصرح بتكذيبه، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أَنه قدم الْقَاهِرَة على مَا ادّعى سنة إِحْدَى وَخمسين حَاجا فَمَرض وَلم يحجّ بعد وَصَحب بني الْوَفَاء حَتَّى مَاتَ وَكتب عَنهُ من نظمه:
(ضرغام نَفسك طلاب فريسته ... ونائل مِنْك مَا يَرْجُو ويقتصد)
(وَأَنت ترجو الْمَعَالِي دون معملها ... فَلَيْسَ دون قتال يُؤْخَذ الْأسد)
وَقَوله:
(وهيفاء دبت عقرب فَوق صدغها ... تصد عميد الْقلب عَن جلناره)
(وَقد شعلت فِي الْقلب نَار غرامها ... فَلَو واصلتني أطفأت جلّ ناره)
انْتهى. وَقد قُمْت عَلَيْهِ حَتَّى أخرج من الْمدرسَة النابلسية لكَونه آجر مجلسها لمن ينسج فِيهِ القماش ولغير ذَلِك وَمَا كنت أَحْمد أمره. مَاتَ فِي ظهر يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر بالأزهر ثمَّ دفن بالتربة الشاذلية من القرافة قَرِيبا من حُسَيْن الحبار وَالصَّلَاح الكلائي عَفا الله عَنهُ.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.
أبو المواهب شرف الدين محمَّد بن أحمد التونسي: عرف بابن زغدان الشاذلي الوفائي من علماء الأزهر الأعيان الظرفاء الأبراء الأجلاء الأخيار أعطي ناطقة سيدي علي وفا وعمل الموشحات الربانية وألّف الكتب اللدنية، وكان يغلب عليه سكر الحال فيتمشى ويتمايل في الجامع الأزهر فيتكلم الناس فيه بحسب ما في أعينهم حسناً وقبحاً وما خلا جسد من حسد، له كتاب القانون في علم الطائفة وهو كتاب بديع لم يؤلف مثله يشهد لصاحبه بالذوق الكامل وكتاب الأذكياء في أخبار الأولياء وهو كتاب جليل وله شرح الحكم ورسالة في السماع على غاية من التحقيق نقلها الشيخ الأمير في حاشيته على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على خليل في باب الوليمة، وكان أولاد أبي الوفا لا يقيمون له وزناً وكان هو معهم على غاية من الآداب لأنه أخذ عنهم وانتفع بهم وإليهم نسب وكلامه غاية في الأدب ينشد في المواليد والاجتماعات على رؤوس العلماء والصالحين فيتمايلون طرباً من حلاوته، وأخذ عن أصحاب ابن عرفة ثم انتقل للقاهرة، أخذ عنه جماعة منهم الشمس اللقاني وانتفع به. مولده بتونس سنة 820 هـ وتوفي سنة 882 هـ بالقاهرة ودفن بغرفة الشاذلية بالقرافة.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
ابن زغدان (نحو 820 - 882 هـ)(1418 - 1478 م)
محمد بن أحمد بن داود بن سلامة اليزليتني المعروف بابن زغدان، أبو المواهب المالكي المذهب، الشاذلي الوفائي الطريقة، الصوفي، الفقيه، الأديب.
ولد بتونس، وأخذ عن أصحاب ابن عرفة، وغيرهم كأبي عثمان المغربي، وبحث في العربية على أبي عبد الله الرملي، وعمر القلشاني، وغيرهما، وأخذ الفقه عن عمر القلشاني، وأخذ المنطق عن محمد الواصلي، وغيره، والاصلين مع الفقه عن إبراهيم الأخضري.
من مخاريقه أنه كان يقول: لبست خرقة التصوف من رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قدم القاهرة في سنة 842/ 1439 أو في سنة 851/ 1448 ونزل مع الصوفية في خانقاه سعيد السعداء، وحج، وجاور. وفي مقامه بالقاهرة أخذ اليسير عن الحافظ ابن حجر، ومدحه بقصيدة سمع منه السخاوي أكثرها الذي كتب بالاجازة عن شيخه ابن حجر، وصحب يحيى بن أبي الوفاء، وفهم كلام الصوفية، ومال إلى ابن عربي بحيث اشتهر بالدفاع عنه، وله اقتدار في التقرير وبلاغة في التعبير، وفي مدة إقامته بالقاهرة أخذ عنه جماعة كالشمس اللقاني، وغيره.
قال الشيخ أحمد زروق: رحل إلى مصر، وتوطنها، وأخذ عن الوفائية، وكان حسن الأخلاق متجملا جدا ذا لسان عظيم في كلام القوم (الصوفية).
قال الشعراني في «طبقاته»: «وكان مقيما بالقرب من الجامع الأزهر، وكان له خلوة فوق سطحه موضع المنارة التي عملها السلطان الغوري، وكان يغلب عليه سكر الحال، فينزل يتمشى ويتمايل في الجامع الأزهر، فيتكلم الناس فيه بحسب ما في أوعيتهم حسنا وقبحا ... وكان أولاد أبي الوفاء لا يقيمون له وزنا لأنه حاكى دواوينهم، وصار كلامه ينشد في الموالد والاجتماعات والمساجد على رءوس العلماء والصالحين، فيتمايلون طربا من حلاوته، وما خلا جسد من حسد، وكان هو معهم في غاية الأدب والرقة، والخدمة، وامسكوه مرة - وهو داخل يزور السادات - فضربوه حتى أدموا رأسه، وهو يبتسم، ويقول: «انتم أسيادي وأنا عبدكم».
واتهمه البقاعي بالفسق، ولكنه لم ينف تأثيره، والاعتقاد فيه لدى كثير من الطبقات، قال: «إنه فاضل، حسن الشكل، لكنه قبيح النقل، أقبل على الفسوق، ثم لزم الفقراء الوفائية، وخلب بعض أولي العقول الضعيفة، فصار كثير من العامة، والنساء والجند يعتقدونه مع ملازمة الفسوق».
ووصف البقاعي له بأنه قبيح النقل لعله بسبب ميل المترجم إلى ابن عربي والدفاع عنه والبقاعي من خصوم ابن عربي، وخصوم القائلين بالاتحاد والحلول، وقال البقاعي في موضع آخر «إنه قدم القاهرة - على ما ادعى - سنة إحدى وخمسين حاجا، ولم يحج، وصحب بني الوفاء حتى مات».
والسخاوي سيّئ الظن فيه أيضا فقد قال بعد نقله كلام البقاعي:
«وقد قمت عليه حتى خرج من المدرسة النابلسية لكونه آجر مجلسها لمن ينسج فيه القماش ولغير ذلك، وما كنت أحمد أمره».
وصحبه الشيخ أحمد زروق مدة لم تطل وقال فيه: «دعواه أكبر من قدمه».
مات في ظهر يوم الاثنين 13 صفر، وصلي عليه بعد صلاة العصر بالأزهر، ثم دفن بالتربة الشاذلية من القرافة قريبا من حسين الجار، والصلاح الكلائي.
مؤلفاته:
الأذكياء في أخبار الأولياء.
بغية السؤال عن مراتب أهل الكمال، في التصوف، ابان فيه عن عقيدة صحيحة، وذوق سليم في طريق القوم، مجلد لطيف.
جمع مرائية للنبي صلّى الله عليه وسلم في كتاب.
سلاح الوفائية بثغر الاسكندرية.
شرح الحكم لابن عطاء الله، قيل إنه نحا فيه نحو دقائق الفلاسفة، لم يتم.
فرح الاسماع يرخص السماع، وهي رسالة في السماع نقلها الشيخ محمد الأمير في حاشيته على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني لمختصر خليل في باب الوليمة، وميله إلى الترخيص في السماع قاومه الشيخ ابن حجر الهيثمي بالرد عليه في تأليف خاص اسمه «كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع».
قوانين حكم الاشراق في قواعد الصوفية على الاطلاق، وقيل في اسمه:
قوانين حكم الاشراق إلى صوفية جميع الآفاق، طبع بدمشق سنة 1309 هـ باسم قوانين حكم الاشراق إلى كل الصوفية بجميع الآفاق، في 108 ص، مط. ولاية سورية، دمشق.
مولد النبي صلّى الله عليه وسلم.
مواهب المعارف، ديوان شعر على لسان الصوفية
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثاني - صفحة 419 - للكاتب محمد محفوظ