مُحَمَّد بن علي بن مَحْمُود بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن ابراهيم الشامى العاملى الشهير بالحشرى الاديب الشَّاعِر البليغ الوحيد فى مقاصده الْبعيد الْغَايَة فى ميدانه ذكره السَّيِّد على بن مَعْصُوم فى السلافة واستوعب ذكر فضائله فأغنانى عَن شرح أَحْوَاله حَيْثُ قَالَ الْبَحْر الغطمطم الزخار والبدر الْمشرق فى سَمَاء الْمجد بسناء الافتخار الْهمام الْبعيد الهمة المجلوة بأنوار علومه ظلم الْجَهْل المدلهمه اللابس من مطارف الْكَمَال أطرف حلّه وَالْحَال من منَازِل الْجلَال فى أشرف حلّه فضل تغلغل فى شعاب الْعلم زلاله وتسلسل حَدِيث قديمه فطاب لراويه عذبه وسلساله وفحل رقى من أوج الشّرف أبعد مراقيه وَحل من شخص المعالى بَين جوانحه وتراقيه شاد مدارس الْعُلُوم بعد دروسها وَسَقَى بصيب فَضله حدائق غروسها وأنعش جدودها من عثارها وَأخذ من احزاب الْجَهْل بثارها ففوائده فى سَمَاء الافادة أقمار ونجوم وشهب لشياطين الانس وَالْجِنّ رجوم ان نطق صفد الْمعَانى عَن أُمَم وأسمعت كَلِمَاته من بِهِ صمم وان كتب كبت الْحَاسِد عَن كثب فجَاء بِمَا شَاءَ على الاقتراح وَترك أكباد أعدائه دامية الْجراح وَمَتى احتبى مُفِيدا فى صدر نَادِيه وجثت بَين يَدَيْهِ طلاب فَوَائده وأياديه رَأَيْت دأ مَاء الْعلم تقذف دُرَر المعارف غواربه وقمر الْفضل اشرقت بضياء عوارفه مشارقه ومغاربه فَيمْلَأ أصداف الاسماع درا فاخرا ويبهر الابصار والبصائر محَاسِن ومفاخرا وَأما الادب فَعَلَيهِ مَدَاره واليه ايراده واصداره ينشر مِنْهُ مَا هُوَ أذكى من النشر فى خلال النواسم بل أحلى من الظُّلم يترقرق فى ثنايا المباسم وَمَا الدّرّ النظيم الا مَا انتظم من جَوَاهِر كَلَامه وَلَا السحر الْعَظِيم الا مَا نفثت سواحر أقلامه وَأقسم انى لم أسمع بعد شعر مهيار والرضى أحسن من شعره الْمشرق الوضى ان ذكر الانسجام فَهُوَ غيثه الصيب أَو السهولة فَهُوَ نهجها الذى تنكبه أَبُو الطّيب ثمَّ قَالَ وَله على من الْحُقُوق الْوَاجِبَة شكرها مَا يفل شبايراعتى وبراعتى ذكرهَا وَهُوَ شيخى الذى أخذت عَنهُ فى بَدْء حالى وأنضيت الى مَوَائِد فَوَائده بعملات رحالى واشتغلت عَلَيْهِ فاشتغل بى وَكَانَ دأبه تَهْذِيب أدبى ووهبنى من فَضله مَالا يضيع وحنا على حنو الظِّئْر على الرَّضِيع ففرش لى حجر علومه وألقمنى ندى معلومه حَتَّى شحذ من طبعى مرهفا وبرى من نبعى مثقفا فَمَا يسح بِهِ قلمى فَهُوَ من فيض بحاره وَمَا ينْفخ بِهِ كلمى انما هُوَ من نسيم اسحاره وَأما خبر ظُهُوره من الشَّام وَخُرُوجه وتنقله فى الْبِلَاد تنقل الْقَمَر فى بروجه فانه هَاجر الى الديار العجمية بعدا بدار هلاله وانسجام وسمى فَضله وانهلاله فَأَقَامَ بهَا بُرْهَة من الدَّهْر مَحْمُود السّير والسريرة فى السِّرّ والجهر عاكف على بَث الْعلم ونشره مؤرجا الارجاء بطيبه ونشره وَلما تلت الالسن سور أَوْصَافه واجتلت الاسماع صور اتسامه بِالْفَضْلِ واتصافه استدعاه أعظم وزراء مَوْلَانَا السُّلْطَان يُرِيد بِهِ سُلْطَان الْهِنْد الى حَضرته وأحله من كنفه فى بهجة الْعَيْش ونضرته ثمَّ رغب الْوَالِد فى انحيازه الى جنابه فاتصل بِهِ اتِّصَال المحبوب بعد اجتنابه فَأقبل عَلَيْهِ اقبال الوامق الْوَدُود وَأكله بسرادق جاهه الْمَمْدُود فانتظم فى سلك ندمائه وطلع عُطَارِد فى نُجُوم سمائه حَتَّى قصد الْحَج فحج وَقضى من مَنَاسِكه العج والثج وَأقَام بِمَكَّة سنتَيْن ثمَّ عَاد فَاسْتَقْبلهُ ثَانِيًا بالاسعاف والاسعاد وَكنت قد رَأَيْته حَال عوده ببندر المخا ثمَّ رَأَيْته بِحَضْرَة الْوَالِد وَبَينهمَا من الْمَوَدَّة مَا يربى على الاخا فَأمرنَا بالاشتغال عَلَيْهِ والاكتساب مِمَّا لَدَيْهِ فَقَرَأت عَلَيْهِ الْفِقْه والنحو وَالْبَيَان والحساب وتخرجت عَلَيْهِ فى النّظم والنثر وفنون الْآدَاب وَمَا زَالَ يشنف أذنى بفرائده ويملأ اردانى بفوائده حَتَّى حسدنا عَلَيْهِ الدَّهْر الحسود وَجرى على سجيته فى تَبْدِيل الايام الْبيض بالليالى السود فَقضى الله علينا بِفِرَاقِهِ لامور أوجبت نكس الآبل بعد اعراقه ثمَّ انشد لَهُ من شعره قَوْله
(شَرق على حكم النَّوَى أَو غرب ... مَا أَنْت أول ناشب فى مخلب)
(فى كل يَوْم أَنْت نهب مخالب ... أَو ذَاهِب فى اثر برق خلب)
(متألق فى الجو بَين مشرق ... غص الفضاء بِهِ وَبَين مغرب)
(يبكى ويضحك والرياض نواسم ... ضحك المشيب على عذارى الاشيب)
(أزعمت ان الذل ضَرْبَة لَا زب ... فنشبت فى مخلاب باز أَشهب)
(لعبت بلبك كَيفَ شَاءَ لَهَا الْهوى ... مقل مَتى تَجِد النواظر تلعب)
(زعمت عثيمة ان قَلْبك قد صبا ... من لى بقلب مثل قَلْبك قلب)
(قد كنت آمل أَن تَمُوت صبابتى ... حَتَّى نظرت اليك يَا ابْنة يعرب)
(فطربت مَا لم تطربى ورغبت مَا ... لم ترغبى ورهبت مَا لم ترهبى)
(وَلَقَد دلفت اليهم فى فتية ... ركبُوا من الاخطار أصعب مركب)
(جعلُوا الْعُيُون على الْقُلُوب طَلِيعَة ... ورموا القفار بِكُل حرف ذعلب)
(ترمى الفجاج وقلبها متصوب ... فى البيد اثر البارق المتصوب)
(هوجاء مَا نفضت يدا من سبسب ... الا وَقد غمست يدا فى سبسب)
(تسرى وقلب الْبَرْق يخْفق غيرَة ... مِنْهَا وَعين الشَّمْس لم تتنقب)
(تطفو وترسب فى السراب كَأَنَّهَا ... فلك يشق عباب بَحر رعرب)
(تفلى بِنَا فى البيد نَاصِيَة الفلا ... حَتَّى دفعت الى عقيلة ربرب
(وافتك تخلط نَفسهَا بلداتها ... وَالْحسن يظهرها ظُهُور الْكَوْكَب)
(كفريدة فى غيهب أَو شادن ... فى ربرب أَو فَارس فى موكب)
(تمشى فتعثر فى فضول ردائها ... بحياء بكر لَا بنشطة ثيب)
وَقَوله من قصيدة
(باجتلاء المدام فى الاقداح ... وبمرآة وَجهك الوضاح)
(لَا تذرنى على مرَارَة عيشى ... أكل واش وَلَا فريسة لاحى)
(صَاح كلنى الى المدام ودعنى ... والليالى تجول جول القداح)
(لَا تخف جور حادثات الليالى ... نَحن فى ذمَّة الظبار والرماح)
(طوع أيدى الخطوب رهن المنايا ... تَتَخَطَّى بهَا الى صفاحى)
(قلدتنى من المشيب لجاما ... كف رأسى شكيمة عَن جماح)
(صَاح ان الزَّمَان أقصر عمرا ... من بكاء بدمنة ونواح)
(رق عَنَّا ملاحف الجو فاسمح ... برقيق من طبعك المرتاح)
(يَا مليك الملاح ان زَمَانا ... أَنْت فِيهِ زمَان روح وَرَاح)
(طَابَ وَقت الزَّمَان فَاشْرَبْ عساه ... يَا صباحى يطيب وَقت الصَّباح)
(واسقنيها سقيت فى فلق الْفجْر على نَغمَة الطُّيُور الفصاح ... )
وَقَوله
(أيا ريح الصِّبَا ان جِئْت نجدا ... فجدد بالظباء الْعين عهدا)
(فقد أرضعتنى ندى الامانى ... وشبت وَمَا بلغت بِهِ أشدا)
(وَكم زفت الى طوال ليل ... ذوائب ذَلِك الرشأ المفدى)
(وَمَا نجد وَأَيْنَ ظباء نجد ... سقى الرَّحْمَن مَاء الْحسن نجدا)
وَقَوله من قصيدة
(وَقد جعلت نفسى تحن الى الْهوى ... حلافيه عَيْش من بثينة أَو مرا)
(وَأرْسلت قلبى نَحْو تيماء رائدا ... الى الخفرات الْبيض والشدن العفرا)
(تعرف مِنْهَا كل لمياء خاذل ... هى الريم لَوْلَا ان فى طرفها فترا)
(من الظبيات الرود لَو أَن حسنها ... يكلمها أبدت على حسنها كبرا)
(وَآخر ان عَرفته الشوق راعنى ... بصد كأنى قد أتيت لَهُ وترا)
(أناشد فِيهِ الْبَدْر والبدر غائر ... وأسأل عَنهُ الريم وَهُوَ بِهِ مغرى)
(فَمَا ركب الْبَيْدَاء لَو لم يكن رشا ... وَلَا صدع الديجور لَو لم يكن بَدْرًا)
(لحاظ كَانَ السحر فِيهَا عَلامَة ... تعلم هاروت الكهانة والسحرا)
(وَقد هوى الْغُصْن الرطيب كانما ... كسته تلابيب الصِّبَا وَرقا نضرا)
(رتقت على الواشين فِيهِ مسامعا ... طَرِيق الردى مِنْهَا الى كبدى وعرا)
(أعاذلتى واللوم لؤلم ألم ترى ... كَانَ بهَا عَن كلا لائمة وقرا)
(بفيك الثرى مَا أَنْت والنصح انما ... رَأَيْت بِعَيْنَيْك الْخِيَانَة والغدرا)
(وَمَا للصبا يَا وَيْح نفسى من الصِّبَا ... تبيت تناجى طول لَيْلَتهَا البدرا)
(تطارحه وَالْقَوْل حق وباطل ... أَحَادِيث لَا تبقى لمستودع سرا)
(وتلقى على النمام فضل ردائها ... فَيعرف للاشواق فى طيها نشرا)
(يعانقها خوف النَّوَى ثمَّ تنثنى ... تمزق من غيظ على قدك الازرا)
(ألم تَرَ بَان النقا كَيفَ هَذِه ... تميل بعطفيها حنوا الى الاخرى)
(وَكَيف وشى غُصْن الى غُصْن هوى ... وَأبْدى فنونا من خيانته تترى)
(فَمن غُصْن يدنى الى غُصْن هوى ... وَمن رشأ يُوحى الى رشأ ذكرا)
(هما عذلانى فى الْهوى غير أننى ... عذرت الصِّبَا لَو تقلين لَهَا عذرا)
(هبيها فدتك النَّفس راحت تسرهُ ... اليه فقد أبدته وهى بِهِ سكرى)
(على أَنَّهَا لَو شايعت كثب النقا ... وشيح الخزامى انما حملت عطرا)
وَمن مبدعاته قَوْله من قصيدة أُخْرَى
(مَا فى التصابى على من شَاب من باس ... أما ترى جلوة الصَّهْبَاء فى الكاس)
(النَّاس بِالنَّاسِ وَالدُّنْيَا بأجمعها ... فى درة تعطف الساقى على الحاسى)
(يئست واليأس احدى الراحتين وَكم ... جلوت منى صدا الاطماع باليأس)
مِنْهَا
(فى كل غانية من أُخْتهَا بدل ... ان لم تكن بنت راس فابنة الراس)
(أودعت عقلى الى الساقى فبدده ... فى كسر جفنيه أَو فى مَيْلَة الكاس)
(لَا أوحش الله من غَضْبَان أوحشنى ... مَا كَانَ أبطاه عَن بَرى وايناسى)
(سلمت يَوْم النَّوَى مِنْهُ وأسلمنى ... الى عدوين نمام ووسواسى)
(ذكرته وهولاه فى محاسنه ... عهود لَا ذَاكر عهدى وَلَا ناسى)
(وددت اذ بِعته روحى بِلَا ثمن ... لَو كنت أضْرب اخماسا لاسداس)
(يَا وَيْح من أَنْت يَا لمياء بغيته ... مَا كَانَ أغناه عَن فكر ووسواس)
(قَامَت تغنى بِشعر وهى حَالية ... بِهِ أَلا حبذا المكسو والكاسى)
(تَقول وَالسكر يطويها وينشرها ... أى الشرابين أحلى فى فَم الكاس)
(يَا حبذا أَنْت يَا لمياء من سكن ... وحبذا سَاكن الْبَطْحَاء من نَاس)
(مَا ان ذكرتك الا زَاد بى طربى ... وطاب ريح الصِّبَا من طيب أنفاسى)
(وَلَا ذكرت الصِّبَا وأذكرنى ... لياليا أرضعتنى درة الكاس)
(وجيرة لعبت أيدى الزَّمَان بهم ... أنْكرت من بعدهمْ نفسى وجلاسى)
(أَيَّام أختال فى ثوبى بلهنية ... وميعة من شباب ناعم عاس)
(عَار من الْعَار حَال بالصبا كاسى ... كأننى وَالصبَا فى برد أَخْمَاس)
(أنضيت فِيهِ مطايا الْجَهْل والباس ... عريت مِنْهُ وَمَا عريت افراسى)
(فى صبية كنجوم اللَّيْل اكياس ... كَانَ ايامهم ايام اعراس)
(أسمو اليهم سمو النّوم للراسى ... أدب فيهم دَبِيب السكر فى الحاسى)
(باتوا بميثاء صرعى لاحراك بهم ... وانما صرعتهم صدمة الكاس)
(يَا عاذلى أَنْت أولى بى فَخذ بيدى ... فَأَنت أوقعتنى فيهم على راسى)
(وَيَا حمام اللوى هلا بَكَيْت معى ... على زمَان تقضى أَو على نَاس)
وَقَوله من أُخْرَى
(أتراك تهفو للبروق اللمع ... وتظن رامة كل دَار بلقع)
(لَوْلَا تذكر من ذكرت برامة ... مَا حسن قلبى للوى والاجرع)
(ريم بأجوبة الْعرَاق تركته ... قلق الوساد قرير عين المضجع)
(فى السِّرّ من سعد وَسعد هَامة ... رعناء لم تصدع وَلم تتضعضع)
مِنْهَا
(قَالَت وَقد طَار المشيب بلبها ... أنشبت فى حلق الْغُرَاب الابقع)
(وتلفتت وَالسحر رائد طرفها ... نَحْو الديار بمقلة لم تخشع)
(وَلكم بعثت الى الديار بمقلة ... رجعت تعثر فى ذيول الادمع)
(عرفت رسوم الدَّار بالمتربع ... فَبَكَتْ وَلَوْلَا الدَّار لم تتقشع)
وَله وهى من غرره
(أَرَأَيْت مَا صنعت يَد التَّفْرِيق ... أعلمت من قتلت بسعى النوق)
(رَحل الخليط وَمَا قضيت حُقُوقهم ... بمنى النُّفُوس وَمَا قضين حقوقى)
(عَلقُوا بأذيال الرايح ووكلوا ... للبين كل معرج بفريق)
(وغدوت أصرف ناجذى على النَّوَى ... واغص من غيظ الوشاة بريقى)
(هجروا وَمَا صنع الشَّبَاب بعارضى ... عجلَان مَا علق المشيب بزيقى)
(فكاننى والشيب أقرب غَايَة ... يَوْم الْفِرَاق كرعت من راووق)
(لَا راق بعدهمْ الْخِيَار لناظرى ... ان حن قلبى بعدهمْ لرحيق)
(لعب الْفِرَاق بِنَا فشرد من يدى ... ريحانتى صديقتى وصديقى)
(لله ليلتنا وَقد علقت يدى ... مِنْهُ بعطف كالقناة رَشِيق)
(عاطيته حلب الْعصير وصدنا ... عَن وَجه حاجبنا يَد التعويق)
(مَا كَانَ أسْرع مَا وحته وانما ... دهش السقاة بِهِ عَن الترويق)
(أيقظته وَاللَّيْل ينفض صبغه ... وَالسكر يخلط شائقا بمشوق)
(وَالنَّوْم يعبث بالجفون وَكلما ... رق النسيم قست قُلُوب النوق)
(والبرق يعثر بالرحال وللصبا ... وقفات مصغ للْحَدِيث رَفِيق)
(فأجابنى وَالسكر يعجم صَوته ... والكاس تضحك للثنايا الروق)
(لَوْلَا الرَّقِيب هرقت مضمضة الْكرَى ... وغصصت صَافِيَة الدنان بريقى)
(ثمَّ انثنيت وزلفه بيد الصِّبَا ... وشميمه فى جيبى المفتوق)
وَله
(آه يَا غُصْن النقا مَا أميلك ... جلّ يَا غُصْن النقا من عدلك)
(قد قضى لى بتباريح الجوى ... من قضى بالحب لى وَالْحسن لَك)
(أكل الْحبّ فؤادى بَعْدَمَا ... لاك منى مَا تمنى وعلك)
(هلك الشامى وجدا وأسى ... مَا يبالى يَا حياتى لوهلك)
(قل لى فِيك غراما وجوى ... قلل الله عذولا قللك)
(حكم الله لفودى على ... نُسْخَة الشيب وتسويد الحلك)
(أَترَاهُم قدرووا أى دم ... هرق الواشى على تِلْكَ الْفلك)
(يَا غراب الْبَين لَا كنت وَلَا ... كَانَ واش دب فيهم وسلك)
(أخذُوا منى وأعطوا مَا اشتهوا ... مَا كَذَا يحكم فِينَا من ملك)
(جرت فى الحكم على أهل الْهوى ... لَا تخف فالامر لله وَلَك)
(لَيْت شعرى أمليك فى الورى ... أَنْت يَا انسان عينى أم ملك)
(كم الدَّهْر علينا بالنوى ... هَكَذَا تفعل أدوار الْفلك)
وَله
(آه من داءين باد ودخيل ... وخصيمين مشيب وعذول)
(مَا على من طَال ليلى بعدهمْ ... لَو أعانونى على ليلى الطَّوِيل)
(عَاجل الْقلب اليهم ناظرى ... مَا أضرّ الْحسن بِالْقَلْبِ العجول)
(نادمت مِنْهُم بنانى ناجذى ... واستشاط الوجد فى اثر الحمول)
(وبأكناف الْمصلى غادة ... سنحت لى مسخ الظبى الجذول)
(عرضت شَرط المفدى فى مهى ... يتعثرن بأطراف الذيول)
(قد عرفنَا وَقْفَة الركب دجى ... فى سنا الْجور وأنفاس الْقبُول
(اذ شفيعى عِنْد لمياء الصِّبَا ... ورسولى خلسة اللحظ الكليل)
(نظرت نحوى ورقراق السنا ... يخطف الابصار عَن طرف كحيل)
(حكم الله لقلبينا على ... قلق القرط ووسواس الحجول)
(زَاد شوقى يَا حمامات اللوى ... عللينا ببكاء وعويل)
(أَنا أولى بنواح وبكا ... لَا يزالانى كوجدى وغليل)
(لَيْت شعرى والامانى ضلة ... هَل صبا نجد الى الغيد رَسُول)
(يَا صبا نجد وَمن لى لَو وعت ... رَجَعَ قولى أَو أصاخت لسؤول)
(أَنْت أدرى يَا هناتى بالجوى ... خبريهم يَا لَك الْخَيْر وَقَول)
(لَو رأى وَجه سليمى عاذلى ... لتفارقنا على وَجه جميل)
(بشرت سلمى عذولى بالنوى ... آه مِمَّا أودعت سمع العذول)
وَله
(كلينى لَهُم لَا ينَام ونامى ... فَمَا الشَّام ان ضَاقَتْ على بشام)
(وَمَا بى سوى أم رؤم وجيرة ... عزاز علينا يَا عثيم كرام)
(وَقد كنت قبل الْبَين جلدا على الاسى ... تطالبنى نفسى بكر مرام)
(لصوقا بأكباد الحسان محببا ... الى الغيد يحلو لى لَهُنَّ كلامى)
(يقودوننى قَود الجنيب الى الْهوى ... فَمَا لى منبوذ الى ذمامى)
(وفى الركب مَدْلُول اللحاظ الى الحشا ... يدافع عَن أترابه ويحامى)
(لقد كمنت أم المنايا بلحظه ... كمون المنايا فى شَفير حسام)
(يشايعه من آل كسْرَى ضراغم ... براثنهم عِنْد اللِّقَاء دوامى)
(يروحون والتيجان فَوق رؤوسهم ... أَلا رب تيجان زهين بهام)
(برزت لَهُم الحتف منى على شفا ... أرى الحتف خلفى تَارَة وأمامى)
(أوارب عَن صحبى وَأعلم أننى ... لاول مقتول لاول رامى)
(فناضلته والركب بَين مفوق ... وَآخر مقروح الجوانح دامى)
(أَصَابَت وَكَانَت لَا تصيب سهامه ... وطاشت وَكَانَت لَا تطيش سهامى)
(كَذَا الغيد يَا عثماء اما مجاهر ... واما ختول لَا يفى بذمام)
وَله
(لَا يتهمنى العاذلون على البكا ... كم عِبْرَة موهتها ببنانى)
(يَا من يفندنى على ابْنة وَائِل ... عَنى اليك فَغير شَأْنك شانى)
(آلَيْت لَا فتق العذول مسامعى ... يَوْمًا وَلَا خاط الْكرَى أجفانى)
(قَالَت عثيمة قد كَبرت عَن الصِّبَا ... مَا للكبيرة وصبوة الشبَّان)
(مَا الشيب الا كالقذاة لناظرة ... فقليله وَكَثِيره سيان)
(سلبت أساليب الصبابة من يدى ... صبرى وأغرت ناجذى ببنان)
وَله
(طرقت تخطى رَقَبَة الواشين بى ... وعيونهم مطروقة بكراها)
(وَأَنا وموار الْيَدَيْنِ نلوذ فى ... سجف الْغَمَام كأننا طنباها)
مِنْهَا
(هَل فى الْقَضِيَّة أَن يشايعك العدا ... فى لَيْلَة نَاجَيْت فِيك سهاها)
(هَب أَن للشامى فِيهَا بالسهى ... نسبا فَأَيْنَ هم وَأَيْنَ دجاها)
(لَيْت الَّتِى بعثت الى خيالها ... أَذِنت لعينى أَن تذوق كراها)
وَله غير ذَلِك مِمَّا لَا تنتهى بدائعه وَكَانَت وَفَاته فى نَيف وَتِسْعين وَألف
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.